أستاذ بالجامعة الإسلامية يحذر الدعاة من تكفير «غير الملتزمين»
سلطان الحربي ـ المدينة المنورة
قال الأستاذ بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية الدكتور إبراهيم بن عامر الرحيلي إن كثيراً ممن يقتحم الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يراعي خطاب المدعوين بما يتناسب مع أحوالهم ولا يراعي التفاوت في الخطأ، مشيراً إلى أن كثيراً من طلبة العلم يعمد إلى هجر المخالفين بدلاً من مناصحتهم، ولا يراعي التفاوت في تنزيل الأحكام على المعيّنين فيكفّر ويفسّق ويبدّع.
جاء ذلك في محاضرة له بالجامعة الإسلامية عن «الحكمة حقيقتها وفضلها وتطبيقاتها» حضرها مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا ووجّه بطباعتها وتوزيعها على طلبة الجامعة. كما حضرها عددٌ كبير من منسوبي الجامعة ومنسوبي الأمن العام وطلاب العلم.
وبيّن الرحيلي أن الشبهات لا تقاوم بالقمع والسجن بل بالحوار والإقناع، وأهل الشبهات لما جرت محاورتهم استجابوا واقتنعوا، وكل الحدود جاءت في زجر أهل المعاصي ولم تأت في قمع أهل البدع لأن المعصية يُتاب منها وصاحب البدعة لا يتوب للشبهة التي لديه.
ونبّه الرحيلي إلى أن كثيراً من هؤلاء لا يراعي أيضاً التفاوت في الخطأ فيظن أن أخطاء الناس ترجع كلها إلى سبب واحد والصحيح أنه ما من خطأ يقع فيه الناس إلا وهو راجع إلى شبهة، فالعصاة مثلاً يقول طائفة منهم إن الله غفور رحيم، وطائفة يقولون وماذا تنفع التوبة وقد فعلنا وفعلنا، وينبغي إذا رأينا من عنده القنوط أن نعطيه الرجاء ومن عنده الرجاء الكاذب أن نخوّفه.
وعن ضرورة التلطف في الدعوة قال الرحيلي إن كثيرين يهجرون من رأوه على خطأ والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى منكم منكراً فليغيره" ولم يقل : فليهجُره، والتغيير قد يكون بابتسامة، وقد تكون ابتسامة عتب، أو بإشارة أو كلمة وبعض الناس لو هجرته أفسدته ولو تألفته أهلكته، وبعضهم يظن أن الهجر دائم وأن من قصّر في هجر أهل الأخطاء فهو مضيِّع مميّع، ونحن نقول إن المسلم لا يجوز له أن يقرر شيئاً من العقوبات إلا بدليل.
وردًّا على سؤال ورد من الحضور عن كيفية حث الشباب "غير الملتزمين" على طلب العلم الشرعي انتقد الدكتور الرحيلي هذا الإقصاء وقال إننا أقصيناهم وصنفناهم بأنهم غير ملتزمين فربما يبتعد بعضهم عن طلب العلم وهذا لا يعني التهوين والتمييع، بل نحن نُحيي الخير الذي فيهم، وربما إذا خاطبنا الناس بهذه الإطلاقات أبعدناهم، وأنتم تلاحظون أن الله عز وجل في كتابه يقول : "يا أيها الذين آمنوا"، "يا أيها الناس"، "يا بني آدم" فنحن نقرب الناس ونقول له "يا مسلم" ونطلب منه أن يكمل النقص الذي فيه، ولكن إذا قلنا "يا ملتزم" فسيقول أنا غير ملتزم، وأكثر الناس فيهم خير وينبغي لنا أن نجتهد في دعوتهم.
وأكد على ضرورة اللين في دعوة المخالفين الواقعين في البدع، وأن يكون همّ الداعية كم اهتدى على يديّ، لا كم بدّعت وكفّرت "فلأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم"، وإذا كان موسى قد أمر باللين مع فرعون مع سابق علم الله بأنه يموت على الكفر، فما بالك بنا نحن الذين لا نعلم من يموت على الكفر. وقال إننا ابتلينا بأناس بين المشدد والمتهاون، والرفق واللين بضوابط شرعية والشدة في موطنها بضوابط شرعية.