الغمغمة سبيل الفساد

الغمغمة سبيل الفساد
الجمعة, 30 أكتوبر 2009
أ.د. سالم أحمد سحّاب


ذكرت هذه الصحيفة الغرّاء يوم 22 أكتوبر أن المحكمة العامة في الرياض تنظر في قضية موظف حكومي حصل على مليون ريال من 18 مواطنًا مقابل تسهيل حصولهم على منح أراضٍ. ويُقال بأنه قد أغراهم بعلاقاته الواسعة، فجمع الأموال ثم غيّر أرقام هواتفه، وأصبح (فص ملح وذاب).
هذا أحد المؤشرات الحقيقية التي تدل على أن ثمة حقوقًا تتأخّر كثيرًا، ومن ثم تدفع المواطن للاستنجاد بصديق وغير صديق ليحظى بالمنحة الوحيدة.. واحدة في العمر كله، مع أن البعض يحصل على أكثر من منحة، وآخرون يفوزون بمنح تعادل ألف منحة، فسبحانه الرزاق الكريم.
ولأن كل شيء ممكن، فإن الاحتيال على المواطن أيضًا ممكن، فهو موعود بمنحة العمر مقابل مبلغ قد يراه زهيدًا، وكثير منا يحب الوصول إلى (فوق) بسرعة البرق، لذا ينتشر الهوامير الذين لا يلبثون أن ينزلوا ضحاياهم (تحت) بسرعة البرق أيضًا. وعندما تكون الأمور (مغمغمة) تصبح الظروف مواتية لانتشار فساد من هذا النوع.. فساد استغلال الآخرين، ومنهم أبرياء، ومنهم جشعون يحلمون بأرض في كل مدينة، أو ذات مساحات هائلة لا يقدر عليها إلاَّ أولو العزم من الهوامير، في حين يحلم البريء المسكين بتخليص إجراءات منحة الأرض الوحيدة التي غالبًا لا تُسمن ولا تُغني إلاَّ ربما بعد 20 أو 30 سنة، ريثما يكبر الأحفاد يومًا.
وأحيانًا لا تُلام أمانات المدن، فهي (تدوخ) ألف دوخة حتى تجد أرضًا مناسبة لمنح ذوي الدخل المحدود، وما أن تنتهي من رصفها وتخطيطها حتى يفجعها صك يقصم ظهرها، ويطرد أكبر شنب فيها؛ لينتزع الفرحة من قلوب الغلابى بعد انتظار طويل وشاق، ومراجعات تدمى لها القلوب كما الأقدام.
وفي أحيان أخرى يتواطأ بعض عناصر الطابور الخامس في هذه الأمانة، أو تلك ضاربين بكل مبادئ (الأمانة) عرض الحائط، فيتبرعون بمعلومات قيّمة مقابل جزاء معلوم أو مجهول، آجل أو عاجل، إلى الهامور الذي لا يرحم كي يتقدم في ثبات وهدوء، فيطحن بلا تردد الأخضر واليابس، فالله بهم عليم، وعليه وحده التكلان، وبه جميعًا نستعين.

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الوسام الله يعطيك العافيه على هذاالخبر
لك كل الشكر والتقدير