الحياة في الماضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبدالله سيد الأولين والآخرين وبعد


سوف أتناول في موضوعي هذا شيء من التراث وهي حرفه كانت ركيزة أساسية عند أهل الديرة ليستطيعوا العيش وشق طريقهم في هذه الحياة.
حرفه كانت شغلهم الشاغل وعملهم الشامل .
حرفه كانت تبدأ بزمن وتنتهي بزمن .
حرفه كانت تقوي عزائم الرجال وتربي النساء وتنتج الأجيال .
حرفه كانت تعلمهم حساب الزمان وتعطيهم العيش والأمان .
حرفه كانت أساس لأهل الديرة وأصبحت ضعيفة وفقيرة .
حرفه شارفت على الاندثار لا تكاد تلقى لها اليوم آثار .
بالطبع كلكم تعرفونها والبعض يعرفها بالذكر فقط .


إنها الزراعة.


ماذا كان يزرع أبائنا وأجدادنا على مر العصور القديمة ؟
كيف كانت الزراعة وما هي أدواتها وأوقاتها ؟
سوف أذكر هنا بعض أنواع الحبوب التي كانت تزرع في ديرتي الحبيبة وكيفية زراعتها وما هي أوقاتها وأدواتها وسأحاول الاختصار وبالله التوفيق:
من أشهر أنواع الحبوب التي كانت تزرع عند أهل الديرة
الحنطة





حب الحاج





الذرة





أولاً: ا لحنطة وهي عدة أنواع ومنها:-


* مابية: وتكون سنبلتها ذات أربع سرح أو أكثر متوسطة الحجم
بين أنواعها من الحنطة ذات سفى كثيف وطويل ويكون لون
الحبوب مائل إلى الحمرة.
* مشعورة: وتسمى أحياناً الخولانية وتكون مخلوطة بن شعير
ومابيه وسنبلتها متوسطة الحجم ذات سراحين فقط ويكن لون
الحبوب مائل إلى البياض.
* عسيرية: وتكون سنبلتها ذات أربع سرح أو أكثر كبيرة الحجم
ذات سفى كثيف وطويل ويكن لون الحبوب مائل إلى الحمرة
قليلاً.


* كنده: وتكون سنبلتها ذات أربع سرح تقريباً متوسط الحجم
ولا يوجد لها سفى ويكون لون الحبوب مائل إلى البياض
* إسترالية: وهي مشابهه للكنده في الشكل ويكن لون الحبوب
مائل إلى الصفار.





* مكسبة: وتكون سنبلتها ذات ثلاث سرح تقريباً صغيرة الحجم
بدون سفى ويكون لون الحبوب مائل إلى الصفار.



* شعير: ويكون سنبلته ذات سراحين فقط متوسطة الحجم ذات
سفى كثيف وطويل ويكون لون الحبوب مائل إلى البياض.





ثانياً: حب الحاج وهو عدة أنواع ومنها
* الحبش وهو مايسمى بالسبل وهو معروف وكذلك له
عدة أنواع ومنها:
1- هندي وتكون السنبلة متوستط الحجم ولون الحب اصفر.
2- فشار وتكون السنبلة متوسطة الحجم ولون الحب أصفر داكن.

3- عربي وتكون السنبلة صغيرة الحجم ولون الحب اصفر.
4- مصري وتكون السنبلة كبيرة الحجم ولون الحب ابيض.



ثالثاً : الذُرة وهى عدة أنواع ومنها
* بسيسة وتكون السنبلة متوسطة الحجم وتأخذ شكل نصف
دائرة ولون الحب أبيض فاتح.
* قشاشة وتكون السنبلة كبيرة الحجم وتأخذ شكل نصف
دائرة ولون الحب اصفر.
* حمرية وتكون السنبلة متوسطة الحجم وتأخذ شكل نصف
دائرة ولون الحب احمر.
* الرَيش وتكون السنبلة كبيرة الحجم بشكل مستقيم وتأخذ
شكل ريش الطائر ولون الحب مائلة للصفار.
* مجدوله وتكون السنبلة صغيرة الحجم قريبه من شكل
حب الحاج ولكن بدون قشور ويكن لون الحب اصفر.


هذا ما يتعلق بأنواع الحبوب التي كانت تزرع


أما أوقات الزراعة فلكل نوع من هذه الحبوب وقت وزمن معين تزرع فيه وكانت تنقسم الزراعة عند أهل الديرة إلى قسمين في السنة وهي صيف وخريف.


*فمثلاً الحنطة بجميع أنواعها تسمى الصيف
*الذرة وحب الحاج بجميع أنواعها تسمى الخريف


ومن الأدوات التي تستخدم في الزراعة:
يستخدم في الحرث:
الثيران والضمد والسحب
وفي الدمس:
الثيران والمدمسة وأحياناً الجمل والمدمسة.
وفي السقاية:
الثيران والغرب وأحياناً الجمل والغرب.


الضمد: وهو مصنوع من شجر الغرب ليكون وزنة خفيف ويتكون من الضمد نفسه والزرر والجر والحقيبة ويُركب على رقاب الثيران.



السحب: وهو مصنوع من الشجر والغالب يصنع من شجر الطلح أو العتم ويتكون من السحب نفسه والكربة والحارث والثمرة بضم الثاء والحديدة والخرز بضم الخاء والوصلة التي توصل السحب بالضمد.



المدمسة: هي مصنوعة كذلك من شجر العتم والطلح وتستخدم في تسوية البلاد بعد الحرث.



الغرب: وهو مصنوع من جلد الماعز لقوته وتحمله أكثر من غيره
من الجلود وهو على شكل (مخروطي) الفتحة الكبيرة بطول متر تقريباً يُركب على الفتح الكبيرة عراقي على شكل اكس وهي مصنوعة من الخشب و الفتحة الصغيرة على شكل كم الثوب أو مثله مرتين
وتكون مقسومة قسمين لكي تدوم طويلاً ولا تتشقق.






بداية موسم الزراعة وهو الصيف يسمى الوسمية وتعني موسم المطر - فسبحان الله كان المطر ينزل في أوقات معروفه عند الناس عكس هذا الزمان أسأل الله الكريم الرحيم أن يرحم العباد والبلاد - وتعرف الوسمية بنجم الثريا حينما تظهر مع غروب الشمس في وسط السماء وتغيب مع شروق الشمس (وكان هناك افكار عندهم غريبة فيقولون أن الثريا ترد البحر لتستقي فقد أقترب موسم المطر)
لأنها قبل موسم المطر وعندما تشرق الشمس وهي لاتزال في وسط السماء.
الصيف زراعة الحنطة
تتم زراعة الصيف على النحو التالي:-
كلكم تعرفون أن البلاد تنقسم قسمين وهما:-
1-المسقوي وهي البلاد التي تسقى من البئر برحمة الله
2-العثري وهي البلاد التي تسقى من المطر برحمة الله
أما المسقوي فتبشر وتسمد وتذرى وتحرث وتقصب وأكثر ما يزرع فيها العسيرية والأسترالية والشعير وأحياناً مشعورة وكانت تزرع المابية في بلاد العثري.



في حال تأخر المطر يتم سقاية المسقوي بالغرب والثيارن عن طريق البئر.
أما بلاد العثري فتنتظررحمة الله ولقوة تحمل حب المابية تزرع فيها.


تستغرق زراعة الصيف ما يقارب أربعة أشهر من وقت الحرث إلى وقت (الصرام) أي الحصاد وبعد أن يحين الصارم تتفاوت مدة الصرام كلاً على حسب بلادة كثيرة أو قليلة فهناك من ينتهي في خلا عشرة أيام وهناك من يستغرق الشهر وأكثر تتم عملية الحصاد بواسطة المحش.
المحش: هو أداه تستخدم في حش المحصول مصنوع من الحديد ومقبضه مصنوع من الخشب.



وبعد الصرام يعصد العيش ويجمع ويُحْبل بجانب الجرين.


الجرين: هو المكان الذي يتم فيه الدياس وهو قطعه من الأرض تكون أرضيته مستوية وصلبة ويوضع فيه صلي أي أحجار كبيرة مسطحة يتم صفها جنباً إلى جنب وتخلب الفراغات أي تغطى بدمن البقر يوضع معه الماء ويترك حتى يجف الجرين فيصيح أرض صلبه يتحمل الدياس بالثيران.
الدياس: هو عملية فصل الحب عن (الرفه) التبن وكان يستخدم في هذه العملية الثيران والخورمه.
الخورمه: هي حجر كبير على شكل مستطيل يكون من الأمام منحوت لكي يُركب عليه الجر ومن الخلف متساوي ويسحب بواسطة الثيران فوق المحصول.


الجر: هو حبل يُسحب به الخورمه مصنوع من جلد البقر.


وبعد أن ييبس (العيش) أي المحصول يتم وضعه في الجرين وتبدأ عملية الدياس يجعلون الثيران تمشي عليه بشكل دائري فوق عُصد العيش وتسحب الخورمه عليه وبهذه العملية يتكسر العيش بسهوله لأنه يابس ويتفتت منه الحب ويستخدم المرداد في رد العيش كلما خرج عن دائرة الدياس.
المرداد: وهو عصا طويلة ولها ثلاث إلى خمس شعب يصنع من شجر العتم طبعاً لقوة هذه الشجرة وصلابة أغصانها.


وبعد ذلك يقومون بعملية استخلاص الحب من الرفه بواسطة الذراه
وهي عملية تعريض الرفه والحب للرياح بواسطة رفع المحصول باليد لتهب عليه الرياح وتحمل الرفه قليلاً عن الحب ويصبح الحب في جانب الجرين والرفه في الجانب الآخر.
وبعد ذلك تتم عملية تنقيه الحب بواسطة الغربال فيقوم شخص بتعبية الزنبيل من الحب ورفعه فوق الرأس لكي يعرضه للرياح ويصبه في الغربال والشخص الآخر يمسك الغربال ويقوم بتحريكه لكي ينزل الحب صافي ويبقى بعض القراميع والحجار الصغيرة وبعض السنابل التي تنجو من دهك الخورمه ويكال الحب ويوضع في البياسين ويصب ويخزن في القفه.
الغربال: هو على شكل دائري مصنوع من الخشب والحديد مثل المنخل ولكن فتحاته أكبر بقليل.
القفه: وهي على شكل الهرم مفتوحة من الأعلى مصنوعة من شجر الطفي الذي يزرع بشكل كبير في تهامة.
هذا ما يتعلق بزراعة الصيف


الخريف زراعة حب الحاج والذرة:


يزرع الخريف وبشكل كبير في بلاد المسقوي أما بلاد العثري فتزرع ولكن بشكل قليل فمحصول المسقوي يجمع منه الحب والقنى ومحصول العثري يجمع منه القنى فقط ويستخدم القنى ضرمة للبهائم.
تبدأ زراعة الخريف قبل دياس الصيف فعندما ينهون صرام الصيف من بلاد المسقوي تتم عملية بغر البلاد وهي سقاية البلاد بالماء عن طريق الثيران والغرب وبنفس قصاب الصيف وتترك ثلاثة أيام حتى تجف من الماء وبعد ذلك يُنقع الحب المعد للزراعة (الذرو) في ماء لمدة ثلاثة أيام ويوضع في كيس بيساني حتى يتصبب الماء منه ويجف نوعاً ما وبعد ذلك (يذرى) في البلاد أي يزرع وتبدأ عملية الحرث والدمس وتترك البلاد يوم كامل بعد الحرث يسمى الردم وبعد ذلك تقصب البلاد وتترك ما يقارب أسبوع حتى يظهر الزرع ويسقى بالماء تسمى هذه العملية الَلباد أي تُلبد بالماء وتترك لمدة أسبوعين حتى يصبح طول الزرع ما يقارب المتر إلى المتر ونصف ويسقى بالماء وتسمى هذه العملية السريع وبعد ذلك بعشرة أيام تقريباً يجرد المحصول أي يظهر السبل ويسقى بالماء وبعد ذلك يظهر الحب وتبدأ عملية الحزم أي يؤخذ عشرة سيقان تقريباً من الزرع وتحزم (تربط ) مع بعضها البعض تتم هذه العملية لكي لا يتكسر المحصول بسبب هبوب الرياح وهو محمل بالسبل وبعد ذلك تحمى من الطير حتى يصبح الحب جاهزاً للحصاد تستغرق عملية الزراعة من الحرث إلى الصرام ما يقارب ثلاثة أشهر.


وبعد ذلك يجمع السبل في المكاتل



(وهو مصنوع من الطفي) وينشر في الجرين حتى يجف تماماً وتبدأ عملية إخرج الحب وتنقيته بالمخابيط (وهى عصى طويلة تؤخذ من شجر العرعر) يضرب بها على المحصول لكي يخرج الحب من الخميمه بالنسبة للذرة.
والحب من العزم بالنسبة لحب الحاج.
وبعد ذلك يغربل الحب أما الخميمه فتعبأ في المكاتل وتخزن وتبطخ للهوش و العزم يرمى خارجاً.


ويصرم القنى بالمحاطب ويُنشر في البلاد حتى يجف ويُعصد ويحمل على ظهور الجمال ويخزن داخل البيوت لكي لا يتبلل من المطر ليصبح ضرمه للبهائم.


وبعد ذلك يعودون من جديد فتبشر البلاد وتسمد استعداداً للزراعة الصيف وهكذا يدور بهم الحال والأحوال.
وكانت تمر بهم أيام عصيبة وشدائد من كثرة العمل الدائم من بزوغ الفجر إلى غروب الشمس فكانت مهمة الزراعة والصرام والدياس صعبة جداً حتى أن البعض منهم يتمنى أن يغيب عن هذه المهمة وينشغل برعي الغنم.
وكانوا يرددون بعض أبيات الشعر وبعض العبارات التي تحمسهم للعمل وتسليهم وتنسيهم هم الشغل ومنها:-


ما يقال عند الدياس
ياليتني يوم الدياس غايبي أرعى الغنم في غمق الشعايبي


ما يقال عند الذرى
هبي يانود يانواده أي لك عادة وعواده عادة شيخ بين أولاده


ما يقال عند الصرام
أنا ومحشي يا لحوه أندر على الوادي والتحوه
أنا ومحشي ياعمه أندر على الوادي والتمه


ياشمس مالك وسط ظهري ولا دينا
باروح واخليك لاحظة أيدينا
هذا ما أستطاع أن يجمع لكم أخوكم الثميدي من بعض المعلومات التى تتعلق بهذه الحرف من عند بعض أهل الخبرة ومن عند نفسي لأني أذكر البعض من هذه الأحداث التي كلما تذكرتها فاضت عيناي بالدمع حزناً على تلك الأيام الجميلة.
أتمنى أن أكون قد وفقت في جمع هذه المعلومات وأعتذر لعدم موافاتكم بالصور كامله والجود من الماجود.
فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان

مبدع دائما
فقلمك يعتلي القمه حرفا وخلقا
موضوع رائع من كل بستان اتيت لنا بزهره
بوركت جهودك وسلمت يداك
لك منى أجمل تحية