همام
08-05-2011, 12:45 PM
كلنا يعرف أنه يضرب المثل بندامة الكسعي للتعبير عن شدة الندم و لعلنا نذكر قصيدة الفرزدق حينما طلق زوجته نوار ثلاثا حيث قال:
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِـيّ لما== غدت مِنّي مُطَلَّقَـةً نَـوَارُ
وَكَانَتْ جَنّتي، فَخَرَجْتُ منها== كآدم حِينَ لَجّ بِهِ الضِّـرَارُ
وَكُنْتُ كفاقئ عَيْنَيْهِ عمدا== فأصبح مَا يُضِيءُ لَهُ النّهَارُ
وَلا يُوفي بحبِّ نَوَارَ عِنْدِي==،وَلا كَلَفي بهَـا إلاّ انْتِحَـارُ
وَلَوْ رَضِيتْ يَدايَ بهَا وقرت== لكان لهَا عَلى القَدَرِ الخِيَارُ
وَمَا فَارَقْتُهَا شِبَعاً، ولكن== رأيت الدّهْرَ يَأخُذُ مَا يُعَـارُ
فما هي ندامة الكسعي التي أشار إليها الفرزدق. سأحاول اختصار القصة لكي لا تمل.
يروى أن الكسعي كان رجل من أهل اليمن و كعادة العرب يعتبر الصيد جزء من حياتهم، فوجد نبتة طيبة معروفة فتعاهدها بالسقيا لكي يصنع منها قوسا يصطاد به و اخذ ذلك منه وقتا و جهدا ليسا بالقليل. بعد أن كبرت و نضجت، قطعها و صنع منها قوسا و شد به وترا و أنشد يقول:
يا ربِّ وفقني لنحتِ قَوْسي
فإنّها من لَذَّتي لنفسي
وانْفع بقوسي ولدي وعِرسي
انحتُها صفراءَ مثل الوَرْسِ
صلداءَ ليست بقسِيِّ النُكْسِ
و برا من أغصانها خمسة أسهم و أنشد يقول محتفيا بها:
هنَّ وربي أســــــــهمٌ حِـسانُ
يَلَذُّ للرامي بها البَنــــــــــــانُ
كأنما قوَّمها مــــــــــــــــيزانُ
فأبشروا بالخِصْبِ يا صــبيانُ
إن لم يَعُقْني الشُّؤْمُ والحِرمانُ
ثم إنه كمن في الليل لظباء ترد ماءً تشرب منه، فرمى الأول منها فأصاب ظبيا و من جودة السهم و قوته نفذ من الظبي و اصطدم بالجبل فأصدر شررا. ظن الكسعي أن الشرر ظهر لأنه أخطأ الظبي و لم يعلم أنه أصاب الظبي فأنشأ يقول:
أعوذُ باللهِ العزيزِ الرحمنْ
من نَكَدِ الجَدِّ معاً والحِرمانْ
مالي رأيتُ السهمَ بين الصَّوَّانْ
يُوري شراراً مثلَ لونِ العِقْيانْ
فأَخْلَفَ اليومَ رجاءَ الصبيانْ
ثم رمى بالثاني قطيعا آخر و حصل معه مثل الأول حيث أصاب الظبي و من قوة السهم نفذ من جسد الظبي الى الجبل و أصدر الشرر. ظن الكسعي مرة أخرى أنه اخطأ الظبي فأخذته الحسرة و أنشأ يقول:
لا بارك الرحمن في رمي القُتَرْ
أعوذُ بالرحمن من شرِّ القَدَرْ
أنمخطَ السهمُ لإِرهاقِ الضَّرَرْ
أم ذاكَ من سوءِ احتيالِ ونَظَرْ
ثم رمى الثالث على قطيع ثالث و حصل له ما حصل مع الأولين فأنشد يقول:
يا أسفا والشؤمُ للجَدِّ النَّكِدْ
أخلفَ ما أرجو لأهلٍ وَولَدْ
ثم حدث للسهم الرابع عندما رمى القطيع الرابع ما حدث لما قبله فأنشد يقول و هو متحسر:
ما بالُ سهمي يُوقِدُ الحُباحِبا
قد كنتُ أرجو أنْ يكونَ صائِبا
وأمكنَ العَيْرُ وأبدى جانِبا
فصارَ رأيي فيه رَأْياً خائِبا
و بلغ بالكسعي الأسى و الضجر مبلغه عندما فعل الخامس ما فعل الذي قبله و كلها يظن الكسعي أنه لا يصيب و هو في الحقيقة يصيب فأنشد يقول:
أبعد خَمْسٍ قد حفظتُ عدَّها
أحملُ قوسي وأريد رَدَّها
أخزى الإِلهُ لِينَها وشدَّها
واللهِ لا تسلُم مني بعدَها
ولا أُرَجَّي ما حَييتُ رِفْدَها
فأخذ قوسه و هو غاضب و كسرها، فلما أصبح هاله أنه وجد أن أسهمه كلها قتلت خمس ظباء و أنها كانت تصيب و لا تخطئ فندم على استعجاله بكسر قوسه و يقال أنه قطع أبهامه من شدة الندم و أنشد يقول:
نَدِمْتُ ندامة ً لو أنّ نفسي== تُطاوعني إذاً لقطعتُ خَمْسي
تبيَّنَ لي سَفَاهُ الرأيِ مني== لَعَمْرُ أبيك حينَ كسرتُ قوسي
فصار المثل يضرب بندامة الكسعي للدلالة على شدة الندم.
إلى اللقاء
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِـيّ لما== غدت مِنّي مُطَلَّقَـةً نَـوَارُ
وَكَانَتْ جَنّتي، فَخَرَجْتُ منها== كآدم حِينَ لَجّ بِهِ الضِّـرَارُ
وَكُنْتُ كفاقئ عَيْنَيْهِ عمدا== فأصبح مَا يُضِيءُ لَهُ النّهَارُ
وَلا يُوفي بحبِّ نَوَارَ عِنْدِي==،وَلا كَلَفي بهَـا إلاّ انْتِحَـارُ
وَلَوْ رَضِيتْ يَدايَ بهَا وقرت== لكان لهَا عَلى القَدَرِ الخِيَارُ
وَمَا فَارَقْتُهَا شِبَعاً، ولكن== رأيت الدّهْرَ يَأخُذُ مَا يُعَـارُ
فما هي ندامة الكسعي التي أشار إليها الفرزدق. سأحاول اختصار القصة لكي لا تمل.
يروى أن الكسعي كان رجل من أهل اليمن و كعادة العرب يعتبر الصيد جزء من حياتهم، فوجد نبتة طيبة معروفة فتعاهدها بالسقيا لكي يصنع منها قوسا يصطاد به و اخذ ذلك منه وقتا و جهدا ليسا بالقليل. بعد أن كبرت و نضجت، قطعها و صنع منها قوسا و شد به وترا و أنشد يقول:
يا ربِّ وفقني لنحتِ قَوْسي
فإنّها من لَذَّتي لنفسي
وانْفع بقوسي ولدي وعِرسي
انحتُها صفراءَ مثل الوَرْسِ
صلداءَ ليست بقسِيِّ النُكْسِ
و برا من أغصانها خمسة أسهم و أنشد يقول محتفيا بها:
هنَّ وربي أســــــــهمٌ حِـسانُ
يَلَذُّ للرامي بها البَنــــــــــــانُ
كأنما قوَّمها مــــــــــــــــيزانُ
فأبشروا بالخِصْبِ يا صــبيانُ
إن لم يَعُقْني الشُّؤْمُ والحِرمانُ
ثم إنه كمن في الليل لظباء ترد ماءً تشرب منه، فرمى الأول منها فأصاب ظبيا و من جودة السهم و قوته نفذ من الظبي و اصطدم بالجبل فأصدر شررا. ظن الكسعي أن الشرر ظهر لأنه أخطأ الظبي و لم يعلم أنه أصاب الظبي فأنشأ يقول:
أعوذُ باللهِ العزيزِ الرحمنْ
من نَكَدِ الجَدِّ معاً والحِرمانْ
مالي رأيتُ السهمَ بين الصَّوَّانْ
يُوري شراراً مثلَ لونِ العِقْيانْ
فأَخْلَفَ اليومَ رجاءَ الصبيانْ
ثم رمى بالثاني قطيعا آخر و حصل معه مثل الأول حيث أصاب الظبي و من قوة السهم نفذ من جسد الظبي الى الجبل و أصدر الشرر. ظن الكسعي مرة أخرى أنه اخطأ الظبي فأخذته الحسرة و أنشأ يقول:
لا بارك الرحمن في رمي القُتَرْ
أعوذُ بالرحمن من شرِّ القَدَرْ
أنمخطَ السهمُ لإِرهاقِ الضَّرَرْ
أم ذاكَ من سوءِ احتيالِ ونَظَرْ
ثم رمى الثالث على قطيع ثالث و حصل له ما حصل مع الأولين فأنشد يقول:
يا أسفا والشؤمُ للجَدِّ النَّكِدْ
أخلفَ ما أرجو لأهلٍ وَولَدْ
ثم حدث للسهم الرابع عندما رمى القطيع الرابع ما حدث لما قبله فأنشد يقول و هو متحسر:
ما بالُ سهمي يُوقِدُ الحُباحِبا
قد كنتُ أرجو أنْ يكونَ صائِبا
وأمكنَ العَيْرُ وأبدى جانِبا
فصارَ رأيي فيه رَأْياً خائِبا
و بلغ بالكسعي الأسى و الضجر مبلغه عندما فعل الخامس ما فعل الذي قبله و كلها يظن الكسعي أنه لا يصيب و هو في الحقيقة يصيب فأنشد يقول:
أبعد خَمْسٍ قد حفظتُ عدَّها
أحملُ قوسي وأريد رَدَّها
أخزى الإِلهُ لِينَها وشدَّها
واللهِ لا تسلُم مني بعدَها
ولا أُرَجَّي ما حَييتُ رِفْدَها
فأخذ قوسه و هو غاضب و كسرها، فلما أصبح هاله أنه وجد أن أسهمه كلها قتلت خمس ظباء و أنها كانت تصيب و لا تخطئ فندم على استعجاله بكسر قوسه و يقال أنه قطع أبهامه من شدة الندم و أنشد يقول:
نَدِمْتُ ندامة ً لو أنّ نفسي== تُطاوعني إذاً لقطعتُ خَمْسي
تبيَّنَ لي سَفَاهُ الرأيِ مني== لَعَمْرُ أبيك حينَ كسرتُ قوسي
فصار المثل يضرب بندامة الكسعي للدلالة على شدة الندم.
إلى اللقاء