إخوتي أخواتي :
مما لا شك فيه أن علم الحديث والسنة علم مستقل بنفسه وهو يجمع بين كل الاختصاصات وربما لا يدري أحدنا هذه الخصوصية إلا إذا خاض غمار هذا الاختصاص وإنني في هذا المقام لا أريد الخوض في التخريج أو ما يتعلق بدراسة الأسانيد وما شابه ذلك إنما أريد أن أركز على أمر هو في غاية الروعة وهو ما يتعلق بكرامة الله للمحدثين الذين سخرهم الله لحفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاندثار والضياع , وإنني حين كنت أشتغل برسالتي العالمية وكان مجال بحثي دراسة الأسانيد وتراجم الرجال وقد مررت على أكثر من 5000 آلاف ترجمة لهؤلاء المحدثين رأيت كيف أن الله كان قد أكرم هؤلاء القوم وقد وضعت هذه الإشارات واللمحات في مجموعة خاصة وسميتها " من كرامة الله للمحدثين "
من هؤلاء الذين أكرمهم الله سبحانه :
1-( أبو عمرو بن حِِِمَاس الليثي)
ترجم له المزي في تهذيب الكمال 34/ 120 رقم 7532 وقال : هو أبو عمرو بن حماس بن عمرو الليثي من بني ليث بن بكر بن عبد مناة.
وهو والد شداد بن أبي عمرو بن حماس. روى عن أبيه حماس بن عمرو، وحمزة بن أبي أسيد الساعدي ومالك بن أوس بن الحدثان. وروى عنه: حمزة بن المغيرة الكوفي، وابنه شداد بن أبي عمرو بن حماس ومحمد بن عمرو بن علقمة. ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، وقال: كان متعبدا مجتهدا يصلي بالليل، وكان شديد النظر إلى النساء، فدعا الله أن يذهب بصره، فذهب بصره، فلم يحتمل العمى فدعا الله أن يرده عليه فرده عليه، فبينا هو يصلي في المسجد إذ رفع رأسه، فنظر إلى القنديل فدعا غلامه، فقال: ما هذا ؟ قال: قنديل. قال: وذاك ؟ قال: قنديل، قال: وذاك - يعد قناديل المسجد - فخر ساجدا شكرا لله إذ رد عليه بصره، فكان بعد إذا رأى المرأة طأطأ رأسه، وكان يصوم الدهر. وقال الواقدي: لم أسمع له باسم .روى له أبو داود من أهل السنن الستة , وفي التقريب : بكسر المهملة والتخفيف " مقبول من السادسة مات سنة 139هـ
2-( سريج بن يونس بن إبراهيم البغدادي)
أبو الحارث العابد مجمع على توثيقه وكان أحمد يثني عليه خيرا ويقول : رجل صالح صاحب خير ما علمت , روى له البخاري ومسلم والنسائي .
قال سهل بن علي الدوري سمعت سريج بن يونس يقول خرجت يوم الجمعة أريد مسجد الجامع فلما دخلت القنطرة رأيت سمكتين في سفود في دكان شواء فاشتهيتها بقلبي للصبيان ولم أتكلم به فلما قضيت الجمعة ورجعت رأيتهما وقد أخرجهما الشوّاء فتمنيتهما بقلبي فلما دخلت البيت فإذا داق يدفع الباب فقلت من هذا وخرجت فإذا رجل معه طبق عليه السمكتين وبقل وخل ورطب كثير فقال لي يا أبا الحارث كل هذا مع الصبيان فأخذته منه .
قال ابن الجعد حدثني بقال سريج بن يونس قال جاءني سريج بن يونس ليلا وقد ولد له مولود فأعطاني ثلاثة دراهم فقال لي أعطني بدرهم عسلا وبدرهم سمنا وبدرهم سويقا ولم يكن عندي وكنت قد عزلت الظروف لأبكر فأشتري فقلت ما عندي شيء قد عزلت الظروف لأبكر أشتري فقال لي انظر قليلا فجئت فوجدت الجرب ملأى فأعطيته شيئا كثيرا فقال لي ما هذا أليس قلت أن ما عندي شيء قال قلت خذه واسكت فقال ما آخذه أو تصدقني فخبرته بالقصة فقال لي لا تحدث به أحدا ما دمت حيا " خشية أن يفتتن به الناس , مات سنة 235هـ تهذيب الكمال 10/ 221 رقم 2191