إِعْتِذَاْرٌ لِعَمْرُوْ ابْن كُلْثُوْم !
أَعْلَمُ يَاْ صَدِيْقِيْ أَنَّهَاْ طَوِيْلَةٌ مُمِلَّةٌ!
وَلَكِنَّهُ الْأَلَمُ الَّذِيْ يَطْوِيْنِيْ. فَمَنْ شَآءَ قَرَأَهُ؛ وَمَنْ لَمْ يَشَأْ فَقَدْ تَحَمَّلَ عُذْرَاً بِجَنْبِهِ!
نَكَأَ جُرْحِيْ وَلَدِيْ الشَّاْعِرُ الرَّقِيْقُ مُصْطَفِىْ الْغَلْبَاْن!
وَذَلِكَ حِيْنَ قَاْلَ بِأَنِّيْ لَسْتُ بِعُمْرِ الْمَأَةِ.
وَلِعَيْنِيْهِ ـ وَإِكْرَاْمَاً لَهَاْ وَلَهُ أَنْفُثُ مَاْ صُدِرْتُ بِهِ ـ هَذَاْ الْقَصِيْد.
"وَإِنِّيْ لَمَصْدُوْرٌ؛ وَلَاْ بُدَّ لِلْمَصْدُوْرِ أَنْ يَنْفُثَ".
كَرِيْمٌ النُّعْمَاْن.
ألَاْ غُفِّيْ بُصَاْقَكِ وَاتْفُلِيْنَاْ
وَلَاْ تُبْقِ وُجُوْهَاً مُجْرِمِيْنَاْ
أَلَاْ رُوْحِيْ بِصُبْحِكِ وَاظْلِمِيْنَاْ
وَلْاَ تُبْقِ سِمَاْتِ الصُّبْحِ فِيْنَاْ
أَلَاْ هَاْتِيْ سِيَاْطَكِ وَاجْلُدِيْنَاْ
وَلَاْ تُبْقِ جُلُوْدَ الْمَاْرِقِيْنَاْ
جَزَاْكِ اللهُ خَيْرَاً أُمَّ عَمْرِوٍ
وَكُلْثُوْمَاً جَزَاْهُ اللهُ عِيْنَاْ
فَمَاْ عُدْنَاْ كَمَاْ كُنَّاْ رِجَاْلَاً
وَقَدْ رَجِعَ الْعَنَاْتِرُ مُكْتَوِيْنَاْ
أَفُرَّاْرٌ! أَقَيْنُهُمُو خَؤُوْنٌ !
أَجُشَّاْرٌ بَدَواْ مُتَرَهِّلِيْنَاْ !
أَغَدَّاْرٌ يَقُوْدَهُمُوْ بِلَيْلٍ !
فَضَاْعَ بِهَاْ وَقَدْ بِيْعَتْ رُهُوْنَاْ
أَفُرْسَاْنٌ وَخَاْنَتْهُمْ خِيُوْلٌ !
وَقَدْ رَجِعَ الْفَوَاْرِسُ رَاْجِلِينَاْ
أَمِنْ ضَعْفٍ تَوَلَّاْنَاْ صَغَاْرٌ !
وَمَنْ سَفَهٍ قَبِلْنَاْ أَنْ نَهُوْنَاْ
نَرُوْمُ الْلَّطْمَ مِنْ خَصْمٍ لَدُوْدٍ
نُدِيْرُ خَدَّنَاْ الثَّاْنِيْ فُتُوْنَاْ
أَرَسْنُ قَيَاْدَةٍ رَسَفَتْ ! وَسِجْنٌ !
رَضَيْنَاْهَاْ وَقَدْ دُمِيَتْ سِنِيْنَاْ
وَمَنْ فَرَقٍ تَمَاْدَيْنَاْ طِرَاْبَاً
حَسِبْنَاْهَاْ وُرُوْدَاً قدْ زُهينَا
فَقَاْدَتُنَاْ تُهَذِّبُنَاْ عِيَاْلَاً
وَمَنْ فَوْقِ الْمَنَاْبِرِ يَجْلُدُوْنَاْ
يَسُوْقُوْنَاْ لِطَاْعَتِهِمْ وَشَيْخٌ
يُلَقِّنُنَاْ جَزَآءَ الصَّاْبِرِيْنَاْ
وَرَأْسُ الْحُكْمِ أُجْرَتُهُ عَلَيْنَاْ
وَلَيْسَ الضِّدُّ نَرْجُوْهُ مَعُوْنَاْ
يُجَوِّعُنَاْ لِنَبْحَثَ عَنْ رَغِيْفٍ
كَكَلْبِ الصَّيْدِ يَتْبَعُهَاْ رَعِيْنَاْ
فَأَيْنَ تَرُحْ كِلَاْبُهُمُوْ تَرَاْخَتْ
وَأَيْنَ تَقِفْ فَذَيْلَهُمُوْ عَلَوْنَاْ
وَإِنْ شَأَمَتْ تُنَاْهِزُهَاْ شَآمَاً
وَإِنْ يَمَنَتْ تُرَاْوِحُهَاْ يَمِيْنَاْ
حَرَاْمٌ أَنْ يُقَوِّمُنَاْ زُنَاْةٌ
وَيَرْجُمُنَاْ إِمَاْمُ الْلَّاْئِطِيْنَاْ
أَجُهَّاْلٌ وَأَنْذَاْلٌ رُبِيْنَاْ !
وَأَوْغَاْدٌ رَضِيْنَاْ مَاْ لَقِيْنَاْ
فَيَاْ نَاْسَاً تَسَاْقَوْهَاْ كُؤُوْسَاً
وَمَاْ فِيْ الْكَأْسِ أَفْضَاْنَاْ مُجُوْنَاْ
وَقَدْ رَجَفَتْ خِيُوْلُ الْخَلْقِ رَكْضَاً
وَفَوْقَ ظُهُوْرِنَاْ تَجْرِيْ عَلَيْنَاْ
خِيُوْلُ النَّاْسِ فَوْقَ الْأُفْقِ تَزْهُوْ
وَنَحْنُ خَيْلُنَاْ رَقَدَتْ بَطِيْنَاْ
وَقَاْدَتُنَاْ دُمَىْ تَجْرِيْ غَبَآءَاً
وَأَرْسَاْنٌ تَقُوْدَهُمُوْ مَكَيْنَاْ
وَمَاْ شَرُّ الْقِيَاْدَةِ أُمَّ عَمْرِوٍ
وَقَدْ رَضِيَتْ شُعُوْبٌ أَنْ تُهَونَاْ
وَخَاْئِنَةً نُفُوْسُهُمُوْ تَلَاْقَتْ
كَمَاْ لَقِيَ الْمُدَاْعِرُ دَاْعِرِيْنَاْ
فَنُصْبِحُ فِيْ الصَّبَاْحِ بَوَاْر قَوْمٍ
وَنُمْسِيَ بِالْمَسَآءِ أَيَاْ بُثَيْنَاْ
جَزَاْكِ اللهُ خَيْرَاً أُمَّ عَمْروٍ
وَكُلْثُوْمَاً جَزَاْهُ اللهُ عِيْنَاْ
فَقَدْ فَلَجَ النَّجُوْمَ بِرَاْحَتَيْهِ
وَسِرْنَاْ تَحْتَهَاْ وَسَخَاً وَطِيْنَاْ
وَكُنْتُمْ قَدْ حُبِيْتُمْ وَجْهَ شَمْسٍ
فَمَزَّقْنَاْ وُجُوْهَكُمُوْ عِضِيْنَاْ
وَأَنَّاْ قَدْ مَلَأْنَاْ الْأَرْضَ قُبْحَاً
وَوَغْدَاً سَاْدِرَاً دُنْيَاْ وَدِيْنَاْ
وَأَنَّاْ الْغَاْدِرُوْنَ إِذَاْ وَعْدَنَاْ
وَأَنَّاْ الكَاْذِبُوْنَ إِذَاْ اتَّقَيْنَاْ
وَأَنَّاْ قَدْ شَنَقْنَاْ الْعَدْلَ مَقْتَاً
وَقَدْ رُحْنَاْ لِكِفِّهِ قَاْسِطِيْنَاْ
وَأَنَّاْ الْغَاْرِمُوْنَ إِذَاْ صَحَوْنَاْ
وَأَنَّاْ الْكَاْسِبُوْنَ إِذَاْ بَغَيْنَاْ
فَيَاْ وَجَعَ الْأَمَاْنِيَ دَاْمَ حُزُنِيْ
تَسَرْطَنَتِ الْجُرُوْحُ وَمَاْ شُفِيْنَاْ
فَيَاْ وَطَنَاً وَجُرْحُكَ فِيْ الْحَنَاْيَاْ
وَدَمْعُكَ كَاْلْمَنَاْيَاْ إِذْ صَليْنَاْ
تَرَكْنَاْ الْجُرْحَ يَكْبَرُ فِيْ غَبَآءٍ
وَنَلْعَقُ مِنْ جِرَاْحَاْتٍ أَنِيْنَاْ
وَيَاْ جُرْحَاً تَشَظَّىْ فِيْ حَشَاْيَاْ
مِنَ الْمَآءِ إِلَىْ الْمَآءِ حَزِيْنَاْ
فَزَاْمَلْنَاْ الرَّذِيْلَةَ وَاطَّرَحْنَاْ
مِنَ الصَّبْنَآءِ كَفَّاً مُزْدَهِيْنَاْ
ظَغَاْئِنُ قَوْمِنَاْ سَهَكَتْ خَطَاْيَاْ
فَأُعْمِيْنَاْ وَمَاْ عُدْنَاْ دَرَيْنَاْ
وَجَعْجَعَةً تُهَرْجِلُهَاْ رَحَاْنَاْ
وَمَاْ رَأَتِ الثِّفَاْلُ بِهَاْ طَحِيْنَاْ
فَمَاْ قَلَفُ الْخِتَاْنَةِ مِنْ رِجَاْلٍ
إِذَاْ حَمِيَ الْوَطِيْسُ بِهَاْ بَكَيْنَاْ
تَرَكْنَاْ خَصْمَنَاْ يَجْتَاْحُ شَعْبَاً
وَسِرْنَاْ فِيْ الشَّوَاْرِعِ غَاْضِبِيْنَاْ
فَمَاْ ضَبَحَتْ مِنَ الْمَرْعَىْ خِيُوْلٌ
وَلَاْ ظَهَرَ الْفَوَاْرِسُ نَاْصِرِيْنَاْ
فَأَنَّاْ الْنَّاْقِصُوْنَ إِذَاْ نَصَرْنَاْ
وَأَنَّاْ الْنَّاْقِضُوْنَ إِذَاْ دُعِيْنَاْ
وَأَنَّاْ الظَّاْلِمُوْنَ إِذَاْ قَدَرْنَاْ
وَأَنَّاْ الْمُسْرِفُوْنَ إِذَاْ سَبَيْنَاْ
جَزَاْكِ اللهُ خَيْرَاً أُمَّ عَمْروٍ
فَمَاْ كُنَّاْ لِعَهْدٍ مُنْصِفِيْنَاْ
وُكُلْثُوْمَاً جَزَاْكَ اللهُ خَيْرَاً
وَسَاْمِحْنَاْ فَقَدْ خُنَّاْ الْعَرِيْنَاْ
أَدَمْنَاْ الْلَّيْلَ آهَاْتٍ وَدَمْعَاً
نَجُرُّ الذُّلَّ فِيْ عَتَهٍ بُلِيْنَاْ
فَلَيْسَ الْخَيْرُ مِنْ تَرَفٍ تَوَلَّىْ
وَلَيْسَ الشَّرُّ مِنْ فَرَقٍ أُتِيْنَاْ
زَرَعْنَاْ الشَّوْكَ فِيْ الْأَزْهَاْرِ بُغْضَاً
وَأَحْرَقْنَاْ بِحَقْلنَاْ يَاْسَمِيْنَاْ
وَأَكْبَيْنَاْ الْمَرَاْيَاْ عَمْدَ قَصْدٍ
بِكِيْنَةِ سُوْئِهَاْ أَلَّاْ نَكِيْنَاْ *
قَطَعْنَاْ الْلَّيْلَ أَشْوَاْطَاً وَرُحْنَاْ
دَيَاْجِيْرَ التَّمَزُّقِ مُحْتَبِيْنَاْ
ذَبَحْنَاْ خَيْرَنَاْ فِيْ كُلِّ حَدْبٍ
وَجِئْنَاْ شَرَّنَاْ وَبِهِ كُسِيْنَاْ
هَدَمْنَاْ بَيْتِنَاْ مَقْتَاً وَفِسْقَاً
بِأَدْرَاْنِ الْبَذَآءَةِ عَاْلِقِيْنَاْ
وَمَاْ كَلَفُ الْكُنَاْسَةِ أُمَّ عَمْرو
تَسَاْوَىْ الْكَنْسُ وَالْكَنَّاْسُ فِيْنَاْ
ذَبَحْنَاْ خَصْمَنَاْ خُطَبَاً كَعَفْطٍ
فَمَاْ بَقِيَتْ وَلَاْ نَحْنُ بَقِيْنَاْ
فَلْاْ تُلْقِ السَّلَاْمَ وَفِيْكَ هُوْنٌ
يَجِيْءُ السِّلْمُ مِنْ وَجَلٍ جَبَاْنَاْ
فَمَاْ قَصَعَ الْجَبَاْنُ بِدَلْكِ ظُفْرٍ
عَدَاْهَاْ الْقَذْرَ أَوْ قَمْلَاً مَرِيْنَاْ
فَمَاْ عَدْلٌ تَأَتَّىْ مِنْ لُصُوْصٍ
وَهَلْ لِصٌّ عَلَىْ لِصٍّ رَأَيْنَاْ
وَمَنْ طَلَبَ الْعَدَاْلَةَ مِنْ غَشُوْمٍ
تَعِيْثُ بِبَيْتِهِ مَاْ يَشْتَهُوْنَاْ
وَمَاْ لِلسَّيْفِ غَيْرُ السَّيْفِ قَرْعَاً
وَمَاْلِلْخَيْـلِ غَيْرُ الْخَيْلِ دُوْنَاْ
وَكَاْنَ لَنَاْ مَعَ الْأَمْجَاْدِ وَعْدَاً
كَأَنَّ بِهَاْ وُعُوْد الصَّاْدِقِيْنَاْ
وَجَآءَ لَنَاْ رَسُوْل اللهِ يَسْعَىْ
وَفِيْ يَدِهِ كِتَاْبُ الْمُهْتَدِيْنَاْ
تَجَشَّمَ فِيْ مَحَجَّتِهِ غَيَاْبَاً
لِيَرْفَعَ خَيْرَهُ يَنْطَاْدُ فِيْنَاْ
يُوَحِّدُنَاْ عَلَىْ نَهْجٍ كَسَاْنَاْ
جِبَاْهَ الشَّمْسِ مُذْكَاْةً كُسِيْنَاْ
يُعَلِّمُنَاْ سَوَآءَ النَّفْسِ صِدْقَاً
وَيُرْشِدُنَاْ سَبِيْلَ الرَّاْشِدِيْنَاْ
فنَاْهَزْنَاْ بِهَاْ الْأَفْلَاْكَ عَدْلَاً
وَهَدَّمْنَاْ قِلَاْعَ الظَّاْلِمِيْنَاْ
تَسِيْرُ بِنَاْ ظُهُوْرُ الرَّيْحِ فَخْرَاً
يُعَطِّرُهَاْ شَمِيْمُ الْمُتَّقِيْنَاْ
حَمَلْنَاْهاْ نُجَاْهِرُهَاْ دُعَاْةً
رِسَاْلَتَهُ ضِيَآءَ الْحَاْئِرِيْنَاْ
وَرَاْحَ الْعَقْلُ مُتَّزِنَاً سَوِيَّاً
يُبَوِّؤُنَاْ عُرُوْشَ الْمُبْدِعِيْنَاْ
فَكَيْفَ إِذَنْ تَرَكْنَاْهُ وَخُضْنَاْ
حِضَاْجَ الْجَهْلِ فِيْ سَفَهٍ سَخِيْنَاْ
وَمَاْ زَاْلَتْ تُرَاْوِحُنِيْ الصَّبَاْيَاْ
بِأَسْئِلَةٍ تُزَاْحِمُنِيْ حَنِيْنَاْ
وَهَلْ عَقْلَاً بِأَنْ حَقَّاً مُنِحْنَاْ !
وَأَنَّاْ دُوْنَ خَلْقِ اللهِ چينا !
فَأَيْنَ الْعَقْلُ مِقْدَاْحَاً وَفَتْحَاً !
وَأَيْنَ الضَّوْءُ وَالنُّوْرُ مَضَيْنَاْ !
لَبِسْنَاْ أَحْمَدَاً قِشَرَاً إِهَاْبَاً
تَرَكْنَاْ الرُّوْحَ فِيْ ظَمَأٍ صَدِيْنَاْ
رَفَضْنَاْ أَنْ نَفِيءَ إِلَىْ رِشَاْدٍ
وَمَاْ وَقَفَ الضَّلَاْلُ بِنَاْ جُنُوْنَاْ
فَرَاْعِنَةً عَلَىْ الْإِخْوَاْنِ دَوْمَاً
غَطَاْرِسَةً عَلَىْ الْأَخْلَاْقِ فِيْنَاْ
كَذَبْنَاْ أَنْ بِطَهَ لَنَاْ سُلُوْكٌ
وَأَنَّاْ مِنْ مَشَاْرِبِهِ سُقِيْنَاْ
حَفظْنَاْ بُرْدَةً وَعَصَىً وَخُفَّاً
وَنَذْبَحُ شَاْتَهُ ذَبْحَاً قَفِيْنَاْ
أَبَاْ الزَّهْرَآءِ عَفْوَكَ قَدْ سَرَحْنَاْ
بِأَوْرَاْقِ الْمَصَاْحِفِ حَاْنِثِيْنَاْ
وَثَاْلِثَةُ الْأَثَاْفِيَ رَاْحَ غَرْبٌ
وَلِيَّ عَرَاْفِجٍ مُسْتَرْوِحِيْنَاْ
أَطَنَّ أَصَاْبِعَاً وَابْتَاْعَ فِيْهَاْ
بسُوْقِ مَصَاْرِفٍ لَوْ يَشْتَرُوْنَاْ
دَخَلْنَاْ رِحْلَةً فِيْ الْإِفْكِ نَزْنِيْ
وَسِرْنَاْهَاْ عَرَاْيَاْ آَفِكِيْنَاْ
وَأَعْرَاْبَاً رَحَلْنَاْهَاْ نِفَاْقَاً
نَشَدُّ بِهَاْ خِطَاْمَ الْفَاْسِدِيْنَاْ
تَنَرْجَسَتِ الضَّلَاْلَةُ فِيْ نُفُوْسٍ
مَوَاْعِيْدَاً لَنَاْ مُتَنَرْجِسِيْنَاْ
فَرَكْبُ الْإِفْكِ آخِرُهُ ضَلَاْلٌ
وَرَكْبُ الصَّدْقِ أَوْلَىْ أَنْ يَبِيْنَاْ
وَقَدْ لَعِبَتْ بِنَاْ الْأَغْرَاْبُ جَهْلَاً
وَمَاْ زِلْنَاْ عَبِيْدَاً مَقْتَويْنَاْ
فِلَسْطِيْنَاً أَضَعْنَاْهَاْ وَأَنَّاْ
نَضُيِّعُ مَاْبَقِيْ إِنْ قَدْ بَقِيْنَاْ
تَرَكْنَاْهَاْ كَأَعْرَاْسِ الصَّبَاْيَاْ
بِأَحْضَاْنِ الدَّعَاْرَةِ شَاْهِدِيْنَاْ
سَرَىْ بَغْدَاْدَ لَيْلٌ مِنْ أَذَاْنَاْ
وَمُعْتَصِمٌ بِسَاْمَرَّاْ رَهِيْنَاْ
وَهَاْرُوْنٌ يَبِيْعُ التَّمْرَ فِيْهَاْ
أَبُوْ الْمَنْصُوْرِ فِيْ ذُلٍّ سَجِيْنَاْ
كَسَرْنَاْ حِصْنَهَاْ فَأُقِيْمَ سُوْقٌ
وَبِعْنَاْهَاْ بِسِعْرِ السُّوْقِ تِيْنَاْ
يَعِيْثُ الْأَرْضَ يَحْسُبُهَاْ حُقُوْقَاً
وَإِرْثَاً مِنْ قَوَاْدِسِهِ سَبَيْنَاْ
تَرَكْنَاْهَاْ لِشَيْطَاْنٍ غُوَاْةً
أَبَاْلِيْسَاً وَشَيْطَاْنَاً لَعِيْنَاْ
وَقَاْهِرَةُ الْمُعِزَّ بِهَاْ رَمَاْهَاْ
ثَعَاْلِبُهَاْ تَسَاْقَتْهَاْ مَعِيْنَاْ
وَمُسْلِمُ مِنْ أَبٍ صَفَقَاً وَقَوْمٌ
بِأَسْدَاْنِ الذَّرَاْئِعِ مُفْسِدِيْنَاْ
فَكُلُّ الْخَيْرِ يُوْرَثُ مِنْ وَفَآءٍ
وَرَأْسُ الشَّرِّ شَرُّهُ أَنْ تَخُوْنَاْ
وَنُصْبِحُ فِيْ الصَّبَاْحِ نَبِيْعُ نِفْطَاً
وَنَقْفِلُ فِيْ الْمَسَا غُرْمَاً وَدَيْنَاْ
فَقَدْ أَمْسَىْ الْمُنَفِّطُ مِنْ مَعَدٍّ
يَبِيْعُ الْأَرْضَ وَالدُّنْيَاْ مَدِيْنَاْ
فَمَاْ قَمْحٌ تَأَتَّىْ مِنْ عِضَاْهٍ
وَهَلْ يُرْجِىْ كَسِيْحٌ أَنْ يَقِيْنَاْ
تَلَفَّتَتِ الصَّبَاْيَاْ لَمْ تَجِدْكُمْ
وَقَدْ كُسِرَتْ مَرَاْيَتُهَاْ سِنِيْنَاْ
فَلَاْ قَيْسٌ وَلَاْ لَيْلَىْ تَلَاْقَوْاْ
وَلَاْ هِنْدٌ وَلَاْ دَعْدٌ بَقِيْنَاْ
أَبَحْنَاْ الْخَصْمَ مَسْجِدَنَاْ بِحَرْبٍ
كَدُنْ كِيْشُوْتَ نَسْرُدُهَاْ فُنُوْنَاْ
وأطْيَاْفٌ تُسَكِّعُنِيْ مَلَاْلَاً
بِأَطْرَاْفِ التَّبَلُّهِ سَاْئِلِيْنَاْ
فَمَاْ بَرَحَ الْفُؤَآدُ بِهِ سَفِيْرٌ
يُنَاْهِدُ سَفْرَةً لِلْمَجْدِ حِيَنَاْ
أَعَرْنَاْ الْمَجْدَ وَالتَّاْرِيْخَ سَيْفَاً
وَجُنْدَاً دَوَّخُواْ الدُّنْيَاْ قُرُوْنَاْ
فَأَلْقِيْنَاْ بِسَاْحِ الْعَقْلِ مُلْكَاً
تحَاْرُ لَهُ الْعَبَاْقِرُ مُطْرِقِيْنَاْ
فَمَاْ تَعِبَتْ خِيُوْلٌ أَوْ تَعِبْنَاْ
وَلَاْ تَعِبَتْ سِيُوْفٌ أَنْ تَلِيْنَاْ
وَكُنَّاْ إِنْ رَكَبْنَاْ الْغَيْمَ هَاْمَتْ
بِأَمْشَاْجِ الْعَطَاْيَاْ قَدْ ذُرِيْنَاْ
وَمَاْ فِيْ الْأَرْضِ شَمْسٌ قَدْ تَنَاْهِتْ
وَإِلَّاْهَاْ بِقَبْضَتِنَاْ جَنِيْنَاْ
دَفَعْتَ كَرَاْمَةً لِلْعِزِّ مَهْرَاً
فَمَاْ شَرَفٌ لِسَيْفٍ أَنْ تَهُوْنَاْ
جَزَاْكَ اللهُ مَكْرُمَةً وَحَسْبِيْ
فَيَاْ عَمْرُوْ بن كُلْثُوْمَ الْهُوَيْنَاْ
تَرَكْنَاْ الْأَمْرَ مَرْهَوْنَاً بِفَخْذٍ
بِمِئْلَاْةِ الظَّعَاْئِنِ قَدْ شُرِيْنَاْ
وَقَدْ أَغْفَىْ الطَّعَاْمُ وَمَاْ فَقِهْنَاْ
أَنَأْكُلُهُ غَثَاْثَاً أَمْ سَمِيْنَاْ
وَمَاْ رَشَدَتْ مَنَاْشِطُنَاْ تَبَاْبَاً
وَإِنْ عَمِيَتْ بَصَاْئِرُنَاْ عُمِيْنَاْ
فَلَاْ وَاللهِ لَوْ إِبْلِيْسُ حَتَّىْ
بِتَمْرٍ قَدْ رَجَمْنَاْ مَاْ رَضِيْنَاْ
تُصَاْحِبُنَاْ مَفَاْسِدُهُ بِوُدٍّ
فَنُفْسِدُ بَلْهَ مَفْسَدَةٍ مُجُوْنَاْ
وَلَوْ يَوْمَاً بِغَيْرِهِ قَدْ غُوْيِنَاْ
تَفَنَّنَ فِيْ الْغِوَاْيَةِ مَاْ غُوْيْنَاْ
وَسُقْنَاْ الْكِذْبَ قَاْفِلَةً وُكُنَّاْ
عَلَىْ الْأَيَّاْمِ خُسْرَاً مُثْقَلِيْنَاْ
تَحَمَّلَتِ الْخَلَاْئِقُ سُؤْءَ نَفْسٍ
وَأَبْدَلَتِ الْحَقَاْئِقَ وَالْيَقِيْنَاْ
وَمَاْ وَجَعَ الْأَمَاْجِدَ طَعْنُ رُمْحٍ
وَلَكِنْ رِدَّةَ التَّاْرِيْخِ فِيْنَاْ
أَبَاْ الزَّهْرَآءِ يَاْ وَجَعَاً وَفِيَّاً
لَقَدْ بِعْنَاْ الْمَوَاْرِثَ وَالرُّهُوْنَاْ
أَبَاْ الزَّهْرَآءِ لَنْ أَنْسَاْكَ بَتَّاً
وَيَاْ أَلَمَاً يُمَزِّقُنِيْ أَمِيْنَاْ
دُوَيْلَاْت تُسَهِّمُنَاْ أُنَاْسٌ
وَنَرْجُوْ عَدَاْلَةً مِنْ سَاْرِقِيْنَاْ
إِمَاْرَاْت سَيُوْقَصُ كُلُّ قُطْرٍ
عَرَاْزِيْلَاً يُمَهِّدُهَاْ عَرِيْنَاْ
صَلَاْءَتُهَاْ يُدَقُّ بِهَاْ قُرَاْدٌ
وَرَاْحَ الطِّيْبُ فِيْ يَبَسٍ حَزِيْنَاْ
وَبِتْرَوْلٌ وَإِمْرَأَةٌ وَخِدْرٌ
وَجَهْلٌ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاْهِلِيْنَاْ
وَأَجْلَاْفٌ يُطَرْبِلُهَاْ عُلُوْجٌ
بِأَحْجَآءِ الْمَدَاْئِنِ فَاْرِهِيْنَاْ
غُفَاْةُ الْقَوْمِ سَلَّاْهُمْ غُزَاْةٌ
وأَمْسَىْ الْغَزْوُ طَبْعَاً مًسْتَكِيْنَاْ
مَأَاْذِنُنَاْ تُكَبِّرُ فِيْ حَيَآءٍ
مُؤَذِّنُهَاْ يَصِيْحُ أَيَاْ مُعِيْنَاْ
فَمَاْ حَضَرَ الْإِمَاْمُ أَوِ الْمُصَلَّيْ
وَأَبْكَاْنِيْ إِمَاْمُ الْمُصْلِحِيْنَاْ
مُعَاْدَلَةٌ وَفِيْهَاْ سِنُّ سِحْلٍ
وَهَلْ سِحْلٌ سَخَىْ يَوْمَاً سُنُوْنَاْ
فَلَاْ بَأْسَاً عَلَيْكَ وَلَاْ مَلَاْمَاً
فَقَدْ خُضْنَاْ الْمَعَاْرِكَ خَاْسِرِيْنَاْ
سَلَاْمُ اللهِ يَاْ طَهَ وَعُذْرَاً
فَلَاْ تَأسَ فَأَنَّاْ مَيِّتُوْنَاْ
وَيَاْ عَمْرُوْ ابْن كُلْثُوْمٍ حَرَاْمٌ
لِأَنْ تَبْكِيْ وَنَحْنُ ضَاْحِكُوْنَاْ
وَيَاْ أُمَّاْهُ لَاْ تَبْكِ فَعْدْلٌ
لِمَنْ قَبِلَ الدَّنِيَّةَ أَنَ يَهُوْنَاْ
أَبَاْ الزَّهْرَآءِ عَفْوَكَ لَاْ تَلُمْنِيْ
فَإِنَّ مَوَاْجِعِيْ بَلَغَتْ حُزُوْنَاْ
وَفِيْ قَلْبِيْ مِنَ الْأَحْزَاْنِ جُرْحٌ
وتَحْجَأُ دَمْعَتِيْ حَزَنَاً دَفِيْنَاْ
وَبِيْ غَضَبٌ تَوَلَّاْنِيْ زَمَاْنَاً
وَقَدْ زَرَعَ الْمَآتِمَ بِيْ عِيُوْنَاْ
فَمَاْ عَاْدَتْ تَرَىْ شَيْئَاً جَمِيْلَاً
وَقَعْرُ ضِيَاءِهَاْ مُلِئَتْ دُهُوْنَاْ
فَلَوْ أَنِّيْ بَكَيْتُكَ مَاْتَ دَمْعِيْ
وَمَاْ يَكْفِيْكَ يَاْ زَخَمَاً ثَمِيْنَاْ
(فَمَنْ رَضِيَ الْحَيَاْةَ بِغَيْرِ دِيْنٍ)
تَجِيْءُ لَهُ الْجَبَاْبِرُ غَاْصِبِيْنَاْ