المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقدير الذات بين التشخيص والعلاج


عبدالكريم الخلايله
20-05-2010, 08:48 PM
تقدير الذات
بين
التشخيص والعلاج

بقلم

عبدالكريم أحمد الخلايلــــــه

كثيرا ً ما نستخدم هذا المصطلح في أحاديثنا ودراساتنا فنقول فلان ٌ لديه " تقدير ٌ عال ٍ لذاته " أو فلان ٌ لديه " تقدير ٌ منخفض لذاته " فيا ترى ماالمقصود بـــ " تقدير الذات " ؟
التقدير الذاتي ببساطة ٍ : هو نظرة الفرد لنفسه ! كيف يراها ؟ وكيف ينظر إلى إمكانياته ؟ وكيف ينظر إلى طموحاته ؟ وكيف يوازن بين تلك الإمكانيات وتلك الطموحات ؟ ومن هنا تتشكل لدى الفرد مجموعة ٌ من الأحاســــيس والمشــــــاعر والإتجاهـــات نحو " نفسه " او نحو " ذاته ". فإذا تمكن الشخص من معرفة نفسه معرفة ً حقيقية ً ، فإنه سيصدر حكمه على نفسه من تلقاء نفسه ! وبالتالي فماهي نظرته نفسه تجاه نفسه ، فإذا كانت نظرته هذه " إزدراء ٌ " لهذه النفس ، فسيصاب بــ " الإحبــاط " و " الإنتكاسة " ، وعندها ستكون " الروح المعنوية " لديه ، في حدودها الدنيا !!! وهنا لن يكون قادرا ً على العطاء أوالإنتاجية بالشكل السليم ، وذلك بسبب إنعدام عامل " الثقة بالنفس " لديه . وإذا كان في نظرته لنفسه نوع من الإحترام ، فإنه سيكون مندفعا ً نحو العمل ونحو الإنجاز بروح ٍ معنوية ٍ عاليه .

إن نظرة الفرد لنفسه نظرة إيجابية ً تتجسد فيها معاني الإحترام ، والتقدير هي المحور الأساس لـــ " الثقة بالنفس " ، ففي مثل هذا المستوى سيشعر الإنسان بالراحة والطمأنينة أي الشعور بــ " الأمن النفسي " وبالتالي القدرة على العطاء ؛ والعطاء والإنجاز هما في حد ذاتهما حافز لمزيد من " إحترام الذات " أو " تقدير الذات ".

آخذين بعين الإعتبار أن لايربط الفرد" تقديره الذاتي لنفسه " بتقدير الناس له، فالناس قديتغيرون ، وقد يختلفون معه ، وقد يرحلون ، أما هو فهو الباقي أمام نفسه ، كما يجب أن لانقترب من حالة " المبالغة في تقدير الذات " فالمبالغة ستؤدي إلى " الغرور " فتقدير الذات المنخفض
أو تقدير الذات الذي يوصل إلى الغرور سيؤديان إلى نفس النتيجة ؛ فإما الإحباط ، او العدوانية ، او الشعور بعدم القبول من الآخرين أو الإنسحاب من الحياة الإجتماعية أو العملية ، وبالتالي الفشل في القدرة على العطاء والإنجاز . وهذا ما سيؤدي إلى الفشل في الحياة .

ولكن كيف يمكن للفرد أن يسعى إلى إيجاد معادلة متوازنة لـــ " تقدير الذات " بين حالة التشخيص و حالة العلاج . إذا ً لنترك الحلول الجاهزة
وننتهج أسلوب التساؤلات المثيرة للكوامن النفسية وتحريك المشاعر عند الفرد ، إحتراما ً لشخصيته وتفكيره وإعطاءه الفرصة للتفكير في وضع تصورات ٍ لمشكلته ، ثم وضع الحلول التي هو يرتأيها في عدة بدائل ، يسعى إلى تجريب كل بديل فإذا فشل فيه ، فعليه أن يتحرك بتفكيره نحو البديل الثاني ، إيمانا منا بقوله سبحانه وتعالى " لا يغير الله مابقوم ٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم " . فالفرد هو القادر على تشخيص حالته وهو القادر على وضع الحلول !!! ألم يقل المثل العربي " ما حك ّ جلدك مثل ظفرك " ولنبدأ بطرح هذه التساؤلات !

ـــ هل جربت أن تخلو بنفسك بعيدا عن كل المؤثرات ؟ هل لديك الإستعداد أن تذهب إلى مكان ٍ بعيد ٍ تجلس فيه لوحدك ومع نفسك ، كي تجرب فرصة التحدث مع نفسك ، وكأنك في حالة من التأمل الذاتي ؟

ـــ ألا يمكن أن تسأل نفسك : من أنا ؟ وأنا ماذا أريد ؟ ماهي إستعداداتي ؟ ماهي قدراتي ؟ ماهي طموحاتي ؟ هل يمكنني من مواجهة التحديات ؟

ـــ هل عندي الإستعداد لتقبل نفسي ؟ وتقبل غيري ؟ ولماذا ؟

ـــ هل يمكن أن أنجح في حياتي ؟ وبماذا ؟ وكيف ؟

ـــ هل وضعت لنفسي أهدافا ً أسعى لتحقيقها ؟ أم سأترك الأمور
للمصادفة والعشوائية ؟ هل المصادفة أو العشوائية ستفيدني ؟
إذن أين عقلي ؟ أين دوري ؟ وأخيرا ً أين أنا ؟ !!!!!!!

ــــ هل أنا راض ٍ عن نفسي ؟ وماهي درجة هذا الرضا ؟

ـــــ هل جربت أن أعمل ؟ هل نجحت ؟ ولماذا نجحت ؟ هل فشلت ؟ ولماذا فشلت ؟

ــــ هل أنا ممن يعيشون آمال الماضي وآماله فقط لأنه الماضي ؟ وهل أنا ممن يؤمنون بجلد الذات ؟

ــــ هل لدي القدرة على إستخدام تفكيري في مواجهة تحديات الحياة ؟ وهل أصلا ً عندي القدرة على التفكير وإستخدام هذا التفكير ؟

ـــ هل أنا لوحدي في هذه الحياة ؟ وهل أنا لوحدي الذي يكافح في هذه الحياة ؟

ــــ هل أستطيع أن اكون " فرديا ً " أم " إجتماعيا ً " ؟ كيف سأتفرد بسمات ٍ تميزني ؟ وكيف سأكون مجتمعيا ً أشارك الآخرين ؟ وهل يمكن الجمع بين الإثنتين ؟ نعم أستطيع !!!

ـــ ولم لا أكون " أنا " و" نحن " !! معا ً .


ــــ كم لدي من النقاط التي تتسبب لي في القوة ؟ وكيف لي أن أستثمرها؟
وكيف أعمل على تطويرها ؟ وكم لدي من النقاط التي تتسبب لي في الشعور بالضعف ؟ وكيف لي أن ألغيها من حياتي ؟ !

ــــ هل أنا قادر ٌ على وضع البدائل أو الحلول المتعددة لأجربها واحدة تلو الأخرى ؟ نعم أستطيع ذلك !! ولم لا ؟

ـــ هل أنا ممن يتعلمون من تجاربهم ؟ هل أنا ممن يتعلمون من تجارب الآخرين ؟ لماذا لا أستفيد من تجارب الحياة بكل تفاصيلها ؟ ومن أي مصدر ٍ كان ؟!

ـــ أليس لدي القدرة على العطاء والأخذ ؟ فكرا ً بفكر !! وتجربة بتجربة ٍ ، وسلوكا ً بسلوك ٍ ، واتجاها ً بإتجاه ؟ أي هل أنا قادر ٌ على تبادل الخبرات بالخبرات ؟! نعم أنا قادر !! ولم لا أكون قادرا ً على ذلك ؟

ـــ ياترى لو كل فرد ٍ إطلع َ على مصائب غيره !! فكيف ستكون نظرته لمصيبته ؟!!ألم يقل المثل " إللي بشوف مصايب الناس بتهون عليه مصيبته !!!! فمن أنا هنا ؟

ـــ ياترى ماذا يعني الشاعر عندما قال : ـ

" إذا ماعَلا المرءُ ، رام َ العُـلا ........ ويقـْنعُ بالدّون من كان دُونا "

ـــــ وماذا يهدف الشاعر من قوله : ـ

" ومن لا يحب صعود الجبال......... يعش أبد الدهر بين الحفر "

ــ إذا ً الآن سأبدأ ، في تشخيص وضعي وسأضع لنفسي عدة بدائل سأجرب ، وبعد كل تجربة سأسعى إلى التقويم ، نعم الآن سأبدأ .........فأنا قادر ٌ على التخطيط والتفكير وإيجاد الحلول .

( أبو ســـهـل )
21-05-2010, 11:22 AM
أبو أحمد
الف شكر لك على هذا الموضوع الرائع
من اجمل ما قرأت
لذلك دعا الإسلام إلى التأمل والخلوة مع النفس
ومن ذلك التأمل بالنفس البشرية من حيث خلقتها ومكوناتها وصفاتها وما إلى ذلك ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )
وكان كثير من السلف يمتدح الخلوة مع النفس ومحاسبتها ونهم عمر الفاروق رضى الله عنه
يعطيك الف عافية
تقبل أجمل التحايا وأعطرها

رابعة العدوية
21-05-2010, 09:36 PM
كم لدي من النقاط التي تتسبب لي في القوة ؟ وكيف لي أن أستثمرها؟
وكيف أعمل على تطويرها ؟ وكم لدي من النقاط التي تتسبب لي في الشعور بالضعف ؟ وكيف لي أن ألغيها من حياتي ؟ !


استاذي الكبير عبدالكريم

حفظك الله ورعاك كلام رائع وجميل ومؤثر ومن الاشياء التي أستفدتها بالتحاقي ببعض الدورات التطويريه هو أن تضع لك مفكره صغيره تسجل فيها بشكل يومي قبل النوم أهم انجازاتك لهذا اليوم ( دينية .. اجتماعيه وتشمل الأسره والأقارب والجيران والأقارب وغيرهم .. وظيفيه في مجال العمل والاقتصاد المالي .. شخصيه خاصه بك صحتك ثقافتك رياضتك غذائك )

وذلك من باب التحفيز والتشجيع وليس بالضروره ان تتم كلها في يوم واحد بل ربما بعضها حسب الأهميه وخاصه الدينيه

وتخصيص ورقه أخرى في المفكره لكتابة بعض جوانب القصور أو السلبيات التي وقعنا فيها لتلافيها والتقليل منها حتى تختفي مع الأيام

فعلا جربوها فإنها مفيده جدا جدا

أكرر شكري وتقديري لك استاذي الفاضل ونفع الله بك وبعلمك

البرق الخاطف
24-05-2010, 06:17 PM
الله يعطيك العافية والصحة الدائمة على هذا الموضوع

لك مني أجمل تحية .

ابو نايف
26-05-2010, 05:51 AM
استاذى الفاضل
بارك الله فيك
معلومات رائعه
سلمت يداك ولا عدمناك
لك اجمل التحايا واعطرها

عبدالكريم الخلايله
26-05-2010, 08:04 AM
الأخ أبو سهل يحفظك الله ُ

* كلما بحثت ُ وتعمقت ُ في موضوع " تقدير الذات " و " أهمية التأمل الذاتي " تشغل ُ ذهني تساؤلات ُ عديدة ٌ أهمها

هل فكر َ الناس لماذا إختلى الرسول ُ محمد عليه الصلاة والسلام في مرحلة ٍ ما في غار حراء ؟ وقبل أن أبين ما أريد أقول إن الرسول عليه السلام لا ينطق عن الهوى بمعنى أن خلوته ُ جاءت بأمر ٍ إلهي !!

** يقودني ذلك َ إلى التمعن بــ " الخلوة " وما أثرها على النفس ؟ ففي الخلوة ِ وفي التأمل ِ يحضر ُ الصفاء الذهني ! وتحضر لحظات الصدق مع النفس !

*** إن التأمل الذاتي والخلوة ُ تعطي الفرصة في تفريغ المشاعر ! وأيضا ً تحليل المشكلات بهدوء ٍ وصدق ٍ مع النفس ! وبالتالي وضع الحلول ِ حسب أولويات ٍ يقوم الإنسان بمفرده ِ بذلك في لحظات ٍ من الصفاء الذهني

*** سألني البعض ُ وهل يخلو الإنسان بنفسه في منطقة ٍ خضراء أو في منطقة ٍ صحراوية ٍ أيهما أنفع ؟!! فقلت ُ هذا يعتمد على طبيعة الإنسان ومدى إرتباطه بالمكان فهنالك من يحب الخلوة في بستان ٍ أخضر ٍ بعيد وهنالك من يذهب إلى جبل ٍ بعيد ٍ في منطقة ٍ جرداء ، وأنا شخصياً لا أفرق بين مظاهر الطبيعة فأينما هي ! وماهي ! تجدني مسرورا ً لأنني أعشق الطبيعة مع كل تناقضاتها

*** لا تضع المبررات مقدما ً بل حاول ثم حاول ثم حاول وجرب وافشل وجرب وافشل لاعيب َ في ذلك بل عليك أن تعرف لماذا فشلت في المرة ِ الأولى وفي المرة ِ الثانية وضع البدائل بنفسك ومع نفسك !! فــــ " ماحك َّ جلك َ مثل ظفرك " و " أهل مكة َ أدرى بشعابها "

**** الأخ أبو سهل أشكرك جزيلا ً وتقبل مني فائق التقدير والإحترام فمضمون مداخلتك موضع َ تقديرنا وإهتمامنا

الوسمي
01-06-2010, 10:40 AM
بارك الله فيك استاذنا الفاضل على هذا الموضوع الرائع
كتبت فأجدت القول
تحية تقدير لك

عبدالكريم الخلايله
03-06-2010, 01:52 PM
الوسمي

أشكرك جزيلا ً على مداخلتك اللطيفة ، فتقبل مني أطيب َ تحية

عبدالكريم الخلايله
15-01-2015, 10:15 AM
* رابعه العدويه

* البرق الخاطف

تشرفت بمطالعة مداخلتيكما الطيبتين ، فتقبلا مني كل الشكر والتقدير ، راجياً قبول إعتذاري عن التأخر في الرد