بين نبيين
قيل فيما مضى: من عاش و لم يولد له لم يعرف الهم، و من مات و لم يولد له لم يذق طعم السعاده. هكذا الابناء، هم من أعظم نعم الله على العبد ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) و لكن تربيتهم تحتاج جهد و صبر، فهذه وصية الله لإسماعيل عليه السلام ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) فلا يكفي الأمر بل لابد معه من صبر.
قد يبتلي الله المسلم بولد عاص عاق يكدر عليه صفو حياته و تتحطم عنده آماله. يلجأ البعض إلى طرد ابنه من البيت ظنا منه أنه بذلك يصلحه أو ينتصر لنفسه أو - كما يظن- ينتصر لربه، و لا يعلم أنه بذلك أسلمه لأهل الشر لكي يزيدوا فساده، فلو كانت المشكله في التدخين فسيجد المخدرات تنتظره، و لو كانت المشكلة في صلاة الفجر فسيجد من يهون عليه ترك الصلاة بالكليه. لقد ابتلى الله اثنين من أنبياءه بأبناء عاقين ،فكيف كان تعاملهما معهم. أرسل الله نبيه نوح- عليه السلام- إلى قومه بتوحيد الله و نبذ عبادة الأصنام. كان ولده من الذين كذبوا رسالته، فكتب الله أن لا يركب في سفينة النجاة عندما بدأ الطوفان. تحرك حنان الأبوة عند نوح -عليه السلام -عندما أيقن بغرق ابنه فناداه بكل لطف و حنان (ٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ) فلم يأمره بالإيمان وقتها و إنما أراد أن ينقذه لعل الله أن يهديه فيما بعد، و قد استخدم معه أرق عباره رغم أنه كافر معاند، و دليل ذلك أنه لم يستجب إلى نداء الحنان فقال (َ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ) فكرر عليه النداء ( لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ) و شاء الله أن يكون مع الهالكين. الشاهد في الموضوع، أن نوح- عليه السلام- كان إلى آخر لحظة ينادي ابنه بأرق و ألطف عباره حرصا منه على نجاته. نبي آخر ابتلاه الله بعقوق ابنائه. إنه يعقوب -عليه السلام- و أي عقوق أعظم من تآمرهم على أحب ابناءه إليه بالقتل ثم بالتغييب في البئر. لم تنطلِ القصة على يعقوب- عليه السلام- و لم يصدق سيناريو أكل الذئب ليوسف -عليه السلام- لكن مع هذا الجرم لم يذكر القرآن أنه طردهم أو اساء معاملتهم مع يقينه بأنهم مجرمون حيث قال (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ) و استمر في معاملتهم بالحسنى حتى في خطابه المتكرر ( يَا بَنِيَّ) على وجه الجمع، بل صفح عنهم عندما تبين له عظيم جرمهم و وعدهم بالاستغفار لهم. الخلاصة من حادثتي النبيين الكريمين أن الإنسان يصبر على ابنه العاق العاصي و لا يطرده من البيت و يدعو له و يعامله بالحسنى و يستمر في نصحه لعل الله أن يهديه، لأن السب و الشتم و الطرد لا يزيد الامر الا تعقيدا. سمعت من أحد الدعاة أن أحد الآباء ابتلي بابناء لا يصلون، بل كان فيهم من لوثة الإلحاد أيام المد الناصري و الشيوعي، فكان هذا الأب يدعو لهم بحرقة، و مات و هم على حالهم، ثم منَّ الله عليهم بالهدايه، يقول : فسافرت معهم بعد مدة إلى مدينة أخرى لحضور عزاء قريب لنا جميعا، و سكنا في شقة واحده، فرأيتهم كلهم يقومون الليل. انظروا، لم يذهب دعاء ابيهم سدى حتى و لو لم ير أثره في حياته. و في إحدى المحاضرات قام أحدهم يشتكي للشيخ ان ابنه لا يصلي الفجر في المسجد، فقام رجل كبير في السن و سأل الرجل قبل ان يجيب الشيخ: هل عنده مشاكل أخرى غير هذه؟ فقال: لا، فقال الرجل الكبير: لو أن هذا عندي لقبلت رأسه. ليس هذا تهوين من صلاة الفجر، لكن المقصود أن ينظر للحال بشكل شمولي. إن تربية الابناء أمانة و مسئولية عظيمة و كثير من انحرافات الابناء بسبب تفريط الاباء ابتداء، ثم إذا وقع الانحراف تعاملوا معه بأسلوب غير شرعي و غير حكيم، فيزيد الانحراف و يصبح علاجه أصعب. اسأل الله أن يصلح ذرياتنا و أن يجعلنا للمتقين إماما |
بارك الله فيك وزادك علماً موضوع يغفل عنه الكثير الكثير اسال الله لهم الهدايه وان يجعلنا من الصابرين على تربيتهم يعطيك العافيه |
مبدع يالغالى انا وقلمى نقف احتراما لك ولقلمك واشد على يديك لهذا الابداع دمت لنا ودام عزك ومجدك ولك خالص تحياتى |
ولنا في الانبياء قدوه بارك الله فيك اخي همام موضوع رائع ومفيد لك اجمل التحايا واعطرها |
|
الساعة الآن 06:12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir