بسم الله الرحمن الرحيم
" فأتوا بسورة من مثله "
يقول الله تعالى في محكم التنزيل { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين } في هذه الآية الكريم تحدي للإنسان بأنه عاجز أن يأتي بسورة واحدة من القرآن
إن القرآن الكريم معجزة يعجز الجن والإنس أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا , وإذا تأملنا كل سورة من سور القرآن الكريم نجد أنها تتحدث عن التوحيد والتشريع فالله عز وجل قد جعل القرآن العظيم شرعة ومنهجا ودستورا ارتضاه لعباده لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , لقد شرع الله في القرآن الكريم منهجا متكاملا مشتملا على كل ما يعني بالبشر وحاجاتهم الدينية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية فالله سبحانه هو خالق الكون ومدبره وهو أعلم بما يحتاجه وما يكفل له سلامة نظامه , وما جعل الله الإنسان خليفة في الأرض إلا ليحقق فيها العبودية المطلقة لله تعالى ولتطبيق ما شرعه الله له فيما أنزله على الأنبياء المصطفين عليهم السلام
ولأن الأمر ختم بالإسلام ورسالة خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وكان القرآن الكريم ناسخ لما قبله من الكتب السماوية التي مستها أيدي البشر بالتحريف والتأويل إذا هو المنهج القويم الذي يجب إتباعه والتقيد بشرعه ولكن الإنسان عندما غرر به الشيطان وزين له عظم ذكائه وسعة تفكيره أراد أن يكون هو المشرع لقوانين الأرض بل والكون أجمع ونسي الإنسان كما هو المصدر المشتق منه اسمه أنه كثير النسيان فكيف لمن كان طبعه النسيان يكون صالحا لسن القوانين والأحكام و لقد ضل الإنسان ضلالا كبيرا عندما طغى وتعدى حدوده وقدرته فنتج من ذلك خلالا مريعا في نظام الأرض , فصار نظام التوازن بين القوى في الأرض مختلا ونتج خلل في امتلاك الثروات وخلل في العدل والمساواة , فالإنسان مهما بلغ علمه ووسع فكره وفاق ذكاؤه فلن يستطيع أن يأتي بسورة من القرآن بل ولن يستطيع أن يأتي بآية من القرآن , فمن كان عاجزا عن ذلك فهو بالتالي عاجز عن التشريع ووضع القوانين , فالله عز وجل قد أحكم الكون بسنن ثابتة فيها صلاح المخلوقات بصفة عامة وصلاح الإنسان بصفة خاصة , فلماذا أيها الإنسان لا ترضى بصلاح أمرك وتجنح للعبث بالنظم الراسية وتتخبط في فكرك الضيق وتحدث اضطرابات جعلت العالم يتقلب فوق صفيح ساخن .
أيها الإنسان لتعلم يقينا أنك غير مؤهل للتشريع بل وإنك غير قادر تمام القدرة على إدارة شؤونك بمنظور فهمك القاصر لما يحقق لك السعادة والرضا فلا تعدو قدرك واتبع ما يكون فيه صلاحك وصلاح أمرك وأعلم أن الشرع القويم الذي يلائم البشرية هو شرع الله العزيز الحكيم فإن خالق العباد أعلم بمصالح العباد , فدع ما ليس في مقدورك وما يتجاوز مدارك عقلك فإن كنت عاجز أن تأتي بسورة فأنت غير صالح لأن تكون مشرعا , أيها المسلمون في أقطار الأرض لا تتبعوا المفسدين الذين ضلوا السبيل المستقيم ونهجوا نهجا متمردا على شرع الله القويم , فوالله لن تصلح أمورنا ولن تستقيم إلا باتخاذ كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم شرعة ومنهاجا , فهي طريق النجاة والأمان وطريق الهداية والسلام وطريق الرضا والرضوان يقول الله تعالى { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } فهلا أخذنا بالوصية أيها المسلمون .
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ربنا واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
فأتوا بسورة من مثله
العرض العادي
