حوار مع الدكتور خالد الدخيل

قال: أمريكا سلمت العراق لإيران على طبق من فضة.. والربيع العربي لم يفشل
الدكتور "الدخيل" لـ"سبق": النفوذ الإيراني الحالي طوَّق السعودية ولابد من حل
دول المنطقة قلقة من تفاهم الإدارة الأمريكية مع "حزب الله" في لبنان.

- الربيع العربي هو حركة تاريخ وما يقال عن فشله مجرد أماني طواغيت.

- ليس من المنطق إعلان جماعة "الإخوان" إرهابية فهناك 15 مليون إخواني مصري.

- الإخوان فشلوا عندما تولوا السلطة لعدة أسباب أهمها أنهم إقصائيون ويحلمون بالاستيلاء على الدولة دون منافس.

- التوافق الأمريكي الإيراني قوي على "المالكي" رجل إيران في العراق.

- عوامل الانفجار في اليمن هي الفقر والقبلية والطائفية وأستغرب عدم انزلاقه لحرب أهلية حتى الآن.

- الدعم السعودي للجيش اللبناني يسعى لتحقيق توازن عسكري مع "حزب الله".

- لم أفهم.. لماذا لم تعمل السعودية على تشكيل تحالف قوي مع تركيا ومصر لعزل تحركات إيران؟

- الاختلاف بين الرياض وواشنطن بسبب تحول أولويات السياسة الأمريكية في سوريا والعراق ولبنان.

- "داعش" أعضاؤها من خريجي السجون السورية والمتطرفين دينياً وإيران تدعمها بشكل طائفي.

أجرى الحوار- شقران الرشيدي- تصوير- عبدالله النحيط- سبق- الرياض: يقول المحلل السياسي السعودي الدكتور خالد الدخيل إن النفوذ الإيراني المتزايد في العراق، وسوريا، ولبنان، والبحرين، واليمن، هو محاولة لتطويق السعودية من كل الجهات، ويشير في حواره مع "سبق" إلى أن الدعم السعودي للجيش اللبناني هو إستراتيجي لخلق توازن عسكري مع حزب الله، ولكي تلعب فرنسا دوراً مهماً في المنطقة، مؤكداً أن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري قام به وزير الدفاع السيسي، مشدداً في الوقت نفسه على أن الإخوان فشلوا عندما تولوا السلطة لعدة أسباب، أهمها أنهم إقصائيون، ويحلمون بالاستيلاء على الدولة بشكل كامل دون منافس، كما قال إن هناك تحولات في أولويات السياسة الأمريكية في المنطقة، مما خلق نوعاً من الخلاف بين الرياض وواشنطن.. ويتناول الحوار العديد من المحاور السياسية عن الوضع الحالي في مصر، وسوريا، وتعقيدات الوضع في اليمن، وتداعيات مقتل "ماجد الماجد" زعيم كتائب عبدالله عزام في لبنان، والأزمة السياسية في تركيا وتوقع سقوط رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان.. فإلى تفاصيل الحوار..

** دعمت السعودية الجيش اللبناني بثلاثة مليارات دولار.. ما هي قراءتك لهذا الدعم السخي؟

الأرجح أن السعودية بهذا الدعم تساعد على تعزيز قدرات الجيش اللبناني العسكرية، حتى يتحقق شيء من التوازن العسكري مع "حزب الله".

** لكن.. هل الثلاثة المليارات كافية لتحقيق التوازن العسكري المطلوب؟ وما الخطة السياسية لتحقيق هذا الهدف؟

هذا الدعم الكبير سيذهب إلى فرنسا مقابل تسليح الجيش اللبناني، ومن الممكن أن تكون كافية لبلد صغير المساحة مثل لبنان، وقد تتطلب دفعات إضافية على المدى الطويل، لكنها تعتبر بداية قوية لدعم جيش صغير بمبلغ كبير، أما الخطة السياسية الإستراتيجية فلن تتم بسهولة؛ لأنه إضافة لعملية التسليح توجد تحالفات سياسية مهمة داخل لبنان، فالخريطة السياسية اللبنانية متنوعة، كذلك هذا الدعم يعد تعزيزاً لموقف الرئيس الفرنسي "أولاند" لتقديم الدعم لفرنسا لتلعب دوراً تقليدياً في لبنان على أن تتحمل السعودية تكاليفه المالية، لكن الإشكالية الكبيرة في لبنان هي وجود "حزب الله" الذي يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة بدعم من إيران لا يملكها الجيش اللبناني.

** هل يمكن القول إن الربيع العربي انتهى؟

لا على الإطلاق.. "تفجرات" الربيع العربي في كل مكان، وهناك حراك سياسي متواصل.. لكن الأنظمة الاستبدادية حكمت لفترات طويلة وانهارت فجأة، فمن الصعب أن تحل مكانها أنظمة ديمقراطية خلال سنتين فقط، هذا غير منطقي سياسياً واجتماعياً، بل تحتاج الأنظمة الجديدة فترة من الوقت حتى تنضج تجربتها، والمجتمعات العربية تحتاج وقتاً طويلاً، فالآن ظهر لنا رؤساء دول، ووزراء، وأحزاب، ومظاهرات، وطوائف، وكتاب، وإعلام، وهذا يحتاج وقتاً ليستقر، ويتبلور من 10 إلى 15 سنة قادمة أو أكثر.

** أليست عشر سنوات كثيرة في عمر المجتمعات العربية؟

لا.. ليست كثيرة، أنت تتكلم عن المجتمع اليمني، وعدد سكانه 23 مليون نسمة، وسوريا 23 مليون نسمة، وبالمثل في العراق وتونس، و90 مليوناً في مصر، وتتحدث عن أمواج من البشر، وتغير تاريخي بهذا الحجم لوضع سياسي ظل جاثماً عليهم، وراسخاً لوقت طويل ولعقود، يحتاج وقتاً، وهذه حركة تاريخ، أما ما يقال عن فشل الربيع العربي فهي أمنيات الطواغيت، كبشار الأسد، ونوري المالكي، وحسني مبارك، والسيسي.. ولكن السؤال هو: هل التغير الكبير بلا ثمن؟ لابد من دفع ثمن غالٍ، وهذه طبيعة الأشياء، والناس يحتاجون قراءة التاريخ والثورات السابقة لأخذ العبر والدروس منها.

** حسناً.. هل هناك تقارب إيراني أمريكي قد يكون على حساب دول المنطقة؟

حتى الآن لم يتحقق.. ومن المحتمل أنه تفاهم أكثر منه تقارب، ووجود رغبة مشتركة بين واشنطن وطهران في التوصل لتفاهم بين الطرفين على قضايا مشتركة عبر شقين، أولهما شق تقني بشأن الاتفاق النووي، ومواصلة إيران تخصيب اليورانيوم لأكثر من 5%، وهي إن أرادت تصنيع الطاقة النووية للاستخدامات السليمة فلا تحتاج لأكثر من 5%، أما ما تقوم به حالياً من تصنيع 20% فيضع أكثر من علامة استفهام كبيرة، وإيران تطمح للوصول لامتلاك السلاح النووي، وتريد التقنية اللازمة للقنبلة النووية من دون صناعتها، وتملك القدرة لاستخدامها في أي لحظة مثل اليابان.

أما الشق الثاني فهو التفاهم السياسي حول قضايا إقليمية، وهذا الجانب هو المقلق للسعودية في حجمه وحدوده، فعلام سيتم التفاهم بين واشنطن وطهران؟ وما هو حجم الدور الإيراني الذي ستعترف به واشنطن؟ وما هو الثمن الذي ستدفعه إيران للحصول على الاعتراف الأمريكي؟ وهل سيسمح لإيران بالاحتفاظ بنفوذها داخل العراق وسوريا ولبنان كثمن سياسي لتخليها عن التخصيب؟ وهل يمكن بعد ذلك حدوث تفاهم بين الإدارة الأمريكية لبقاء حزب الله في لبنان؟




** هل هذا التقارب الإيراني الأمريكي أدى لوجود خلاف حالي سعودي أمريكي؟

نعم يوجد خلاف وفق المؤشرات السياسية، والخلاف الرئيسي بالنسبة للرياض وواشنطن هو في العراق وسوريا، فالموقف الأمريكي في العراق غامض منذ بداية الاحتلال، حيث سلمت القوات الأمريكية العراق لإيران على طبق من فضة، ورغم أنها خسرت ما يعادل تريليون دولار في الحرب على العراق، و8000 آلاف قتيل، و30000 مصاب منذ بداية الحرب وحتى الانسحاب، فقد أصبح النفوذ الإيراني السياسي هو الأكبر في العراق.. إذن السؤال هو: لماذا كان الغزو الأمريكي للعراق من الأساس؟ لماذا الإصرار على إسقاط النظام السابق والرئيس صدام حسين؟ أسئلة بلا إجابات واضحة، فالتوافق الأمريكي الإيراني قوي على رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي"، وهو رجل إيران في العراق.. وهذه نقطة الخلاف بين الرياض وواشنطن، وأيضاً أمريكا لا ترى أهمية لما يحدث في سوريا، لذا لا تريد التدخل حيالها في حين أن السعودية ترى سوريا إستراتيجية لأنها تقع على حدودها الشمالية الغربية، وسوريا تحولت لمعقل النفوذ الإيراني في المنطقة، وبالتالي التساهل مع وجود إيران في العراق وسوريا ولبنان هو تطويق شمال الجزيرة العربية بالنفوذ الإيراني، إضافة إلى نشاط إيران في البحرين، واليمن وهذا التطويق لا تريده السعودية، كذلك من نقاط الاختلاف بين الرياض وواشنطن تحول السياسة الخارجية الأمريكية، وأولوياتها بشكل لم ينضج بعد، ولم تصل لنهايتها.. فأمريكا لاتزال ترى أهمية الخليج والسعودية كمناطق حيوية إضافة لمصر وإسرائيل.

** تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا "داعش" من يدعمه؟ وما هو دوره في المنطقة تحديداً؟

"داعش" والجماعات المسلحة الأخرى المشابهة هي نتيجة تفجرات طائفية في العراق وسوريا ولبنان، ونتيجة لوجود أقليات دينية كثيرة وفسيفساء دينية متداخلة، وإثنيات دينية كانت تحت حكم أنظمة استبدادية سابقة بدأت تتفجر الآن، وإيران فجرتها بشكل طائفي من خلال عقد تحالفات بين الأقليات، ومع الطوائف في المنطقة، والملاحظ أن حلفاء إيران في المنطقة هم من القوى الشيعية، وليس لها حليف غير شيعي، إذن نحن أمام دولة يرتكز دورها الإقليمي على الجانب الطائفي وتفجير الصراعات الطائفية.

** في مصر.. كيف تصف الوضع الحالي المعقد سياسياً وعسكرياً؟

هو الوضع الأكثر تعقيداً لثلاثة عوامل مهمة، أولها أن مجتمع القوى المدنية في مصر كالقوميين والناصريين والليبراليين وغيرهم ضعيف سياسياً، وكانوا خائفين من جماعة الإخوان بعد توليها الحكم، ثانيها أن الجيش المصري هو حاكم البلد الفعلي، و30% إلى 40% من اقتصاد مصر بيد الجيش، وهو أقوى من القوة السياسية للإخوان، ثالثها أن جماعة الإخوان كانت المنافس القوي للجيش المصري في السيطرة على البلد، لكنهم – أي الإخوان- حديثو عهد بالسلطة والحكم؛ لأنهم كانوا في المعارضة لمدة 60 عاماً أو أكثر، وبالتالي فشلوا عندما تولوا السلطة مباشرة، لعدة أسباب أهمها أنهم إقصائيون، ويحلمون بالاستيلاء على الدولة بشكل كامل دون منافس، لكنهم في الواقع فشلوا في الحكم واحتواء القوى المدنية وطمأنتها، وهذه العوامل الثلاثة إضافة إلى أن منافستهم التاريخية للجيش المصري غير مقبولة من خصم تاريخي.

والحقيقة أن الرئيس المصري السابق مرسي ارتبك كثيراً في حكمه، وارتكب خطأً كبيراً عندما عزل قادة الجيش المصري، وأطاح بالمجلس العسكري في ثلاثة أسابيع فقط، وهذا قرار لم يكن مقبولاً، ولم يحسن التعامل مع القوى المدنية، لذا أراد الجيش المصري إفشال حكم جماعة الإخوان، وتوافقت رغبته مع خوف القوى المدنية، وأبرزها القضاء والإعلام المصري، من تسلط الإخوان، فلم تجد خياراً إلا الاصطفاف مع الجيش في الانقلاب العسكري الذي قاده "السيسي" على الشرعية والسيطرة على الدولة.

** ماذا يعني إعلان الجيش المصري جماعة الإخوان إرهابية؟

ليس من المنطق إعلان "الإخوان" جماعة إرهابية، فهل 15 مليون إخواني مصري إرهابيون؟ وفي البعد العربي رئيس وزراء المغرب "بن كيران" إخواني، والإخوان في تونس فازوا في الانتخابات، وكذلك في الأردن لهم وجود قوي، وفي قطر كذلك.. وهناك تسريبات سياسية وإعلامية أن "السيسي" سيستقيل من منصبه بعد الاستفتاء ويترشح للرئاسة، والكل يدفعه لذلك، فإن تولى رئاسة مصر فتلك خطيئة لا تغتفر للرئيس مرسي الذي عينه وزيراً للدفاع.

** وماذا يحدث في اليمن حالياً؟ هل سيستقر ويهدأ أم سينفجر الوضع؟

الدول العربية بشكل عام ضعيفة عسكرياً وسياسياً.. نحن كنا متورطين سابقاً كعرب بالعراق وسوريا، وعلي عبدالله صالح والقذافي وصدام وإسرائيل.. وغيرهم الآن متورطون بالأسد والمالكي وحزب الله وآخرون، ولا نستطيع التعايش معهم ولا التفاهم ولا التحالف، بل ننتظر الدول الغربية أن تساعدنا لإنجاز المراحل المطلوبة.. والوضع اليمني صعب فالمجتمع مكون من قبائل قوية مسلحة، والدولة لا تحكم خارج العاصمة صنعاء، بل هي ضعيفة في الأطراف، وهناك فقر، وقبلية، وطائفية ظهرت في اليمن أخيراً، وهناك حراك في الجنوب يطالب بالانفصال.. إذن في مثل هذه التربة السيئة جاءت القاعدة، وزادت الطين بلة، والمطلوب هو إعادة صياغة النظام السياسي، والتفكير بالفدرالية، وإعطاء الجنوب صلاحيات داخلية واسعة كما الشمال، والعمل على حل المشاكل الداخلية والقضاء على بقايا نظام علي عبدالله صالح في الجيش، والحكم، والبرلمان، والمؤسسة العسكرية، وعندها ستحل أغلب المشاكل.. لكن عوامل الانفجار في اليمن متوافرة، وأستغرب أنه لم ينزلق حتى الآن لحرب أهلية، لكن هذا مشجع، ودليل على وجود أمل إذا حلت القضايا الاقتصادية والسياسية مع المحافظة على الوضع الحالي، والتركيز على الحوار الوطني، والتفاهم بين القوى السياسية.




** مقتل "ماجد الماجد" قائد كتائب عبدالله عزام.. ما هي تداعياته السياسية؟

تحاول إيران ترويج أخبار غير صحيحة أن السعودية وراء اغتيال ماجد الماجد خوفاً من أن يدلي بأسرار معينة، وهذا غير صحيح، بل هو مطلوب أمنياً في السعودية، وليس لديه شيء غير معروف، لكن إيران تحاول توظيف ذلك لأنها خسرت كثيراً بوفاته؛ فبعض أشخاص وتيارات من تنظيم القاعدة متحالفة مع إيران مثل تنظيم "داعش" الذي يشبه تنظيم القاعدة، وهو يحارب الثوار في سوريا والعراق أكثر من الأنظمة السياسية، وأغلب أعضائه من خريجي السجون السورية ومتطرفين دينياً، وتمولهم جهات معروفة للتخريب، وخلق النزاعات العسكرية، والحروب الاستخباراتية وتصبح الأمور متداخلة.

** الأزمة السياسية في تركيا حالياً.. هل ستطيح برئيس الوزراء رجب طيب أردوغان؟

ربما نعم.. وربما لا.. من المبكر الحكم على أردوغان.. لكن هو يمر حالياً بمأزق كبير، ففي مجال السياسة الخارجية اصطدم بمصر، وعلاقاته مع دول الخليج ليست قوية، ويحاول تطوير علاقاته مع إيران على أمل التعاون بينهما، لكنني لم أفهم لماذا السعودية حتى الآن لم تعمل على تشكيل تحالف قوي مع تركيا ومصر، وهي دول كبيرة في المنطقة، لكي تخلق حاجزاً أمام تحركات إيران وتعزلها عن المنطقة، فليس من مصلحتها أن تذهب تركيا لإيران.

من المتابع للأخبار يجد أن أيران تحاول الأصطياد في الماء العكر .. ولكن محاولاتها هذه ما تلبث أن تمنى بالهزيمه
وهى تحاول أن تجد فرصه كبيره على المملكه . ولكن بحول الله لن تستطيع . وخططها ومناوراتها أصبحت مكشوفه
ومعروفه والله يكفينا شرهم ,,,

اتمنى من الذي يخاف على المملكة من الاعداء اخذ قول الدكتور خالد الدخيل بعين العتبار ويحسبون للايران الف حساب
وشكرا لكم على المرور