المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زمن العولمة... وأنعدام الأخلاق


ثلوج الصيف
25-06-2009, 10:03 PM
لماذا نعامل بعضنا البعض بسوء؟
لماذا لا نراعي ظروف من نتعامل معهم؟
هل هناك سبب مقنع وراء معاملة بعضنا البعض بالسوء ؟
أسئلة تطرح نفسها كل يوم في هذا المجتمع الأكثر من صعب، مجتمع انعدمت فيه المبادئ و قلت فيه الشهامة و هذا يعني اندثار المروءة،لأن المروءة هي الخط الفاصل بين الأجود والأردأ...
وقد اختصرها التراث العربي بكونها "من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم". ولعلها هي ربط الأخلاق عامة وأصلها الثابت المتطاولة فروعه لعنان السماء.
ولعلنا جميعاً نعاني من أزمة نقصان المروءة، فإن حدثنا ترددنا في ذكر الحقيقة مخافة طاغ أو قلق على رزق قليل، أو مراوغة فربما كانت الحقيقة كشفا لمستور ما يخفيه أعظم وأدهى..
والمروءة هي أن تُعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، فلا تكذب وتستصغر عقولهم، ولا تظلم فتستغل ضعفهم، ولا تداهن فيكشفون جشعك وقلة مروءتك.

هذه الأزمة انعكست على تفاصيلنا بشكل مؤسف، فلم يعد الصدق عنوانا أصيلا لتفاصيلنا اليومية واعتدنا على أن نراوغ، وألا نقول خشية النهاية أو رغبة في ألا نظهر ملامحنا على حقيقتها.
فليس الساسة وحدهم من يتقن حيلة الأكاذيب والمراوغة، صار العامة يتعاملون بالأسلوب ذاته وبالقلق ذاته، حتى على مستوى الشارع، فلا أحد يفسح للآخر الطريق، أو يعتذر أو حتى يبادر بالمساعدة.
ولأن المروءة هي أساس الخُلق فقد غاب الخُلق وغابت المروءة، وكان لسان حال الجميع "نعتذر عن سوء أخلاقنا...فقد فقدنا المروءة، ولم نعد نعرف لها طريقا"!
وأسوأ ما يمكن أن يوصف بسوء الخلق أو بالأزمة الأخلاقية هو "الكذب" الذي نبعثره هنا وهناك، ونتهم من خلاله الآخرين في شرفهم وأمانتهم، وندعي أنهم خائنو أمانة، في الوقت الذي نتجنى على الآخرين فلا شيء أسهل من أن نقذف الآخرين ونخلع عليهم صفات هي مسكونة فينا، وندعي أنهم أسباب العلة وأصلها.
وليت الكذب يقف عند مواقف الادعاء والاتهام، إنه يذهب إلى أخطر من ذلك حين يصدق الكذاب كذبه، وينسى أنه تخلى عن مروءته ومزايا الأخلاق حين عمل على وهم الآخرين ونعتهم بما لا يستحقون، ناهيك عن خلط المسميات وتلوين القبيح بلون الجمال والعذوبة، وسرقة الإبداع والادعاء أنه المالك الحصري له، واللعب بثوابت الأخلاق واعتبارها شيئا من فعل قديم لا يستحق المباهاة، بل عليه أن يحاربه ويقتلعه من جذوره، لأنه لا يحتمل أن يكون هناك من لديه من المروءة الشيء الذي لا يستطيع هو اقتناءه.
مررتُ شخصياً في الأيام القريبة الماضية بتجربة مثيرة تمثلت في عبوري لحدود برية بين دولتين عربيتين وشد انتباهي وجود مكتب بالقرب من مكان الجوازات عليه لوحة عريضة مكتوب عليها(شكاوى سوء المعاملة) ورغبة بالفضول وظناً مني بخلو المكتب من المشتكين (خوفاً من الانتقام) وجدتُ طابور المشتكين كبيراً وطويلاً وهو ما يدل على منطقية فكرة وجود مثل هذا المكتب، وأيضاً له دلالة أخرى بأن المسؤولين قد عجزوا عن تعديل سلوك موظفي الجوازات والجمارك وسوء معاملتهم للعابرين فاقترحوا فتح مكتب لتلقي الشكاوى تنفيساً عن الناس حتى ولو لم يتخذ أي إجراء تجاه سوء معاملتهم..!!!

تُرى لو تم افتتاح مكاتب كهذه لدينا في بلادنا بالقرب من الدوائر الخدمية التي لها علاقة مباشرة بالجمهور فهل سنرى طوابير من الناس تشتكي سوء معاملة الموظفين لهم وهل سيؤخذ حق المواطن أو المقيم الذي أسيئت معاملته..؟؟ وهل ستكون وسيلة ناجعة للحد من تجاسر (بعض) الموظفين على إساءة معاملة المراجعين..؟؟ كل هذه الأسئلة وغيرها دارت في ذهني وأنا أقدّم جواز سفري للعسكري مقطب الجبين والذي يعتقد من يراه أن بينه وبين العابرين للحدود ثارات قديمة..!!! وبالفعل حين لاحظ خطأ بسيطاً في تعبئة بطاقة الخروج بدأ في تعنيفي ورفع صوته خصوصاً حين عرف (جنسيتي) لدرجة أنه لم يقبل اعتذاري حين أفهمته عفوية خطئي..!!! هذا ديدان (بعض) العرب وهذه أساليبهم في التعامل مع الآخرين وهو ما يُسيء إلى بلدانهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون ولهذا تم افتتاح مكـتب (ســوء المعاملة) ملاصـق لمكاتـب الجـوازات والجـمارك..!!!
لا أدري متى يُدرك الموظف العربي أنه حين (احتل) الكُرسي الذي يمارس عليه عمله فبسبب خدمة المراجعين لا أكثر وهو واجب تمليه عليه وظيفته التي يتقاضى من أجلها مرتبه الشهري إذ لا أعتقد أن أياً من الموظفين العموميين قد أتى لأداء خدمة تطوعية مجانية وحتى لو كان الأمر كذلك فلا يحق له الإساءة للناس ولا إهانتهم أو جرح مشاعرهم أو حتى تعطيل شؤونهم، وبالمقابل أقول إلى متى والمسؤولون عن الموظفين يدافعون عنهم ويقفون في صفهم بالرغم من تجاوزاتهم على الناس وهل للمفهوم الخاطئ في نُصرة (الأخ) ظالماً أو مظلوماً سبب في تواتر هذا النمط في سوء المعاملة وأنه أضحى (القاعدة) الثابتة وحُسن المعاملة وإنجاز أمور الناس هو الأمر الطارئ أو النادر..؟؟

كانت صناديق للشكاوى ثم أصبحت هواتف للشكاوى والآن مكاتب لتلقي شكاوى الناس ومازال الموظف يُسيء معاملة المراجع والمراجع هو الضحية دائماً إذاً هُناك خلل ما لا بد من دراسته بعناية فقد نكتشف أموراً غائبة عن الأذهان وإلا فالمكينة أفضل من مقابلة إنسان يتأثر بمشاكله فيفرغ مكنون نفسه على آخر لا ناقة له في الأمر ولا جمل.
خلاصة القول
وحدها الأخلاق هي عنوان الخلاص من كل أزماتنا الراهنة، وهي الفرس الكاسب إن كانت رهائنها الأقوى في هذا السباق المحموم من أجل لا شيء سوى مزيد من طمع وقلة أخلاق.


إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا



""نطلب من الله الهداية لكل من يعامل أخاه المسلم بسوء إنه سميع مجيب""

الوسام
26-06-2009, 02:34 AM
وحدها الأخلاق هي عنوان الخلاص من كل أزماتنا الراهنة، وهي الفرس الكاسب إن كانت رهائنها الأقوى في هذا السباق المحموم من أجل لا شيء سوى مزيد من طمع وقلة أخلاق
بارك الله فيك

ابو نايف
27-06-2009, 01:34 AM
ثلوج
بارك الله فيك على هذالموضوع الجميل
تسلمي ولا عدمناك لك ِ أجمل تحيه

الطيار
27-06-2009, 04:47 PM
ثلوج
بارك الله فيك على هذالموضوع الجميل
تسلمي ولا عدمناك لك ِ أجمل تحيه

ابو خالـــد
27-06-2009, 06:21 PM
يعطيك العافية ثلوج الصيف

موضوع رائع تشكرين عليه

فلك مني كل التقدير