المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لك سيدتي


ابو نايف
01-11-2007, 04:40 AM
الأسـباب التي تدعـو الفتاة أو المرأة إلى الالتزام بالحـجاب ( الستر الشرعي ) كثيرة ، فليست كلّ محجّبة أو مستترة هي حقّاً إمرأة مؤمنة بهذا الضابط الشرعي للعفّة .
ولقد تحدّث بعض الكتّاب عن تصنيف المحجّبات على ضوء الدافع الذي يقف وراء التزامهنّ بالحجاب .
فالبعض اعتبر الدافع اجتماعياً ، وهو خشية الملتزمة بالستر من أن تكون غرضاً لكلام الناس . أو أ نّها تقوم بعملية تقليد إلزامية للمجتمع الذي يأخذ بأسلوب الستر ، فهي ملتزمة لا عن إيمان وقناعة بل عن تقليد ومحاكاة .
والبعض الآخر اعتـبر الدافع ذاتياً ، وهو حبّ الظهور وجذب الأنظار .
واعتبره آخرون ازدواجية في الشخصية ، أي أنّ هناك تناقضاً بين المحتوى الداخلي لشخصية المحجّبة ، وبين ما يضفيه الشكل الخارجي ، أو يحدثه من انطباع بالايمان والالتزام بالحشمة . أي أنّ المحجّبة تقوم بعملية تمويه ، فهي في الخارج مستترة ، وفي الداخل مخالفة للاسلام في كلّ شيء ، أو في أشياء كثيرة .
ونظر إليه آخـرون نظرة اقتصـادية ، فاعتـبروه لوناً من ألوان الاشتراكية ، وإلغاءً للفوارق الطبقية .
واعتبره قسم آخر تعبـيراً عن صدمة عاطفية ألجأت الفتاة أو المرأة المصابة بالصّدمة إلى اتخاذ الحجاب أسلوباً احتجاجياً ، أو ردّة فعل لما تعانية من صدمة ، أو ما تشعر به من حالة إحباط شديد .
واعتـبره آخرون حالة من حالات التصوّف والانعزال ، وربّما الانغلاق في شعور الفتيات المحجّبات ـ حسب أصحاب هذا الرأي ـ أنّ طبيعة الحياة المعاشة لا تُبشِّر بالأمل والسعادة ، فلا بدّ من العودة إلى الايمان .
وهناك المحجّبة المنطلقة في سترها من منطلق إيماني راسخ ، وشعور حقيقي بالانتماء للاسلام ، والتزام واع بمقرّرات الشريعة الاسلامية ، ومعرفة بضرورة تحصين المجتمع بالعفّة والاحتشام .
ويجمع أصحاب هذه الآراء على أنّ المظهر لا يمكن اعتماده دليلاً وحيداً على نقاء الداخل وطهارة السريرة ، فقد تتحجّب الفتاة أو المرأة ، ولكن سلوكها العام لا يوافق ما ترتديه من زي اسلامي ولا يدلّ على معناه .
ومع أ نّنا مأمورون إسلامياً أن نأخذ بظواهر الأمور ، لكنّ مناقشة هذه الآراء ستعين على مواجهة الشبهات التي تُثار ضدّ الستر الشرعي ( الحجاب ) وتدفع إلى التمسّك والالتزام به أكثر فأكثر .
فبالرغم من أنّ خشية الفتاة من كلام الناس ونقـدهم يُعدّ عاملاً مساعداً من عوامل الحفاظ على أجواء العفّة ، ولا بدّ من مراعاته تجنّباً للخدش في سـمعتها ، إلاّ أ نّنا يمكن أن نعتبر الالتزام بالحجاب سواء بسبب التقليد الاجتماعي للاُمّهات أو الجدّات أو النساء المؤمنات ، أو الخوف من ألسِنة الناس ، لا يمكن أن يصمد طويلاً .
فعندما تتعرّض الفتاة لأوّل حالة اهـتزاز أو ضغط عنيف ، فإنّها يمكن أن تتخلّى عن حجابها ، أو في الأقل تتساهل فيه ، لأنّها أساساً لم تنطلق من قناعة ذاتية أو فكرية أو تشريعية للالتزام به .
وأمّا الصنف المتناقض الذي يبدو في الخارج ملتزماً ، وفي الداخل بعيداً عن الالتزام ، فإنّ الفتاة من هذا الصنف إنّما تقوم بعملية تجزئة للإلتزام وللإيمان ، فهي تراهُ شكليّاً ، ولذا فهي تلتقي مع الفتاة الاُولى في التخلِّي عن حجابها إذا دعتها الظروف الخارجية الضاغطة ، أو البقاء عليه رغماً عنها .
فالالتزام إذاً كلّ متكامل ، سواء في الداخل أو في الخارج . والعفّة النفسية والسلوكية أهمّ بكثير من العفّة المظهرية ، بل هي التي تعطي زخماً لعفّة الشكل لكي يكون فاعلاً مؤثِّراً ، بل وقادراً على المقاومة .
ولا يخفى أنّ الفتاة التي تتظاهر بالالتزام بالستر وتخالفه في واقعها الحياتي ، إنّما تقدِّم بذلك نموذجاً سيِّئاً للفتاة أو المرأة المسلمة ، فهي فتاة منافقة تتقيّد بالشكل وتهمل الجوهر .
وأمّا تلك التي تحجّبت حبّاً في الظهور ولأجل أن تتجه الأنظار إليها ، لأنّها تعيش في مجتمع يسود فيه الالتزام والمحافظة على العفّة ، ولذا فهي تخشى من عدم الزواج ، إلاّ إذا كانت محجّبة ، فهي تندرج تحت عنوان الالتزام السطحي بالحجاب الذي لا يرمز إلى عُمق إيماني ، ولا يُعبِّر عن حالة روحية تنعكس في السلوك عفّة واحتشاماً .
وأمّا اعتبار الحجاب حالة من التصوّف والانعزال ، احتجاجاً على واقع الحياة المزري والمتردِّي، فقد يكون ظاهر هذا الرأي الحق وباطنه الباطل .
فأن تعتزل الفتاة حالة الانهيار الأخلاقي والفحش والفساد ، وتركن إلى ما يقيها من مهاوي الانفلات والانزلاق ، أمر تُحمَد عليه ، وهي من الصنف الملتزم المحتشم عن قناعة ووعي وإيمان .
وأمّا أن تصـبح في حالة من حـالات الانكـماش والانغـلاق عن المجتمع ، فلا تمارس دورها الاجتماعي والعملي والرسالي بسبب ذلك ، فإنّ هذا ممّا لم يقل به الاسلام .
أمّا أولئك الذين يعتبرون الزيّ الاسلامي ينطوي على اشتراكية وتكاليف أقلّ وتذويب للفوارق الطبقية ، لأ نّه يوحِّد الشكل أو المظهر من حيث اللباس الخارجي على الأقل ، فحتى على فرض أنّ النتيجة كانت كذلك بحيث تتقلّص الفوارق ويكون هناك نوع من التضامن بين لابسات الزيّ الواحد أو الموحّد ، فإنّ هدف المشرِّع الاسلامي أعمق من ذلك ، إذ يمكن اختراق هذه المحصّلة بالأقمشة التي تُصنع منها حجابات ونقابات المرأة من حيث الرخص والغلاء ، وبالتالي فكلّه ستر شرعي . فالمسألة ليست اقتصادية بالدرجة الاُولى بقدر ما هي المحافظة على الجوّ الاجتماعي والنفسي والروحي عفيفاً نظيفاً .
وأمّا اعتبار الحجاب في بعض الحالات تعبيراً عن صدمة عاطفية في نفسية الفتاة كانفصال الأب عن الاُم ، أو وفاة أحد الأعزّاء في الاُسرة ، فلا تجد مهرباً من صدمتها سوى التقرّب إلى الله بالزهد والحجاب ، كما يعبِّر بعض أطبّاء علم النفـس ، فإنّ حالة الالتزام هنا طارئة سوف تزول بزوال السبب المؤثِّر ، وسرعان ما تعود الفتاة إلى وضعها السابق .
يقول طبيب نفسـاني : «وقد صادفتني عدّة حالات تتحجّب فيها المرأة مع بداية المرض النفسي ، وعند شفائها من المرض تخلع حجابها وتعود إلى طبيعتها، والعكس صحيح، وبعض المحجّبات يخلعن الحجاب عندما يبدأ المرض ، وبعد شفائهنّ يعدنَ إلى لبس الحجاب».
وإذا كان تشخيص الحالة صحـيحاً ، فإنّها كأيّة حالة مرضيّة خاضعة لمدّة المرض وشدّة تأثـيره ، ولا يمكن اعتبار حجاب من هذا النوع حجاباً إسلامياً ثابتاً ، لأنّ الدوافع التي دفعت إليه نفسية قلقة .
ويبقى الصنف الأخير هو الأهم ، وهو الصنف الذي ركّزنا حديثنا عليه في هذا الكُتيِّـب . وهو المثال الذي نتمـنّى على فتياتنا وبناتنا ونسائنا الالتزام به للدواعي الكثيرة التي تقدّم ذكرها .
لكنّنا ـ كفتيات ملتزمات بالحجاب أو على أهبة الالتزام به ـ يجب أن لا يخفى عليـنا أنّ بعض مَن يصنِّفون المحجّبات بهذه التصنيفات يحاولون الطّعن بالسّتر الشرعي من خلال هذه الاعتبارات .
وعلينا أن لا نعتبر كلّ فتاة سافرة ساقطة خلقياً ، فقد تكون نشأتها أو ظروفها الخاصّة هي التي أجبرتها على ذلك ، وقد تكون مستعدّة لإصلاح أمرها إذا توافرت الأجواء المناسبة أو القناعات اللاّزمة .
كما يمكن الإفـادة من حجاب أيّة محجّبة لأسـباب غير شرعية ، كمقدّمة لإقناعها بالالتزام به دائماً ، فقد يُعبِّر ذلك عن استعداد للالتزام بالعفّة والحشمة والحياء ، وخطوة أولى على الطريق الصحيح

علي الميموني
02-11-2007, 01:51 PM
يعطيك الف عافيه اخي الكريم ابا نايف موضوع جميل تقبل مروري