بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آليه وصحبه أجمعين .......وبعـــــــــــد
خطبة تفسير سورة القارعة.
................
موضوع هذه السورة المكية: التخويف بأهوال القيامة.
فقد بدأت بالحديث عن أهوال القيامة وشدائدها، وانتشار الناس فيها من قبورهم كالفراش التطاير، ثم أشارت إلى بعض أمارات الساعة وهو نسف الجبال وجعلها كالصوف المنتوف، مما يُوجد الذعر والهلع في قلوب الناس.
وكانت خاتمتها الإخبار عن نصب موازين الحساب التي توزن بها أعمال الناس، فثقيل الميزان بالحسنات إلى الجنة، وخفيف الميزان بالسيئات إلى النار.
القارعة من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لأنها تقرع القلوب والأسماع بأهوالها وأفزاعها الشديدة، من القرع وهو الضرب بشدة.
القارعة هذا القرع عبارة عن الصيحة التي يموت فيها الخلائق ثم يحيهم الله عند النفخة الثانية، ونفخ في الصور.
أو القرع هو اصطكاك الأجرام العلوية والسفلية حين التخريب والتبديل.
كالفراش المبثوث: كالفراش المنتشر المتفرق في الكثرة الانتشار والاضطراب، يموج بعضهم في بعض للحيرة إلى أن يدعون للحساب، يوم ترونها تزهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها.
وتكون الجبال كالصوف المندوف في خفة سيرها وتبددها حتى تستوي مع الأرض.
ثقلت موازينه: رجحت حسناته على سيئاته.
خفت موازينه: رجحت سيئاته على حسناته.
فأمه هاوية: فسكته أو مأواه جهنم، وسماها أمه لأنه يأوي إليها كما يأوي الطفل إلى أمه.
أو فأم رأسه هاوية في النار لأنهم يهمون في النار على رؤوسهم.
إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون روحوا أخاكم فإنه كان في غم الدنيا، قال ويسألونه ما فعل فلان فيقول مات أَوَ ما جاءكم فيقولون ذهبوا به إلى أمه الهاوية.
نار حامية: أخرج البخاري ومسلم ومالك عن أبي هريرة أن النبي قال: " نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم"، وفي راوية الإمام أحمد" هذه النار جزء مئة جزء من جهنم ".
" إن أهون أهل النار عذاباً: من له نعلان، يغلي منها دماغه".
وما أدراك ما القارعة: أي لا علم لك بكنهها، لأنها في الشدة بحيث لا يبلغها الفهم، ولا يتصور عظمها الوهم بل هي أشد وأعظم وأدهى وأمرّ.
فهو في عيشة راضية: تقول اللهم اجعلني منهم وتنظر إلى أعمالك أمام أعمالهم.
فأمه هاوية: اللهم ابعدني عن أعمالهم.
الميزان لا يثقل إلا بالحسنات والأعمال الصالحة.
ومن الحسنات المثقلة للميزان: الإكثار من التسبيح والتحميد، ففي الحديث:" كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
وفي حديث آخر: " خمس ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله ، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه" أي فيصبر ويحتسب الأخر عند الله تعالى، النسائي وابن حبان.
ما من شيء يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من خُلُق حسن"، رواه أبو داود والترمذي.
" إياكم ومحقرات الذنوب فإن مَثَل محقرات الذنوب كقوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حتى انضجوا خُبزَتهم، وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه".