صور من التناقض، وغيرها كثير!

صور من التناقض، وغيرها كثير!
السبت, 3 أكتوبر 2009
أ.د. سالم بن أحمد سحاب


في بلادنا صور عجيبة من التناقض الصارخ التي يحسبها الرائي عصيّة على الحل حدّ الاستحالة، ومضحكة حدّ السخف. خذوا مثلاً زعمنا بأن مناهجنا التعليمية كاملة ورائعة و(فعّالة) ومخرجاتها شباب وقور ملتزم وفتيات صالحات قانتات. ولكن هذا الصلاح يختفي فجأة أمام مداخل الأسواق والمجمعات التجارية الكبرى بحجة أن التقاء هؤلاء مع هؤلاء سينتهي إلى أعمال مخزية وصور شائنة وسلوكيات فاضحة لا تُرى ولا في أغنى دول العالم (الكافرة) المتحررة. تناقض صارخ! أليس كذلك!!
وانظروا إلى حال كبار المسؤولين لدينا وهم يهيبون بالشباب: أن أقدِموا على ممارسة المهن والحرف على اختلاف مستوياتها مثل النجارة والسباكة وأعمال الكهرباء والبناء والخدمة في المطاعم وغيرها. وبالنسبة لفتياتنا لا بأس بالعمل عاملات نظافة في المؤسسات والشركات، وعاملات خدمة في البيوت والدّور، لكن في المقابل لم نعط هذه المهن قدرها الذي تستحق بالنظر إلى ما نزعمه من أهميتها ومكانتها، فلا تنظيم لهذه المهن يمنع الدخلاء الوافدين من اقتحامها، ولا مؤسسات خاصة رفيعة القدر ترعاها، ولا حتى تصاريح رسمية بالمهنة تشدّ من أزرها وتحدّد أجورها لتظل معقولة لا ينافسها (فئة بتوع كله).
وأما مصاهرة هؤلاء (المهنيين) فيظل في عالم المستحيلات بالنسبة لأولئك المسؤولين الذين لا يرغبون في تزويج بناتهم إلاّ لأصحاب مهن عليا أو وظائف خاصة أو أبناء رجال أعمال ومال. إنه تناقض صارخ آخر! أليس كذلك!
وفي عالم البحث العلمي لا تزال مكافآت الباحثين تراوح مكانها بين ألف ريال في الشهر وألفين في النادر القليل. ومع ذلك نريد أن نقفز إلى مصاف الجامعات العالمية والمراكز المتقدمة بمجرد الزعم أننا سنفعل. بالله سلوا غادة المطيري عن الإنجاز الذي حققته: هل كان بملاليم معدودة أم بملايين كثيرة من الدولارات والإمكانات والتجهيزات ناهيك عن المعامل التي تُدار بأيدٍ محترفة وتُصان بأيدٍ محترفة، وتعمل على مدار السنة لتدرّ مبالغ طائلة وتحصد نتائج دقيقة مؤثرة. تناقض صارخ! أليس كذلك؟!
والقائمة تطول وهي أضعاف ما ذُكر أعلاه، لكن العين بصيرة واليد قصيرة والحبر قليل والله المستعان.