عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2012, 06:44 AM   #2
منتدى الأدب والشعر الفصيح ومنتدى الشعر والخواطر وعذب الكلام
 
الصورة الرمزية الناقد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: متنقل اكثر أوقاتي داخل وخارج المملكه
المشاركات: 3,416
معدل تقييم المستوى: 72
الناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond reputeالناقد has a reputation beyond repute

اوسمتي

افتراضي رد: الخيانه الزوجيه كلمه قويه صح ..طيب حدد حياتك ؟؟؟؟؟؟؟أدخــل

هـــــــــــــــــــــــــــام جدأ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} آل عمران:102، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النساء:1، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ


لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} الأحزاب:70،71.

أما بعد:
الحياةُ الهانِئَة ضرورةٌ من ضَرورات الحياةِ؛ ليستقرَّ المجتمَع ويحصلَ النمَاء والبناء ويتفرّغَ الخلقُ للعبادةِ والعِمارةِ، والنفس البشريّة قد جُبِلت على أن تسكنَ وتطمئنَّ إلى نفسٍ أخرَى، لذا قال الله تعالى في معرض ذكرِ نِعمه الوفيرةِ وآياته الكثيرة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الرّوم:21. نَعَم، أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، ولم يقل: لتسكنوا معها، فهو دليلٌ على أنّ الزواجَ سكنٌ واستقرار وهَدأة وراحةُ بال. ومِن هنا جاءت أهمّيّة الزواج في الإسلام والعِنايةُ بالأسرة، فرغَّب الشرع في الزواجِ وحثَّ على تيسيرهِ وتسهيلِ طريقه، ونهى عن كلِّ ما

يقِف في سبيلِه أو يعوق تمامَه ويعكِّر صَفوَه، فأمَرَ الله به في قوله: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} النساء:3، وقال: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} النور:32، وفي الصحيحين أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشرَ الشباب، من استطاعَ منكم الباءةَ فليتزوَّج» (1) ، فالزّواجُ من سُنن المرسلين وهديِ الصّالحين.
لقد عُنِي الإسلام بتكوين الأسرةِ المسلمة واستصلاحِها؛ لأنَّ الأُسَرَ أساس المجتمع الذي يقوَى ويشتدّ بقَدر التماسُك وترابُط أُسَره، ولذا شبَّه النبيّ صلى الله عليه وسلم المسلمين بالبُنيانِ المرصوص الذي
__________
(1) البخاري 5065، مسلم 1400

(1/5)

يشدُّ بعضه بعضًا (1) ، فأمر بتزويجِ الأكفَاءِ، ونهى عن عَضلِ النساء (2) ، وبيَّن في الكتابِ والسنة الحقوقَ والواجباتِ بين الزوجين، ذلك أنَّ استقرار البيوت وصلاحَ الأسَر لا يكون إلاّ باستقرارِ الزوجين ونجاحِهما في حياتهما الزوجيّة. كما أنَّ فاقدَ الشيءِ لا يعطيه، فالأب والأمّ التعيسَين في حياتهما الزوجيّة لن يقدِّما لمجتمعِهما شيئًا، فضلاً أن ينشِئا أجيالاً صالحِين قادِرين على البناءِ والقيادَة. فالزواج الناجحُ نجاحٌ للمجتمَع، أمّا خراب البيوتِ فهو خرابُ الدّيار، لذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ إبليسَ يضَع عرشَه على الماء، فيبعَث سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً. يجيء أحدُهم فيقول: فعلتُ كذا وكَذا، الخ
__________
(1) البخاري 459،226،5567 ولفظه «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ» ، والنسائي 2513، والترمذي 1851

(2) لقوله تعالى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} البقرة: 232
(1/6)

ما صنعتَ شيئًا، ثمّ يجيء أحدُهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأتِه، قال: فيدنيه منه ويقول: نِعمَ أنت» (1) . وإذا كان هذا شأنَ إبليس الرجيمِ فإنّ أتباعَه من المفسدين قد حَرصوا على هدمِ هذا الكيان وتفكيكِ أواصرِ المجتمَع وروابطِه عن طريقِ تفكِيكِ الأسَر، حتى انتشرَت معدَّلات الطلاق بشكلٍ مخيف، وارتفَعَت نسبة العُنوسة بشكل أسوَأ، ولا شكَّ أنّ في هذا خطرًا كبيرًا، ففيه تفرُّق المجتمَع وضياع الأولادِ وعنوسةُ النّساء وانتشار الفساد ونَبات الضغينة بين الأسر. إنَّ الواجبَ على المربِّين والمصلحين والإعلاميِّين العنايةُ بهذا الجانِب، فانتشارُ المشكِلات الزوجيّة وتشعُّبها وتنوّعها مؤذنٍ بالخَطَر، فما بين زَعزَعة البيوت وهدمِها تدور المعضِلات.
__________
(1) مسلم 2813

(1/7)

إنّنا نعلَم جميعًا أنّ الكمَالَ عزيز، وأنّ الاختلافَ من طَبيعة البشَر، وأنّ الزوجين لا يمكِن أن يكونا نسخةً لبعضهما في الطبائع والأخلاقِ والرَّغَبات والتّفكير، فيكفي من المفارَقات أنهما ذَكرٌ وأنثى، كما أنهما لا يعيشان منعَزِلين، بل في داخِلِ مجتمَعٍ له متطلّباته وتأثيراته، لِذا فقد تهبّ عواصف الخِلاف على بعض الأسَر، وقد يختَلف الزوجان، ولم يسلَم بيتٌ حتى بيتُ النبوّة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فهذه سنّة الحياة، إلاَّ أنّ البيتَ الصالح المؤسَّس على التقوى والذي عَرَف فيه كلا الزوجَين ما لهما وما عليهما فإنّه لا يتأثّر بأيِّ خِلاف، بل يزيده تماسكًا وثباتًا، ويُكسِبه وعيًا وإدراكًا، فيصلَح الخطَأ وتُسَدّ أبوابُ الشّرّ للمستقبل.
وفي نظرةٍ سريعة مشفِقة إلى أَسبابِ المشكلاتِ الزوجية نجِدها نابعةً من معصيَة الله تعالى ومخالفةِ أمرِه في كثيرٍ من شؤون النكاح، حتى أصبَحَت بعضُ الزّيجات نَكَدًا ونِقمَة بدلاً من أن تكونَ سَكنًا ورَحمة،

(1/8)

والله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} الشورى:30، ولا شكَّ أن مِن أعظمِ المصائب خرابَ البيوت، وقد قال بعضُ السّلف: (إني إذا عصيتُ الله رأيتُ أثَرَ ذلك في دابّتي وخُلُق زوجتي) ، قال أحدُ العلماء: (قلَّت ذنوبهم فعَرَفوها، وعرَفوا مِن أين أتوا) . نعم، فمن بارَزَ الله بالمعَاصِي فهل ينتَظِر توفيقًا منه؟! ومَن عَصا الله ولم يطِعه فكيفَ يطالِب زوجتَه بأن تطيعَه؟! وكذا بالنسبة للزوجةِ؛ فمن قصّرت في جَنب الله فلا تنتظر من زوجها تمامًا، إلاَّ أنَّ المعصيةَ من أحدِ الزوجين ليست مبرِّرًا للآخَر أن يقصِّر في حقّ شريكِه أو يقابِلَه بالإساءةِ والعقوق.
ومِنَ المعاصِي ما هوَ عامٌّ كتَضييعِ الصّلوَاتِ واقترافِ المحرَّمات، ومنها ما هوَ خاصّ بالنكاح وهو التعدِّي أو التقصيرُ في الحقوقِ والواجبات الزّوجيّة، فبِقَدرِ ما يكون التفريطُ في هذه الحقوق تقَع الخلافات. إنَّ المعصيةَ الخاصّة وهي تضييع الحقوق لمن أشهَر المعاصي

(1/9)

التي تهاوَنَ فيها الناس وتساهلوا مع عظيم أثرِها، وليعلَم مَن قصَّر في حقِّ زوجتِه أو قصّرت في حقِّ زوجها أنّه عَصَى اللهَ قبلَ كلِّ شيء، واسمَع قولَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إذا دَعا الرجلُ امرأتَه إلى فراشِه فأبَت فباتَ غضبانَ عليها لعَنَتها الملائكة حتى تصبِح» (1) . ينبغي للزوجين أن يستحضرَا حالَ الوفاءِ بالحقوق أنهما يقدِّمان طاعةً لله بامتثال أمرِه، بل بالاحتسابِ يكون ذلك عبادةً، وقد أخبَرَ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ المسلمَ يؤجَر حتى في اللقمةِ يضعُها في فيّ امرأتِه مع أنّ النفقةَ واجبةٌ عليه أصلاً، وفي الصحيحِ أيضًا أخبرَ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ في جماعِ الرّجل زوجتَه أجرًا (2) مَعَ أنّ هذا تَدعو إليه الطّبيعَة.
__________
(1) البخاري 3237، ومسلم 1736.
(2) مسلم 1674، ونصه: «فِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ»

(1/10)

إذًا أهَمّ الحلول وأوَّلها لمن أرادَ السعادةَ الزوجيّة القيامُ بحقِّ الله تعالى وطاعتُه وامتثال أمره والقيام بما أوجَب من حقوقٍ، فمن أراد الحياةَ الهنِيّة فليقرَأ قولَ الحقّ سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} النحل:97
حُسنُ الاختيار بين الطرَفَين أساسُ الحياة ليكونَ الوِفاق والوِئام والتكامُل والانسجام، إلاَّ أنَّ التقصيرَ في هذا الجانِب ومَعصيةَ الله فيه يجعله سبَبًا للمعضِلات، فمِن ذلك إجبارُ المرأةِ على رجلٍ لا تريده بسبب أعرافٍ بالية لتزويجها على قريبِها الذي لا ترغَبه أو طمعًا من وليِّها في جاهِ الخاطب أو مالِه، وهذا حرام وظلم، فالنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تُنكَح الأيِّم حتى تُستأمَر، ولا تنكَح البكر حتى تستأذَن» (1)
__________
(1) البخاري 5136، ومسلم 1419

(1/11)

إلاَّ أنّ الفتاةَ يجِب أن تتفهَّم مشورةَ وليِّها، وأن تكونَ المصلحة مناطَ الاختيار.
ومن المخالفاتِ أيضًا الكذبُ والتدليس من قبَلِ أحدِ الجانبين أو مِنَ الوسيطِ، فهذا غشٌّ وظلمٌ للمسلمين، يتحمَّل الكاذب فيه تَبِعتَه في الدنيا قضاءً وفي الآخرةِ حِسابًا وجزاءً.
ومِن سوءِ الاختيار عدمُ الاهتمام بأمورِ الدين، فيسأل غيرُ الموفَّق عن الوظيفةِ والمالِ والجاهِ وأمورِ الدنيا ناسيًا أنّ من خان اللهَ ورسولَه لا يمكِن أن يؤتَمَن على ابنتِه، وينسَى الخاطب أنّ من قصَّرت في جنبِ الله فلن تقومَ بحقِّ زوجِها، وربما يؤسَّس البيت على هذا، فيكون على شَفَا جُرُف هارٍ يوشك أن ينهار. والأولياءُ يتحمَّلون قِسطًا من المسؤولية في ذلكِ لتفريطِهم في السؤالِ عن حالِ الخاطب وتقصيرِهم في أداء الأمانةِ

(1/12)

جِهةَ مَولِيَّاتهم، فكم منِ امرأةٍ صالحةٍ عفِيفة بُلِيت بزوجٍ لا يصلّي أو يشرَب المسكِرات ويقارِف المحرّمات، ولا ذنبَ لها إلاَّ تقصير وليّها وإهماله في السؤالِ عن ديانةِ الخاطب، وكم مِن رجلٍ اشترطَ كلَّ الشروط الدنيويّة في مخطوبَته ولكنَّ الدينَ كان آخرَ اهتماماته، ثم يكتشِف أنها لا تصلُح أن تكونَ زوجةً لنقصِ دينها وخُلُقها، وكلّ هذا ناتِج عن غِشٍّ وتدليسٍ أو تهاوُن وتفريط. والسؤال الكبير: على أيّ أساسٍ يكون الاختيار؟
فالجواب في حديثين شريفَين عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم مَن تَرضَونَ دينه وخلقَه فزوِّجوه، إلاّ تفعَلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفساد عريض»
(1) الترمذي 1004، وابن ماجه 1957، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 1022

(1/13)

المرأة لأربع: لمالها ولحسَبها ولجمالها ولدينها، فاظفَر بذاتِ الدين تَرِبَت يداك» (1)

ومن افتَتَح حياتَه الزوجيّة بالمخالفاتِ الشرعية فهل ينتظِر التوفيقَ من الله؟! إنَّ معرفةَ أسبابِ المعضِلات الزوجيّة يؤدّي بالعاقِلِ إلى تجنُّبها ومناصَحةِ إخوانه المسلمين لئلاّ يقعوا فيها، فتدخُّل الأقارب في شؤون الزوجَين مخالفٌ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مِن حُسنِ إسلام المرءِ تركُه ما لا يعنيه» (2) ، وقَد نهى الله تعالى عن التَحَسُّس والتَجَسُّسِ. كما أنّه من الجهلِ والحُمق أن يشتكيَ أحدُ الزوجين لأقاربِه
__________
(1) البخاري 5090، ومسلم 1466
(2) الترمذي 2239 وقال: غريب، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، وابن ماجه 3966، وحسنه النووي في الأربعين: ح12

(1/14)

ما يلقَى من الآخر؛ لأنّ توسيعَ دائرة الشقاقِ وإدخالَ مجموعةٍ من المحارِبين في السّاحة يزيدُ الأمرَ سوءًا وتعقيدًا. إنّ الواجبَ أن نحتفِظَ بأسرارِنا ونحلَّ مشاكلنا بأنفسنا، فإذا تأزَّمتِ الأمور يُدْخَلُ من يصلِح لا مَن يفسِد، أمّا أن لا يكونَ مِن أمرٍ إلاَّ وهو دائرٌ في كلّ بيتٍ وتدور الغِيبة والنميمةُ على كلّ لسانٍ فهذا منكَرٌ يهدِم البيوت.

ومِن بواعِثِ المشكِلات الأسَرِيّة ومسبِّباتها النظرةُ القاصِرَة للحياة الزوجيّة وعدمُ الإدراك الصحيح لمقاصِدِ النكاحِ الشرعيّة السامية التي من أهمِّها حصولُ الإعفافِ للزوجَين والسّكن الفطريُّ لبعضهما وإقامةُ البيت المسلِم والتعاوُن على البرِّ والتقوى وتربيةُ الذرّيّة الصالحة التي تعبُد الله وتطيعه، فإذا استحضَر الزوجان هذه المعانيَ فلم يلتفتا إلى القشورِ أو القصور ولو حصَل خطأ دنيويّ قدَّراه قدره وتذكّرا قولَ الله

(1/15)

عز وجل: {وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} البقرة:237، حتى ولو كان نَقصًا في أحدِ الزوجين فإنّ النبيَّ يقول: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» (1) ، وكذلك النظرةُ القاصِرة لنِسَب الجمال، فليجعلِ المسلمُ المقاصدَ الشرعيّة هي الأساس، ومن طريفِ ما يُروَى عن الشعبيّ أنّ رجلاً سألَه فقال: "إني تزوَّجتُ بامرأة فرأيتُ في إحدَى قدَمَيها أثرَ عَرج أفأردُّها وأسترجِع مهري؟ قال الشعبيّ: (إن كنتَ تزوَّجتها لتسابِق عليها فرُدَّها) فأفحمه. وبعضُ الناسِ يزهَد في امرأتِه لأنّه يرَى غيرَها أطوَلَ منها أو أعلَمَ، وهذا يؤدّي بِنا إلى الحديثِ عن سَبَبٍ آخرَ مهمّ من بواعثِ الشّقاقِ ومدخَلٍ كبير للشيطان ألا وهو بابُ المقارناتِ بين الأزواج، فتبدأ الوساوسُ والخواطِر كلّما ذُكِرت امرأةٌ
__________
(1) مسلم 2672، لا يفرك أي: لا يبغض

(1/16)

وأنّ فيها أو في خُلُقها وتدبيرها تميُّزًا، فيبدأ المسكين يقارِنُ ويتحسَّر، وكذلك المرأةُ، وهذا بابٌ ليس له آخِر.
كذا النظرةُ القاصِرة للجَمال، خصوصًا ما بلِيَ بهِ الزّمن مِن كثرةِ النّظر في الأفلام والقَنَوات الفضائيّة والمجلاّت من صُوَر النّساء الفاتنات أو صوَر أشباهِ الرجال القاصدين الفِتنَة، فلا تُرضِي رجلاً زوجتُه لأنّه يرَى في الصورةِ أجملَ منها، أفلا يعتقِد أنه يوجَد أجملُ ممّن في هذه الصورة؟! إذًا بابُ المقارنةِ لا ينتهي. ثمّ هل يجوز لمسلمٍ يؤمن بالله واليوم الآخر يعلم أنه ملاقي الله ويطمَع في جنّتِه ويخشى نارَه، هل يجوز له أن يفضِّل على امرأتِه المؤمِنة العفيفةِ امرأةً رآها في التّلفاز أو المجلّة كافرةً أو فاسقة، ليس له منها إلاَّ حسرةُ النّظر؟!

(1/17)

ومن أسبابِ المشكلات الزوجيّة عدمُ قيام الزوج بواجب القوامَة الشرعيّ أو التعسُّف في استخدامِه أو منازعةُ الزوجةِ له حقَّ القوامة. إنّ القوامَةَ لا تعني التسلُّط والظلمَ، وإنّما هي الرعاية والحفظُ والقيام بالمصالح.
لقد حَكَم الله تعالى بأبلَغِ بيانٍ بما على الزوجين فقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة:228. فانظر ـ رعاك الله ـ إلى هذه الكلماتِ القصيرة وتدبَّرها، لقد قال: بِالْمَعْرُوفِ أي: أنَّ المطالبةَ بالحقوق لا تكون بالأنانيّة ولا بالإلجاءِ والمحاسبة، فهي شراكَةُ حياة لا شركةُ تجارة. وقال سبحانه في آية أخرى: {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} البقرة: 229، حتى الفرقة أيضًا بإحسانٍ، فهل تجِدون أجملَ من هذه التّوجيهاتِ لصلاح البيوت؟!

(1/18)


اسأل الله للجميع حياه سعيده ومستقره اااااامين
احببت الفائده لكم
م/ن
__________________
الناقد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس