المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يحكى أن (25)


همام
10-02-2013, 09:57 AM
يحكى أن أحد الملوك كان يشعر بالضيق فسأل أحد الحكماء كيف يحصل على السعادة فأخبره الحكيم بأنه لابد أن يلبس ثياب رجل سعيد لكي يشعر بها فأرسل وزيره لكي يبحث عن رجل سعيد فيلبس ثيابه فبدأ الوزير يبحث عن رجل سعيد فبدأ بالوزراء و هو يسأل كل من يجد إن كان سعيداً أم لا فتفاجأ الوزير بأنهم كلهم لا يشعرون بالسعادة فنزل إلى من تحتهم من التجار و الوجهاء فلم يجد بغيته فنزل إلى عامة الناس حتى وجد في أطراف المدينة رجل فقير و عندما سأله الوزير إن كان يشعر بالسعادة أجابه بنعم ففرح الوزير بذلك و طلب منه أن ينزع ثوبه لكي يأخذه فأخبره الفقير أنه ليس عنده غيره فرجع الوزير إلى الملك ليخبره و ليأخذ ثوبا آخر لهذا الفقير فقال الملك لا داعي فقد وصلت رسالة الحكيم الذي أراد أن يخبرني أن السعادة ليست في الملك و لا المال.



السعادة أيها الإخوة اسم جميل رنان يتمناه كل الناس مسلمهم و كافرهم أبيضهم و أسودهم و لكن الناس يختلفون في تعريفها و أسباب الوصول إليها و لعل أقرب تعريف لها هو الشعور بالرضا فقد يكون أحدهم في رغد من العيش و ليس راضياً فلا يكون سعيدا و يكون الآخر في ضيق من العيش إلا أنه راض فيشعر بالسعادة.



إن مقومات السعادة كثيرة و ليست واحدة إذا تحققت وصلت إلى السعادة مباشرة و تختلف حسب قناعة الإنسان و مفاهيمه و قد لا يكفي سبب واحد و إنما هي منظومة من الأسباب مجتمعة و لعلي أذكر بعض هذه الأسباب و هي محض اجتهاد فقد يكون هناك غيرها كثير و هي للتمثيل لا للحصر :-



و أول هذه الأسباب هو تقوى الله عز و جل فهي السعادة الحقيقية و إن كان قد يبدو في ظاهرها الشقاء و قد صدق الشاعر في قوله:-



و لست أرى السعادة جمع مال == و لكن التقي هو السعيد



و أصدق من ذلك قوله تعالى ( و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) و قد ورد في الحديث (يؤتى بأنعم أهل الدنيا، من أهل النار ، يوم القيامة . فيصبغ في النار صبغة . ثم يقال : يا ابن آدم ! هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا . والله ! يا رب ! ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا ، من أهل الجنة . فيصبغ صبغة في الجنة . فيقال له : يا ابن آدم ! هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا . والله ! يا رب ! ما مر بي بؤس قط . ولا رأيت شدة قط) رواه مسلم



و ثاني هذه الأسباب هو القناعة فإنه كما قيل القناعة كنز لا يفنى و لو وطن كل واحد منا نفسه على القناعة بما قسم الله لشعر براحة بال و سعادة و طمأنينة أفضل من الذي يرى في أيدي الناس و قد يكون سببا في شقائهم و في نظري- و الله أعلم بذلك- أن مجموع نعم الله على الناس متساوية لكن يعطى الناس منها على نسب متفاوتة فقد يعطى أحدهم من المال لكن لا يعطى من الجمال و قد يعطى أحدهم من الذكاء و لا يعطى من الولد فإذا رأيت غيرك يتميز عنك بإحدى النعم فاعلم أنك تتميز عليه بنعم غيرها و عليه فإن الرضا و القناعة تورث السكينة و الطمأنينة و السعادة.



و ثالث هذه الأسباب هو الإحسان إلى الخلق و فعل الخير المتعدي و هذا مجرب فإن إدخال السرور على الآخرين ينعكس إيجاباً عليك فيدخل السرور إلى قلبك و هذا هو ما يدعو بعض الكفار إلى بذل الوقت و المال في الإغاثة و العمل التطوعي فإذا استثنينا الدافع التبشيري عند المتدينين منهم فإن الدافع للبقية هو البحث عن إرضاء النفس أو ما يعرف ب


(Self satisfaction)


و ينبغي أن نشير إلى أن المسلم لا يرضى أن تكون الدنيا هدف لأي عمل يقوم به فهو يعمل للآخرة لكن نيل السعادة الدنيوية يأتي تبعا لذلك. إن من أهم من ينبغي الإحسان إليهم هم الوالدين و الأقربين و ذلك لعظم حقهم و لا يتصور عقلا و لا شرعاً أن نطلب من أي أحد أن يحسن إلى الناس و أقرب الناس إليه لا يأتيهم من ذلك شيء.



إنه لا ينكر أن الرفاهية المادية مع وجود العوامل الأخرى مما يبعث على السعادة فقد روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء . وأربع من الشقاء : المرأة السوء ، والجار السوء ، والمركب السوء ، والمسكن الضيق ) والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع فلا بأس أن يسعى الإنسان لأن تكون حياته في رفاهية غير مفرطة و لا مؤثرة على الجوانب الأخرى فكما أن الإسلام ليس دين رهبانية و تبتل فإنه ينهى أن تطغى المادية على حياة المسلم.



أعتقد أن الأسباب الجالبة للسعادة كثيرة و لم يكن الهدف من هذا المقال هو استيعابها كلها و يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق و هناك رسالة قصيرة في حجمها كبيرة في فائدتها للشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله اسمها :- الوسائل المفيدة للحياة السعيدة و كتاب دايل كارنيجي: دع القلق و ابدأ الحياة و لمن أراد المطولات فكتاب : لا تحزن للشيخ عائض القرني و قد قرأت عنه و لم اقرأه.



اسأل الله أن يرزقني و إياكم السعادة في الدارين و أن يرزقنا الأنس به سبحانه فإن من وجد الله وجد كل شيء و من كانت له الأخرى فقد كل شيء.


إلى اللقاء

المعتصم بالله
10-02-2013, 08:58 PM
السعادة نقاء الضمير والإرادة الخيرة التى تجعل صاحبها مطمئنا
واثقا بنفسه متجها إلى الله سبحانه وتعالى فى أقواله وأفعاله.
السعادة فى التعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
السعادة تواضع وقيمة وعشرة طيبة بين الإنسان والآخر.
طبت وطاب ممشاك .

كل شي ماشي
10-02-2013, 09:19 PM
يعطيك العافيه على هذا الطرح وسلمت يدك

همام
16-02-2013, 03:06 PM
المعتصم بالله
كل شيء ماشي

أشكركما على المرور و التعليق

ابو نايف
17-02-2013, 05:24 AM
السعادة في التقوى فمن اتقى نجا .
فقلب التقي نقي يعلم أن الحياة ليست ابدية وأن الخسارة ورائها ربح مدخر
فهو يعمل بلا ملل ولا كلل وكما قال ربي (....إن خير الزاد التقوى)
قلب التقي يضحك رغم معكرات الحياة لا يبالي بها فقد رزق بتقواه قوة المواجهه وقوة التحمل.

بارك الله فيك اخي همام
دمت في حفظ الرحمن

طيف
18-02-2013, 06:57 AM
شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥


جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥


ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر

همام
02-03-2013, 09:01 AM
أبو نايف
طيف
أشكركما على المرور و التعليق