منتديات آل حبه

منتديات آل حبه (http://www.alhebah.com/vb/index.php)
-   منتدى التراث الشعبي والقصص والروايات (http://www.alhebah.com/vb/forumdisplay.php?f=98)
-   -   رحلة البحث عن النبق .. (http://www.alhebah.com/vb/showthread.php?t=16605)

ابو نايف 20-07-2009 07:50 PM

رحلة البحث عن النبق ..
 
تعود أحداث هذه القصة إلى ما قبل خمسين عاماً ..
وبطلها - أو بطلتها - امرأة ( أرملة ) مات عنها زوجها مخلفاً ولدين عمر أحدهما ثمان سنوات و الآخر أقل من خمس سنوات .

في تلك الفترة .. كانت العديد من القرى تئن و ترزح تحت وطأة الفقر والجوع و الجهل والمرض ..
وكان من يبقى على قيد الحياة ( خصوصاً من الأطفال ) يُعتبر ذو حظ ٍ كبير .. !!!

ونعود إلى بطلة هذه القصة ( المرأة الأرملة المناضلة ) فقد قررت أن تقوم برحلة ٍ تبحث من خلالها
عن طعامٍ لأطفالها الأيتام " الجوعى " ، فما كان منها في صبيحة أحد الأيام إلا أن أيقظت إبنيها وأعدت لهما طعام الفطور
( وكان خبزاً يابساً و فريقة = لبناً يُغلى مع بعض الدقيق ) .. !!!
وبعد الانتهاء من إطعامهما أوكلت أمرهما لله ثم لجارتها ، قائلة ً لها :
سأذهب للبحث عن طعام ٍ لولدي ّ .. فقد أغيب يومين أو ثلاثة ..
وكانت الأرملة تنوي الذهاب إلى مكان ٍ يسمى البحيرة بأسفل وادي تُربة لتجمع " النبق " طعاماً لأولادها ..
وكذلك لتأخذ بعض ورق السدر لتخظب به رأسها
وهكذا بدأت الرحلة الشاقة لهذه المرأة ( والتي كانت في الخمسين من عمرها ) من قرية < حظى >
ببني عدوان إلى المكان المسمى < البحيرة > و كانت مسافة هذه الرحلة تمتد لأكثر من أربعين كيلو متراً
حيث وصلت للمكان المقصود قبل منتصف النهار وقامت بملء
اثنين من الأكياس بثمر " النبق " والذي كان بحسب وصفها " كالتمر " في مظهره ولذته .. !!!
وكان كل كيس فيه كمية من ثمر " النبق " لا تقل عن ثلاثين كيلوغراماً ( 30 كغم ) .. وحملتها على ظهرها !!!
و بدأت رحلة العودة بعد العصر ( في نفس اليوم ) .. إلا أنه نظراً لثقل الحمولة فكان سيرها بطيئاً ،
فأدركها المساء وهي في الطريق فاضطرت للمبيت في مكان ٍ يقال له < العرقين >
فصلت المغرب والعشاء واستعدّت للمبيت .. ولنا جميعاً أن نتخيل الظروف التي تُحيط بها في هذه اللحظة ،
من الجوع والظمأ والخوف .. !!! حيث لم يكن معها ما تدافع به عن نفسها من الأخطار ( و أهمها السباع )
ولم يكن معها قداحة لتضيء بها شعلة .. فطوعت نفسها للنوم فنامت متوسدة ً أحد أكياس " النبق " بعد أن
جمعت كومة ً من الحجارة لتدافع بها عن نفسها .. وأنشدت قصيدة ً لم يتمكن راوي القصة
إلا من حفظ بيتاً واحداً .. و هو أنها قالت :

لا عادك الله يا " نبق " البحيره * * * أمسيت في العرقين ليله

وكانت فترة النوم عند هذه المرأة ( أو العجوز إن صح التعبير ) متقطعة بسبب القلق
وسماع أصوات الوحوش بالقرب منها ، و ذكرت أنها استخدمت مجموعة من الحجارة التي جمعتا
فقذفت بها مصادر تلك الأصوات لتبتعد عنها .. !!!
وهكذا أمضت هذه المرأة ليلة ً طويلة ً عصيبة ً وكأنها دهراً .. في سبيل إطعام فلذات أكبادها .. !!!
وعندما أذن المؤذن لصلاة الفجر بادرت مسرعة .. فتيممت للصلاة و صلّت ، ثم أخذت حمولتها و أكملت السير
نحو القرية و جلّ تفكيرها و اهتمامها منصب ّ نحو أبنائها .. !!!
وبعد شروق الشمس بحين ٍ وصلت إلى بيتها ..
قاطعةً أكثر من أربعين كيلو متراً ( 40 كلم ) هي مسافة الطريق ذهاباً و مرجعا .. !!!!!
ًووضعت حمولتها و ذهبت على عجل ٍ إلى بيت جارتها لتسأل عن أبنائها ،
فوجدتهم يتناولون فتاتاً من الخبز مع أبناء جارتها هو ما تملكه جارتها أصلاً ..!!!
فهنأتها جارتها بسلامة الوصول ، وقامت المرأة الأرملة بإعطاء جارتها ما تيسر من ثمر " النبق " و ورق السدر
كرماً منها و مكافئة ً لها على حسن استضافتها لأبنائها الأيتام فترة غيابها .

وهكذا عادت هذه العجوز إلى بيتها سالمة ً غانمة بعد أن قطعت مسافة ً ماراثونية ً حصلت من خلالها على قوتٍ
لها و لأبنائها ، وعادت لتمارس أعمالها اليومية من جلب الماء من البئر بالقربة وجلب الحطب وغيرها من الأعمال
بكل همة ٍ ونشاط .. فيا لها من حياة ٍ رائعة ٍ برغم ما كان يلفها من البؤس و شدة الكرب .. !!!


* ما قد نستفيده من القصة :



1- نحن نتقلّب في نعم ٍ عظيمة أدامها الله علينا .. ومنها : الأكل والشرب واللبس ، و معظمنا عنها غافلون !!!
2- نفتقد كثيراً للنشاط وقوة البدن .. فهل يستطع أحدنا ( من الرجال ) أن يقطع مسافة 40 كم وعلى ظهره
أكثر من ستين كيلوغراماً .. ؟!!! أنا أشك في ذلك ( و أول هؤلاء الرجال أنا ) .. !!!
3- كانت إهتمامات الأجيال السابقة - بعد عبادة الله - محصورةً في البحث عن لقمة العيش و ستر العورة ..
أما اليوم فكثرت اهتماماتنا ( و بعضها تافهاً ) لدرجة أنها طغت على بعض أمور ديننا ، فهاهم أكثر الناس اليوم
يلهثون وراء كسب المال ( حتى ولو كان مشكوكاً في مشروعيته ) ناسين زيارة الأقارب ..
وغيرها من الأعمال من الأعمال الصالحة .
4- التضحية الفريدة من نوعها لدى هذه المرأة .. فلقد نذرت نفسها لتربية و إطعام فلذات أكباده ، بينما نجد اليوم
أن بعض الآباء و الأمهات ينفصلون عن بعضهما لأتفه الأسباب ( فبدل التضحية يكون هناك ضحية ..وهم الأبناء )



* * *

اللهم ارحم جميع أموات المسلمين .. وأخص منهم من عاش زمن شظف العيش
من المسلمين من الآباء و الأجداد ..
اللهم عوضهم عن جوعهم وظمأهم ومرضهم وفقرهم وشدة عَوَزهم بالفردوس الأعلى من الجنة
اللهم إنا نسألك خيري الدنيا و الآخرة يا رب العالمين

الوسام 20-07-2009 08:51 PM

الله الله
يا حياة الشقا
كانوا ينظرون الى اساسيات الحياة ومقوماتها من قوت اليوم وتعبه ونصبه
ونحن بالزمن الحاضر ننظر الى الرفاهية بكل انواعها والكماليات اللا متناهية وكانها حاجة ملحه
يازمان العجايب
ابونايف
لك تحيتي وتقديري على هذه القصة الى هي بها عبر لمن يستشعرها ويحسن معانيها

بنت الديره 20-07-2009 09:24 PM

ونعم الام لها كل التقدير والاحترام
رحم الله عظام شالتها
الله يرحم حال أمهات اليوم اذا قامت الواحده من نومها لقضاء حاجة ابناءها كانه يوم القيامه
شكرألك أبا نايف من أعماق قلبي على هذه القصه المؤثره جعل الله صاحبتها في الجنه

البرق الخاطف 20-07-2009 11:03 PM

الله يعطيك العافية والصحة الدائمة على هذا الموضوع ... لك مني أجمل تحية .


الساعة الآن 09:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009