الصحبة الصالحة
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد ﻻ يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة) رواه البخاري.
إن صديقات السوء عندما تقعين في مشكلة أو تحل بك مصيبة فإنهم يتخلون عنك ويبحثون عن غيرك ... وإذا كنت ﻻ تريدين الوقوع معهم في الحرام فإنهم يستميتون من أجل إيقاعك معهم في المعصية ويزينوها لك ... قال تعالى (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ)
هذه قصة زميل لي في الحي الذي نسكنه كان ﻻ يصلي إﻻ إذا كان معي خجﻼً مني وليس خوفاً من الله سبحانه وتعالى ... وإذا كان في البيت صلى متى شاء ... حياته كانت نوماً في النهار وسهراً في الليل على اﻷفﻼم والحرام ... قال تعالى (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) ففي أحد اﻷيام كان سهراناً على مطربته المفضلة التي كان ﻻ ينام إﻻ بعد سماعها ... يقول: إنني عندما أغمضت عيني فإذا بصوت يمﻸ المكان ... إنه صوت اﻷذان ... فأحسست أن اﻷذان طويل جداً فانفلت لساني وقلت (ليس وقته هذا اﻹزعاج) وليت لساني لم ينفلت ... ﻷنني دفعت ثمن تلك الكلمات ... لقد كان ثمنها غالياً جداً ... يقول: سمعت بعد ذلك طنيناً خفيفاً في أذني فلم أعبأ به ونمت ولم أصل ولكن الذي سمعني ﻻ ينام سبحانه ... قال تعالى (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)
يقول: عندما استيقظت نزلت إلى أهلي فوجدتهم يتكلمون ولكن ﻻ أسمع ماذا يقولون!!! فقلت لهم: لماذا ﻻ ترفعون أصواتكم ... يقول: ﻻ أعلم أن اﻷمر قد قضي في السماء ... بأن أسلب السمع وأني لن أسمع كلمة بعد ذلك اﻷذان ...
جاءني بعدها بشكل مختلف ومعه أوراق يخرجها لي ... ثم أعطاني تقريراً يفيد بأنه قد فقد حاسة السمع تماماً ... وأنه ليس هناك أي أمل في السمع إﻻ أن يشاء الله بإجراء عملية زراعة قوقعة في اﻷذن اليمنى فقط ... وهذه العملية تكلف مائة ألف ريال ...
حكى لي معاناته خﻼل سنتين ... يقول: والله جميع اﻷصدقاء تركوني!!! كنت أخطط للسفر معهم وقضاء اﻷوقات معاً ولكن تركوني جميعاً فأصبحت جالساً في البيت لوحدي ... فشعرت وقتها بضيق ﻻ يعلمه إﻻ الله وحزن شديد لدرجة أنني فكرت أن أنتحر... يقول: تصدق أنني تمنيت أنني مولود أصم!!! على اﻷقل يكون لدي أصدقاء أفهمهم ويفهموني باﻹشارة ... علمت يقيناً أن الله عظيم وأنه سمعني يوم أن لم يسمعني أحد ...
أخيتي متى نحس بنعم الله جل وعﻼ علينا؟؟؟ فهذا فقد حاسة واحدة فقط فلم يطق العيش بدونها ... قال تعالى ( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) فابحثي في صداقاتك وانظري على ماذا تقوم؟؟؟ فإن كانت في العون على طاعة الله واجتناب ما حرم سبحانه ... فنعم الصداقة التي تقودك إلى الجنان ... وإن كانت تلك الصداقات تزين لك المعصية وتثقل عليك الطاعة ... فبئست الصداقة التي تقودك إلى النار وغضب الجبار ... قال تعالى (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) وقال سبحانه (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا
__________________
وداعا بحب حتى نلتقي في دار البقاء ..... وداعا قبل أن يكون رثاء ........
وداعا حتى تهون الدنيا علينا طول الفراق ، وداعا يا أبي يا أغلى الناس ...
وداعا حتى أودع الدنيا و ألتقي بك في عالمنا الآخر ........
عالم لا يعرف الكذب ......... عالم لا يعرف رياء ....
عالم هو الحق ونحن باطل فيه.
|