الإهداءات


العودة   منتديات آل حبه > منتـــــديات آل حبه العامــــة > المنتدى الإسلامي العام

المنتدى الإسلامي العام كل ما يتعلق بأمور ديننا الحنيف وعقيدة أهل السنة والجماعة والصوتيات والمرئيات الاسلاميه والرسول واصحابه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-2011, 10:25 AM   #1
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: تبوك
المشاركات: 11,832
معدل تقييم المستوى: 163
عبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond repute
افتراضي نداءا ت الرحيم الرحمن لاهل الايمان ( متجدد)

نداءا ت الرحيم الرحمن لاهل الايمان ( متجدد)
النداء الاول:
قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم) (البقرة:104)
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره:
.{ 104 } قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا }: تصدير الحكم بالنداء دليل على الاهتمام به؛ لأن النداء يوجب انتباه المنادى؛ ثم النداء بوصف الإيمان دليل على أن تنفيذ هذا الحكم من مقتضيات الإيمان؛ وعلى أن فواته نقص في الإيمان؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت الله يقول: { يا أيها الذين آمنوا } فأرعها سمعك . يعني استمع لها .؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه"(2). وهذه الآية من النهي: { لا تقولوا راعنا} يعني لا تقولوا عند مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم راعنا؛ و{ راعنا } من المراعاة؛ وهي العناية بالشيء، والمحافظة عليه؛ وكان الصحابة إذا أرادوا أن يتكلموا مع الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا: "يا رسول الله، راعنا" ؛ وكان اليهود يقولون: "يا محمد، راعنا"؛ لكن اليهود يريدون بها معنى سيئا؛ يريدون "راعنا" اسم فاعل من الرعونة؛ يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم راعن؛ ومعنى "الرعونة" الحمق، والهوج؛ لكن لما كان اللفظ واحدا وهو محتمل للمعنيين نهى الله عز وجل المؤمنين أن يقولوه تأدبا، وابتعادا عن سوء الظن؛ ولأن من الناس من يتظاهر بالإيمان . مثل المنافقين . فربما يقول: "راعنا" وهو يريد ما أرادت اليهود؛ فلهذا نهي المسلمون عن ذلك..
قوله تعالى: { وقولوا انظرنا } يعني إذا أردتم من الرسول أن ينتظركم فلا تقولوا: { راعنا }؛ ولكن قولوا: { انظرنا }: فعل طلب؛ و"النظر" هنا بمعنى الانتظار، كما في قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} [البقرة: 210] ، أي ما ينتظر هؤلاء..
قوله تعالى: { واسمعوا } فعل أمر من السمع بمعنى الاستجابة؛ أي اسمعوا سماع استجابة، وقبول، كما قال تعالى: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} [الأنفال: 21] يعني اسمعوا ما تؤمرون به فافعلوه، وما تنهون عنه فاتركوه..
قوله تعالى: { وللكافرين عذاب أليم }؛ المراد بـ "الكافرين" هنا اليهود؛ و{ عذاب } بمعنى عقوبة؛ و{ أليم } بمعنى مؤلم..

الفوائد:
.1 من فوائد الآية: أنه ينبغي استعمال الأدب في الألفاظ؛ يعني أن يتجنب الألفاظ التي توهم سبا، وشتما؛ لقوله تعالى: { لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا..
.2 ومنها: أن الإيمان مقتض لكل الأخلاق الفاضلة؛ لأن مراعاة الأدب في اللفظ من الأخلاق الفاضلة..
.3 ومنها: أن مراعاة الأخلاق الفاضلة من الإيمان..
.4 ومنها: أنه ينبغي لمن نهى عن شيء أن يدل الناس على بدله المباح؛ فلا ينهاهم، ويجعلهم في حيرة..
.5 ومنها: وجوب الانقياد لأمر الله ورسوله؛ لقوله تعالى: ( واسمعوا )
.6 ومنها: التحذير من مخالفة أمر الله، وأنها من أعمال الكافرين؛ لقوله تعالى: (وللكافرين عذاب أليم )

النداء الثاني :
{ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) (البقرة:153)
التفسير:


{ 153 } قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا }؛ سبق أن الكلام إذا صدر بالنداء فهو دليل على الاهتمام به؛ لأن النداء يوجب التفات المخاطب إلى مناديه؛ وسبق بيان فوائد تصدير الخطاب بوصف الإيمان(3).
قوله تعالى: { استعينوا بالصبر والصلاة } أي اجعلوا الصبر عونا لكم؛ وكذلك استعينوا بالصلاة؛ وسبق الكلام على نظير هذه الجملة(4).
قوله تعالى: { إن الله مع الصابرين }: هذه بشرى عظيمة لمن صبر؛ وقال تعالى: { مع الصابرين } لوجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أن الصلاة من الصبر؛ لأنها صبر على طاعة الله.
الوجه الثاني: أن الاستعانة بالصبر أشق من الصلاة؛ لأن الصبر مر:
الصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل فهو مر يكابده الإنسان، ويعاني، ويصابر، ويتغير دمه حتى من يراه يقول: هذا مريض.
الوجه الثالث: أنه إذا كان مع الصابرين فهو مع المصلين من باب أولى بدليل أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان المصلي يناجي ربه، وأن الله قبل وجهه(1) - وهو على عرشه سبحانه وتعالى.
الفوائد:
1ــــ من فوائد الآية: فضيلة الإيمان، وأنه من أشرف أوصاف الإنسان؛ لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا... }.
2ــــ ومنها: الإرشاد إلى الاستعانة بالصلاة؛ لقوله تعالى: { استعينوا بالصبر والصلاة }.
3ــــ ومنها: بيان الآثار الحميدة للصلاة، وأن من آثارها الحميدة أنها تعين العبد في أموره.
4ــــ ومنها: جواز الاستعانة بغير الله فيما يمكن أن يعين فيه؛ لقوله تعالى: { واستعينوا بالصبر والصلاة وجاء في الحديث: «وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة»(2).
5ــــ ومنها: أن الاستعانة بالصلاة من مقتضيات الإيمان؛ لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا استعينوا... } إلخ.


6ــــ ومنها: فضيلة الصبر؛ لأنه يعين على الأمور؛ والصبر ثقيل جدا على النفس؛ لأن الإنسان إذا أصابه ضيق، أو بلاء ثقل عليه تحمله، فاحتاج إلى الصبر؛ ولهذا قال الله تعالى للنبي (ص): { تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين } [هود: 49] ؛ فقال تعالى: { فاصبر } إشارة إلى أن هذا الوحي الذي نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى صبر، وتحمل؛ لأنه سيجد من ينازع، ويضاد؛ ونظيره قوله تعالى: { إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا * فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا } [الإنسان: 23، 24] ؛ إذا الصبر شاق على النفوس؛ لكن يجب على الإنسان أن يصبر؛ ولهذا من لم يوفق للصبر فاته خير كثير؛ والذي يصبر أيضا غالبا ينتظر الفرج لا سيما إذا صبر بإخلاص، وحسن نية؛ وانتظار الفرج عبادة، وباب للفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن النصر مع الصبر؛ وأن الفرج مع الكرب؛ وأن مع العسر يسرا»(3)؛ لأنه إذا كان منتظرا للفرج هان عليه الصبر؛ لأنه يؤمل أن الأمور ستزول، وأن دوام الحال من المحال؛ فإذا كان يؤمل الأجر في الآخرة، ويؤمل الفرج في الدنيا هان عليه الصبر كثيرا؛ وهذه لا شك من الخصال الحميدة التي جاء بها الإسلام، ودليل على أن الأمور تسهل بالصبر؛ مهما بلغتك الأمور اصبر، فتهون؛ ولهذا جعل الله الصبر عونا.

7ــــ ومن فوائد الآية: أن في الصبر تنشيطا على الأعمال، والثبات عليها؛ لقوله تعالى: { إن الله مع الصابرين }؛ فإذا آمن الإنسان بأن الله معه ازداد نشاطا، وثباتا؛ وكون الله سبحانه وتعالى مع الإنسان مسددا له، ومؤيدا له، ومصبرا له، لا شك أن هذه درجة عالية كل يريدها؛ ولهذا لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم يتناضلون قال: «ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا وأنا مع بني فلان؛ قال الآخرون: يا رسول الله، إذا كنت معهم فلا نناضل؛ فقال: ارموا وأنا معكم كلكم»(4).
8ـ ومن فوائد الآية: إثبات معية الله سبحانه وتعالى؛ ومعيته تعالى نوعان:
النوع الأول: عامة لجميع الخلق، ومقتضاها الإحاطة بهم علما، وقدرة، وسلطانا، وسمعا، وبصرا، وغير ذلك من معاني ربوبيته؛ لقوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا} [المجادلة: 7] .
والنوع الثاني: خاصة؛ ومقتضاها مع الإحاطة: النصر، والتأييد؛ وهي نوعان: مقيدة بوصف ، كقوله تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128] ؛ و مقيدة بشخص ، كقوله تعالى لموسى، وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 46] ، وقوله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] .


النداء الثالث :

(يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) (البقرة:172)
التفسير:
{ 172 } قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } سبق الكلام على ذكر فوائد تصدير الخطاب بالنداء، وبوصف الإيمان للمنادى؛ وتصدير الحكم بالنداء يدل على الاهتمام به؛ لأن النداء يستلزم انتباه المنادى.
قوله تعالى: { كلوا من طيبات ما رزقناكم }: الأمر هنا للامتنان، والإباحة؛ و{ من } هنا الظاهر أنها لبيان الجنس؛ لا للتبعيض؛ والمراد بـ «الطيب» : الحلال في عينه، وكسبه؛ وقيل: المراد بـ «الطيب» : المستلذ، والمستطاب.
قوله تعالى: { واشكروا لله }؛ «الشكر» في اللغة: الثناء؛ وفي الشرع: القيام بطاعة المنعم؛ وإنما فسرناها بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا}، وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله }»(1)؛ فالشكر الذي أمر به المؤمنون بإزاء العمل الصالح الذي أمر به المرسلون؛ والقرآن يفسر بعضه بعضا.
قوله تعالى: { إن كنتم إياه تعبدون }؛ { إن } شرطية؛ وفعل الشرط: { كنتم }؛ و{ إياه } مفعول لـ{ تعبدون } مقدم؛ وجملة: { تعبدون } خبر كان؛ وجواب الشرط: قيل: إنه لا يحتاج في مثل هذا التعبير إلى جواب؛ وهو الصحيح؛ وقيل: إن جوابها محذوف يفسره ما قبله؛ والتقدير: إن كنتم إياه تعبدون فاشكروا له؛ و «العبادة» هي التذلل لله عز وجل بالطاعة؛ وذلك بفعل أوامره، واجتناب نواهيه؛ مأخوذة من قولهم: طريق معبد يعني مذللا للسالكين
يعني: إن كنتم تعبدونه حقا فكلوا من رزقه، واشكروا له.
الفوائد:
1 ــــ من فوائد الآية: فضيلة الإيمان، حيث وجه الله الخطاب إلى المؤمنين، فهم أهل لتوجيه الخطاب إليهم؛ لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا }.
2 ــــ ومنها: الأمر بالأكل من طيبات ما رزق الله؛ لقوله تعالى: { كلوا من طيبات ما رزقناكم }؛ وهو للوجوب إن كان الهلاك، أو الضرر بترك الأكل.
3 ــــ ومنها: أن الخبائث لا يؤكل منها؛ لقوله تعالى: { من طيبات ما رزقناكم }؛ والخبائث محرمة؛ لقوله تعالى: { ويحرم عليهم الخبائث }.
4 ــــ ومنها: أن ما يحصل عليه المرء من مأكول فإنه من رزق الله؛ وليس للإنسان فيه إلا السبب فقط؛ لقوله تعالى: {ما رزقناكم} [البقرة: 57] .
5 ــــ ومنها: توجيه المرء إلى طلب الرزق من الله عز وجل؛ لقوله تعالى: { ما رزقناكم }؛ فإذا كان هذا الرزق من الله سبحانه وتعالى فلنطلبه منه مع فعل الأسباب التي أمرنا بها.
6 ــــ ومنها: وجوب الشكر لله؛ لقوله تعالى: { واشكروا لله }.
7 ــــ ومنها: وجوب الإخلاص لله في ذلك؛ يؤخذ ذلك من اللام في قوله تعالى: { لله }.
8 ــــ ومنها: أن الشكر من تحقيق العبادة؛ لقوله تعالى: { إن كنتم إياه تعبدون }.
9 ــــ ومنها: وجوب الإخلاص لله في العبادة؛ يؤخذ ذلك من تقديم المعمول في قوله تعالى: { إياه تعبدون }.
10 ــــ ومنها: إثبات رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده من وجهين:
أولا: من أمره إياهم بالأكل من الطيبات؛ لأن بذلك حفظا لصحتهم.
ثانيا: من قوله تعالى: { ما رزقناكم }؛ فإن الرزق بلا شك من رحمة الله.
11 ــــ ومنها: الرد على الجبرية من قوله تعالى: { كلوا }، و{ اشكروا }، و{ تعبدون }؛ كل هذه أضيفت إلى فعل العبد؛ فدل على أن للعبد فعلا يوجه إليه الخطاب بإيجاده؛ ولو كان ليس للعبد فعل لكان توجيه الخطاب إليه بإيجاده من تكليف ما لا يطاق.
12 ــــ ومنها: التنديد بمن حرموا الطيبات، كأهل الجاهلية الذين حرموا السائبة، والوصيلة، والحام.


النداء الرابع:
{)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة:178)
التفسير:
{ 178 } قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } سبق الكلام على ذكر فوائد تصدير الخطاب بالنداء بوصف الإيمان للمنادى.
قوله تعالى: { كتب عليكم }؛ أي فُرض، كقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام }؛ وسمي الفرض مكتوباً؛ لأن الكتابة تثَبِّت الشيء، وتوثقه؛ قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [البقرة: 282].
قوله تعالى: { القصاص } هذه نائب فاعل؛ والقصاص يشمل إزهاق النفس، وما دونها؛ قال الله تعالى في سورة المائدة: {والجروح قصاص} [المائدة: 45] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في كسر الربيع سن جارية من الأنصار: «كتاب الله القصاص»(113)؛ ولكنه تعالى هنا قال: { في القتلى }؛ وفي سورة المائدة: في القتل، وفيما دونه: {أن النفس بالنفس والعين بالعين...} [المائدة: 45] إلخ.
و «قتلى» جمع قتيل، مثل «جرحى» جمع جريح؛ و«أسرى» جمع أسير؛ وقوله تعالى: { في القتلى } أي في شأن القتلى؛ وليس في القتلى أنفسهم؛ لأن القتيل مقتول؛ فلا قصاص؛ لكن في شأنهم؛ والذي يُقتص منه هو القاتل.
وبعد العموم في قوله تعالى: { القصاص في القتلى } بدأ بالتفصيل فقال تعالى: { الحر بالحر }؛ { الحر مبتدأ؛ و{ بالحر } خبر؛ يعني الحر يقتل بالحر؛ والباء هنا إما للبدلية؛ وإما للعوض؛ يعني الحر بدل الحر؛ أو الحر عوض الحر؛ و{ الحر } هو الذي ليس بمملوك.
قوله تعالى: { والعبد بالعبد } أي العبد يقتل بالعبد؛ و{ العبد } هو المملوك.
قوله تعالى: { والأنثى بالأنثى } أي الأنثى تقتل بالأنثى.
قوله تعالى: { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف }؛ «مَن» هذه شرطية؛ والفاء عاطفة ومفرِّعة أيضاً، تفيد أن ما بعدها مفرَّع على ما قبلها.
وقوله تعالى: { فمن عفي له }: المعفو عنه القاتل؛ و{ من أخيه } المراد به المقتول - أي من دم أخيه فأيّ قاتل عفي له من دم أخيه شيء سقط القصاص؛ وحينئذ على العافي اتباع بالمعروف عند قبض الدية، بحيث لا يتبع عفوه منًّا، ولا أذًى؛ و{ شيء } نكرة في سياق الشرط؛ فتعم كل شيء قليلاً كان، أو كثيراً.
وقوله تعالى: { فاتباع } خبر مبتدأ محذوف؛ والتقدير: فالواجب اتباع بالمعروف؛ والاتباع بالمعروف يكون على ورثة المقتول؛ يعني إذا عفوا فعليهم أن يَتَّبعوا القاتل بالمعروف.
قوله تعالى: { وأداء إليه } أي على القاتل إيصال إلى العافي عن القصاص؛ وهي معطوفة على «اتباع» ؛ والضمير في { إليه } يعود إلى العافي بإحسان؛ والمؤدَّى: ما وقع الاتفاق عليه.
قوله تعالى: { بإحسان } أي يكون الأداء بإحسان وافياً بدون مماطلة؛ والباء للمصاحبة - يعني أداءً مصحوباً بالإحسان - وإنما نص على «الإحسان» هنا؛ و «المعروف» هناك؛ لأن القاتل المعتدي لا يكفّر عنه إلا الإحسان ليكون في مقابلة إساءته؛ أما أولئك العافون فإنهم لم يجنوا؛ بل أحسنوا حين عدلوا عن القتل إلى الدية.
قوله تعالى: [ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة }: المشار إليه كل ما سبق من وجوب القصاص، ومن جواز العفو؛ تخفيف من الله في مقابل وجوب القصاص؛ وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن بني إسرائيل فرض الله عليهم القصاص فرضاً؛ وهذه الأمة خفف عنها؛ فلم يجب عليها القصاص؛ لأن الإنسان قد يكون لديه رحمة بالقاتل؛ وقد يكون القاتل من أقاربه؛ وقد يكون اعتبارات أخرى فلا يتمكن من تنفيذ القصاص في حقه؛ فخفف على هذه الأمة - ولله الحمد.
وقوله تعالى: { من ربكم }: «الرب» معناه الخالق المالك المدبر لخلقه كما يشاء على ما تقتضيه حكمته.
وقوله تعالى: [ ورحمة } أي بالجميع: بالقاتل - حيث سقط عنه القتل، وبأولياء المقتول - حيث أبيح لهم أن يأخذوا العوض؛ لأن من الجائز أن يكون الواجب إما القصاص؛ أو العفو مجاناً؛ لكن من رحمة الله أنه أباح هذا، وهذا؛ فهو رحمة بالجميع.
قوله تعالى: { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم }: { من } اسم شرط؛ وفعل الشرط: { اعتدى }؛ وجوابه: { فله عذاب أليم }؛ المشار إليه في قوله تعالى: { بعد ذلك }: التنازل عن القصاص بأخذ الدية، أو قبولها؛ و{ عذاب } بمعنى عقوبة؛ و{ أليم } بمعنى مؤلم - يعني: موجع؛ والمعنى: أن من اعتدى من أولياء المقتول بعد العفو فله عذاب أليم - ويحتمل أن يكون المراد: من اعتدى من أولياء المقتول، ومن القاتل.
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: أهمية القصاص؛ لأن الله وجه الخطاب به إلى المؤمنين؛ وصدره بالنداء المستلزم للتنبيه؛ وتصدير الخطاب بالنداء فائدته التنبيه، وأهمية الأمر.
2 - ومنها: أن تنفيذ القصاص من مقتضى الإيمان؛ لأن الخطاب موجه للمؤمنين.
3 - ومنها: أن ترك تنفيذه نقص في الإيمان؛ فما كان من مقتضى الإيمان تنفيذه فإنه يقتضي نقص الإيمان بتركه.
4 - ومنها: وجوب التمكين من القصاص؛ لقوله تعالى: { كتب عليكم القصاص }.
5 - ومنها: مراعاة التماثل بين القاتل، والمقتول؛ لقوله تعالى: { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى }.
6 - ومنها: أن الحر يقتل بالحر - ولو اختلفت صفاتهما، كرجل عالم عاقل غني جواد شجاع قتل رجلاً فقيراً أعمى أصم أبكم زمِناً جباناً جاهلاً فإنه يقتل به؛ لعموم قوله تعالى: { الحر بالحر }.
7 - ومنها: أن العبد يقتل بالحر؛ لأنه إذا قُتل الحر بالحر فمن باب أولى أن يقتل العبد بالحر.
8 - ومنها: أن العبد يقتل بالعبد - ولو اختلفت قيمتهما؛ لعموم قوله تعالى: { والعبد بالعبد }؛ فلو قتل عبد يساوي مائة ألف عبداً لا يساوي إلا عشرة دراهم فإنه يقتل به؛ لعموم قوله تعالى: { والعبد بالعبد }.
9 - ومنها: أن العبد إذا قتل وكان قاتله حراً فإنه لا يقتل به؛ لمفهوم قوله تعالى: { الحر بالحر }؛ وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من قال: إن الحر يقتل بالعبد؛ لعموم قوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [المائدة: 45] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس...»(114)؛ وهذا القول هو الصواب؛ والقول الثاني: أن الحر يقتل بالعبد إذا كان مالكاً له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه»(115) ؛ وفي الاستدلال بهذا الحديث نظر: «أولاً» : للاختلاف فيه؛ و «ثانياً» : أن يقال: إذا كان السيد يقتل بعبده وهو مالكه فمن باب أولى أن يقتل به من ليس بسيد له؛ وأما حديث: «لا يقتل حر بعبد»(116) فضعيف.
10 - ومنها: أن الأنثى تقتل بالأنثى - ولو اختلفت صفاتهما - لعموم قوله تعالى: {والأنثى بالأنثى }.
11 - ومنها: أن الأنثى تقتل بالرجل؛ لأنها إذا قتلت بالأنثى فإنها من باب أولى تقتل بالرجل؛ ودلالة الآية عليه من باب مفهوم الأولوية.
12 - ومنها: أن الرجل لا يقتل بالمرأة؛ لأنه أعلى منها؛ هذا مفهوم الآية؛ والصواب أنه يقتل بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهودياً كان قتل جارية على أوضاح لها – رض رأسها بين حجرين(117)؛ فرض النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين؛ وهذا يدل أن قتله كان قصاصاً؛ لا لنقض العهد – كما قيل به.
13- ومنها: جواز العفو عن القصاص إلى الدية؛ لقوله تعالى: (فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف...) إلخ؛ وهل له أن يعفو مجاناً؟ الجواب: نعم؛ له ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى ندب إلى العفو فقال: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} [البقرة: 237] ، وقال تعالى: {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم} [التغابن: 14] ، وقال في وصف أهل الجنة: {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} [آل عمران: 134] ؛ لكن العفو المندوب إليه ما كان فيه إصلاح؛ لقوله تعالى: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} [الشورى: 40] ؛ فإذا كان في العفو إصلاح، مثل أن يكون القاتل معروفاً بالصلاح؛ ولكن بدرت منه هذه البادرة النادرة؛ ونعلم، أو يغلب على ظننا أنا إذا عفونا عنه استقام، وصلحت حاله، فالعفو أفضل لا سيما إن كان له ذرية ضعفاء، ونحو ذلك؛ وإذا علمنا أن القاتل معروف بالشر، والفساد، وإن عفونا عنه لا يزيده إلا فساداً، وإفساداً فترك العفو عنه أولى؛ بل قد يجب ترك العفو عنه.
14 - ومن فوائد الآية: أنه إذا عفا بعض الأولياء عن القصاص سقط القصاص في حق الجميع؛ لقوله تعالى: { فمن عفي له من أخيه شيء }؛ وهي نكرة تعم القليل، والكثير؛ لأنها في سياق الشرط؛ وعلى هذا فلو كان لأحد ورثة المقتول جزء من ألف جزء من التركة، ثم عفا عن القصاص انسحب العفو على الجميع؛ لأن الجزء الذي عفا عنه لا قصاص فيه؛ والقصاص لا يتبعض؛ إذ لا يمكن قتل القاتل إلا جزءاً من ألف جزء منه.
15 - ومنها: أن دية العمد على القاتل؛ لقوله تعالى: { فمن عفي له من أخيه شيء }؛ ولا شك أن المعفو عنه هو القاتل؛ وقد أمر بالأداء.
16 - ومنها: أن فاعل الكبيرة لا يخرج من الإيمان؛ لقوله تعالى: { فمن عفي له من أخيه شيء }؛ فجعل الله المقتول أخاً للقاتل؛ ولو خرج من الإيمان لم يكن أخاً له.
17 - ومنها: الرد على طائفتين مبتدعتين؛ وهما الخوارج، والمعتزلة؛ لأنهم يقولون: إن فاعل الكبيرة خارج من الإيمان؛ لكن الخوارج يصرحون بكفره؛ والمعتزلة يقولون: إنه في منزلة بين المنزلتين: الإيمان، والكفر - فلا هو كافر؛ ولا هو بمؤمن؛ لكن اتفق الجميع على أنه مخلد في النار.
18 - ومنها: أنه يجب الاتباع بالمعروف - يعني يجب على أولياء المقتول إذا عفوا إلى الدية ألا يتسلطوا على القاتل؛ بل يتبعونه بالمعروف بدون أذية، وبدون منة؛ لقوله تعالى: { فاتباع بالمعروف }؛ والخطاب لأولياء المقتول.
19 - ومنها: وجوب الأداء على القاتل بالإحسان، لقوله تعالى: { وأداء إليه بإحسان }.
20 - ومنها: أن الله خفف عن هذه الأمة بجواز العفو، ورحمهم بجواز أخذ العوض؛ لقوله تعالى: { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة }: تخفيف على القاتل؛ ورحمة بأولياء المقتول، حيث أذن لهم أن يأخذوا عوضاً؛ وإلا لقيل لهم: إما أن تعفوا مجاناً؛ وإما أن تأخذوا بالقصاص.
21 - ومنها: إثبات الرحمة لله؛ وهي رحمة حقيقية تستلزم حصول النعم، واندفاع النقم؛ وأهل التعطيل يفسرونها بـ «الإنعام» الذي هو مفعول الرب؛ أو بـ «إرادة الإنعام»؛ وينكرون حقيقة الرحمة؛ وقد ضلوا في ذلك: فإن الإنعام، أو إرادته من آثار الرحمة، وليسا إياها.
22 - ومنها: أن المعتدي بعد انتهاء القصاص، أو أخذ الدية متوعد بالعذاب الأليم سواء كان من أولياء المقتول، أو من القاتل؛ لقوله تعالى: { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم }



النداء الخامس


القــــــرآن

{ )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)
التفسير:
{ 183 } قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } سبق الكلام عليها.
قوله تعالى: { كتب عليكم الصيام } أي فُرض؛ والذي فَرضه هو الله سبحانه وتعالى؛ و{ الصيام } نائب فاعل مرفوع؛ وهو في اللغة الإمساك؛ ومنه قوله تعالى: {إني نذرت للرحمن صوماً} [مريم: 26] يعني إمساكاً عن الكلام بدليل قولها: {فلن أكلم اليوم إنسياً} [مريم: 26] ؛ وأما في الشرع فإنه التعبد لله بترك المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
قوله تعالى: { كما كتب }؛ «ما» مصدرية؛ والكاف حرف جر؛ وتفيد التشبيه؛ وهو تشبيه للكتابة بالكتابة، وليس المكتوب بالمكتوب؛ والتشبيه بالفعل دون المفعول أمر مطرد، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر»(122): التشبيه هنا للرؤية بالرؤية؛ لا للمرئي بالمرئي؛ لأن الكاف دخلت على الفعل الذي يؤول إلى مصدر.
قوله تعالى: { على الذين من قبلكم } - أي من الأمم السابقة - يعم اليهود، والنصارى، ومن قبلهم؛ كلهم كتب عليهم الصيام؛ ولكنه لا يلزم أن يكون كصيامنا في الوقت، والمدة.
وهذا التشبيه فيه فائدتان:
الفائدة الأولى: التسلية لهذه الأمة حتى لا يقال: كلفنا بهذا العمل الشاق دون غيرنا؛ لقوله تعالى: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} [الزخرف: 39] يعني لن يخفف عنكم العذابَ اشتراكُكم فيه - كما هي الحال في الدنيا: فإن الإنسان إذا شاركه غيره في أمر شاق هان عليه؛ ولهذا قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً:
[ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي] [وما يبكون مثل أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي] الفائدة الثانية: استكمال هذه الأمة للفضائل التي سبقت إليها الأمم السابقة؛ ولا ريب أن الصيام من أعظم الفضائل؛ فالإنسان يصبر عن طعامه، وشرابه، وشهوته لله عز وجل؛ ومن أجل هذا اختصه الله لنفسه، فقال تعالى: «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي»(123).
قوله تعالى: { لعلكم تتقون }؛ «لعل» للتعليل؛ ففيها بيان الحكمة من فرض الصوم؛ أي تتقون الله عز وجل؛ هذه هي الحكمة الشرعية التعبدية للصوم؛ وما جاء سوى ذلك من مصالح بدنية، أو مصالح اجتماعية، فإنها تبع.

الفوائد:
1 - من فوائد الآية: أهمية الصيام؛ لأن الله تعالى صدره بالنداء؛ وأنه من مقتضيات الإيمان؛ لأنه وجه الخطاب إلى المؤمنين؛ وأنّ تركه مخل بالإيمان.
2 - ومنها: فرضية الصيام؛ لقوله تعالى: { كتب }.
3 - ومنها: فرض الصيام على من قبلنا من الأمم؛ لقوله تعالى: { كما كتب على الذين من قبلكم }.
4 - ومنها: تسلية الإنسان بما ألزم به غيره ليهون عليه القيام به؛ لقوله تعالى: { كما كتب على الذين من قبلكم}
5 - ومنها: استكمال هذه الأمة لفضائل من سبقها، حيث كتب الله عليها ما كتب على من قبلها لتترقى إلى درجة الكمال كما ترقى إليها من سبقها.
6 - ومنها: الحكمة في إيجاب الصيام؛ وهي تقوى الله؛ لقوله تعالى: { لعلكم تتقون }.
7 - ومنها: فضل التقوى، وأنه ينبغي سلوك الأسباب الموصلة إليها؛ لأن الله أوجب الصيام لهذه الغاية؛ إذاً هذه الغاية غاية عظيمة؛ ويدل على عظمها أنها وصية الله للأولين، والآخرين؛ لقوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء: 131] .
ويتفرع على هذه الفائدة اعتبار الذرائع؛ يعني ما كان ذريعة إلى الشيء فإن له حكم ذلك الشيء؛ فلما كانت التقوى واجبة كانت وسائلها واجبة؛ ولهذا يجب على الإنسان أن يبتعد عن مواطن الفتن: لا ينظر إلى المرأة الأجنبية؛ ولا يكلمها كلاماً يتمتع به معها؛ لأنه يؤدي إلى الفتنة، ويكون ذريعة إلى الفاحشة؛ فيجب اتقاء ذلك؛ حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من سمع بالدجال أن يبتعد عنه حتى لا يقع في فتنته(124).
8- ومن فوائد الآية: حكمة الله سبحانه وتعالى بتنويع العبادات؛ لأننا إذا تدبرنا العبادات وجدنا أن العبادات متنوعة؛ منها ما هو مالي محض؛ ومنها ما هو بدني محض؛ ومنها ما هو مركب منهما: بدني، ومالي؛ ومنها ما هو كفّ - ليتم اختبار المكلف؛ لأن من الناس من يهون عليه العمل البدني دون بذل المال؛ ومنهم من يكون بالعكس؛ ومن الناس من يهون عليه بذل المحبوب؛ ويشق عليه الكف عن المحبوب ومنهم من يكون بالعكس؛ فمن ثَم نوَّع الله سبحانه وتعالى بحكمته العبادات؛ فالصوم كف عن المحبوب قد يكون عند بعض الناس أشق من بذل المحبوب؛ ومن العجائب في زمننا هذا أن من الناس من يصبر على الصيام، ويعظمه؛ ولكن لا يصبر على الصلاة، ولا يكون في قلبه من تعظيم الصلاة ما في قلبه من تعظيم الصيام؛ تجده يصوم رمضان لكن الصلاة لا يصلي إلا من رمضان إلى رمضان - إن صلى في رمضان؛ وهذا لا شك خطأ في التفكير؛ لكن الصلاة حيث إنها تتكرر كل يوم صار هيناً على هذا الإنسان تركها؛ والصوم يكون عنده تركه صعباً؛ ولهذا إذا أرادوا ذم إنسان قالوا: إنه لا يصوم، ولا يصلي - يبدؤون بالصوم

النداء السادس
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:208)
التفسير:
{ 208 } قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا }: الخطاب للمؤمنين؛ وقد تَقدم أن الله تعالى إذا ابتدأ الحكم بالنداء فهو دليل على العناية به؛ لأن المقصود بالنداء تنبيه المخاطب؛ ولا يتطلب التنبيه إلا ما كان مهماً؛ فعندما أقول: «انتبه» يكون أقل مما لو قلت: «يا فلان انتبه»؛ ثم إذا كان الخطاب للذين آمنوا فإن في ذلك ثلاث فوائد سبق ذكرها(1).
قوله تعالى: { ادخلوا في السلم كافة }؛ { السلم } فيها قراءتان: بفتح السين؛ وبكسرها؛ والمراد به الإسلام؛ وهو الاستسلام لله - تعالى - ظاهراً، وباطناً.
فإن قال قائل: كيف يقول: { ادخلوا في السلم } ونحن قد عرفنا من قبل أن الإيمان أكمل من الإسلام؛ لقوله تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}؟ [الحجرات: 14]، قلنا: إن هذا الأمر مقيد بما بعد قوله: { في السلم }؛ وهو قوله تعالى: { كافة }؛ فيكون الأمر هنا منصباً على قوله تعالى: { كافة }؛ و{ كافة } اسم فاعل يطلق على من يكف غيره؛ فتكون التاء فيه للمبالغة، مثل: راوية، ساقية، علامة... وما أشبه ذلك؛ والتاء في هذه الأمثلة للمبالغة؛ فيكون { كافة } بمعنى كافاً؛ والتاء للمبالغة؛ قالوا: ومنه قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس} [سبأ: 28]، أي كافاً لهم عمَّا يضرهم لتخرجهم من الظلمات إلى النور.
وتأتي «كافة» بمعنى جميع، مثل «عامة»، كقوله صلى الله عليه وسلم: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة»(2)؛ ووجه ارتباطها بالمعنى الأصلي - الذي هو الكف - أن الجماعة لها شوكة ومنعة تكف بجمعيتها من أرادها بسوء؛ وهنا قال تعالى: { ادخلوا في السلم كافة } هل المراد ادخلوا في السلم جميعه، فتكون { كافة } حالاً من { السلم }؛ أو ادخلوا أنتم جميعاً في السلم، وتكون { كافة } حالاً من الواو في قوله تعالى: { ادخلوا }؟ الأقرب: المعنى الأول؛ لأننا لو قلنا بالمعنى الثاني: ادخلوا جميعاً في السلم صار معنى ذلك أن بعض المؤمنين لم يدخل في الإسلام؛ وحينئذ فلا يصح أن يوجه إليه النداء بوصف الإيمان؛ فالمعنى الأول هو الصواب أن { كافة } حال من { السلم } يعني ادخلوا في الإسلام كله؛ أي نفذوا أحكام الإسلام جميعاً، ولا تدعوا شيئاً من شعائره، ولا تفرطوا في شيء منها؛ وهذا مقتضى الإيمان؛ فإن مقتضى الإيمان أن يقوم الإنسان بجميع شرائع الإسلام.
قوله تعالى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان }؛ نهي بعد أمر؛ لأن اتباع خطوات الشيطان يخالف الدخول في السلم كافة؛ و{ خطوات } جمع خُطوة؛ و«الخطوة» في الأصل هي ما بين القدمين عند مدِّهما في المشي.
قوله تعالى: { إنه لكم عدو مبين }: الجملة تعليلية مؤكدة بـ «إن» ؛ فتفيد شدة عداوة الشيطان لبني آدم؛ والعدو من يبتغي لك السوء؛ وهو ضد الوليّ؛ و{ مبين } أي بيِّن العداوة؛ ويجوز أن تكون بمعنى مظهر للعداوة؛ لأن «أبان» الرباعية تصلح للمعنيين؛ ولا شك أن الشيطان بيِّن العداوة؛ ومظهر لعداوته؛ ألا ترى إلى إبائه السجود لأبينا آدم مع أن الله أمره به في جملة الملائكة.
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: فضل الإيمان؛ لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا }؛ لأن هذا النداء تشريف وتكريم.
2 - ومنها: أن الإيمان مقتض لامتثال الأمر؛ لأن الله صدَّر الأمر بهذا النداء؛ والحكم لا يقرن بوصف إلا كان لهذا الوصف أثر فيه؛ وهذه الفائدة مهمة؛ ولا شك أن الإيمان يقتضي امتثال أمر الله عزّ وجلّ.
3 - ومنها: وجوب تطبيق الشرع جملة، وتفصيلاً؛ لقوله تعالى: { ادخلوا في السلم كافة }.
4 - ومنها: أن الإنسان يؤمر بالشيء الذي هو متلبس به باعتبار استمراره عليه، وعدم الإخلال بشيء منه؛ لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة }؛ ومثل هذا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله} [النساء: 136] يعني: استمروا على ذلك.
5 - ومنها: تحريم اتباع خطوات الشيطان؛ لقوله تعالى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان }؛ والمعنى: أن لا نتبع الشيطان في سيره؛ لأن الله بين في آية أخرى أن الشيطان يأمر بالفحشاء، والمنكر؛ وما كان كذلك فإنه لا يمكن لعاقل أن يتبعه؛ فلا يرضى أحد أن يتبع الفحشاء والمنكر؛ وأيضاً الشيطان لنا عدو، كما قال تعالى: {إن الشيطان لكم عدو} [فاطر: 6] ، ثم قال تعالى: { فاتخذوه عدواً }؛ ولا أحد من العقلاء يتبع عدوه؛ إذا كان الشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر، وكان عدواً لنا، فليس من العقل - فضلاً عن مقتضى الإيمان - أن يتابعه الإنسان في خطواته -؛ وخطوات الشيطان بيَّنها الله عزّ وجلّ: يأمر بـ «الفحشاء» - وهي عظائم الذنوب؛ و «المنكر» - وهو ما دونها من المعاصي؛ فكل معصية فهي من خطوات الشيطان؛ سواء كانت تلك المعصية من فعل المحظور، أو من ترك المأمور، فإنها من خطوات الشيطان؛ لكن هناك أشياء بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنها من فعل الشيطان، ونص عليها بعينها، مثل: الأكل بالشمال(3)، والشرب بالشمال(4)، والأخذ بالشمال، والإعطاء بالشمال(5)؛ وكذلك الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد(6)؛ فهذه المنصوص عليها بعينها واضحة؛ وغير المنصوص عليها يقال فيها: كل معصية فهي من خطوات الشيطان.
6 - ومن فوائد الآية: تحريم التشبه بالكفار؛ لأن أعمال الكفار من خطوات الشيطان؛ لأن الشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر؛ ولا أنكر من الكفر - والعياذ بالله -.
7 - ومنها: شدة عداوة الشيطان لبني آدم؛ لقوله تعالى: { إنه لكم عدو مبين }.
8 - ومنها: أنه لا يمكن أن يأمرنا الشيطان بخير أبداً؛ إذ إن عدوك يسره مساءتك، ويغمه سرورك؛ ولهذا قال تعالى في آية أخرى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً} [فاطر: 6] .
9 - ومنها: قرن الحكم بعلته؛ لقوله تعالى: { لا تتبعوا خطوات الشيطان } ثم علل: { إنه لكم عدو مبين }.
ويتفرع على هذه الفائدة: أنه ينبغي لمن أتى بالأحكام أن يقرنها بالعلل التي تطمئن إليها النفس؛ فإن كانت ذات دليل من الشرع قرنها بدليل من الشرع؛ وإن كانت ذات دليل من العقل، والقياس قرنها بدليل من العقل، والقياس؛ وفائدة ذكر العلة أنه يبين سمو الشريعة وكمالها؛ وأنه تزيد به الطمأنينة إلى الحكم؛ وأنه يمكن إلحاق ما وافق الحكم في تلك العلة.
النداء السابع :
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة:254)
التفسير:
تقدم مراراً، وتكراراً أن تصدير الخطاب بالنداء يدل على أهمية المطلوب؛ لأن النداء يقتضي التنبيه؛ ولا يكون التنبيه إلا في الأمور الهامة.
وتوجيه النداء للمؤمنين يدل على أن التزام ما ذكر من مقتضيات الإيمان سواء كان أمراً، أو نهياً؛ وعلى أن عدم امتثاله نقص في الإيمان؛ وعلى الحث، والإغراء، كأنه قال: يا أيها الذين آمنوا لإيمانكم افعلوا كذا، وكذا، مثل ما تقول للحث، والإغراء: يا رجل افعل كذا، وكذا؛ أي لأن ذلك من مقتضى الرجولة.
{ 254 } قوله تعالى: { أنفقوا مما رزقناكم } الإنفاق بمعنى البذل؛ والمراد به هنا بذل المال في طاعة الله؛ و{ مما رزقناكم } أي مما أعطيناكم؛ «من» يحتمل أن تكون بيانية؛ أو تبعيضية؛ والفرق بينهما أن البيانية لا تمنع من إنفاق جميع المال؛ لأنها بيان لموضع الإنفاق؛ والتبعيضية تمنع من إنفاق جميع المال؛ وبناءً على ذلك لا يمكن أن يتوارد المعنيان على شيء واحد لتناقض الحكمين.
قوله تعالى: { من قبل أن يأتي يوم } المراد به يوم القيامة؛ { لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة }؛ ثلاثة أشياء منتفية؛ وهي «البيع»؛ وهو تبادل الأشياء؛ و «الخلة» ؛ وهي أعلى المحبة؛ و «الشفاعة» ؛ وهي الوساطة لدفع الضرر، أو جلب المنفعة؛ وفي الآية قراءتان؛ إحداهما ما في المصحف: بالضم، والتنوين: { لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة }؛ و{ لا } على هذه القراءة ملغاة إعراباً؛ لأنها متكررة؛ والقراءة الثانية البناء على الفتح؛ وعلى هذه القراءة تكون { لا } عاملة عمل «إنّ»؛ لكن بالبناء على الفتح؛ لا بالتنوين.
وإنما قال سبحانه وتعالى: { لا بيع }؛ لأن عادة الإنسان أن ينتفع بالشيء عن طريق البيع، والشراء؛ فيشتري ما ينفعه، ويبيع ما يضره؛ لكن يوم القيامة ليس فيه بيع.
وقوله تعالى: { ولا خلة }؛ هذا من جهة أخرى: قد ينتفع الإنسان بالشيء بواسطة الصداقة؛ و«الخُلة» بالضم: أعلى المحبة؛ وهي مشتقة من قول الشاعر:
(قد تخللتِ مسلك الروح مني وبذا سمي الخليل خليلاً)
يعني أن حبها دخل إلى مسالك الروح، فامتزج بروحه، فصار له كالحياة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر»(113)؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم) اتخذه حبيباً. قيل له: من أحب النساء إليك؟ قال صلى الله عليه وسلم: «عائشة» ؛ قيل: ومن الرجال؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أبوها»(114)؛ فأثبت المحبة؛ وكان أسامة بن زيد يسمى «حِب رسول الله» أي حبيبه؛ إذاً الخلة أعلى من المحبة.
فانتفت المعاوضة في هذا اليوم؛ وانتفت المحاباة بواسطة الصداقة؛ وانتفى شيء آخر: الشفاعة؛ وهي الإحسان المحض من الشافع للمشفوع له - وإن لم يكن بينهما صداقة -؛ فقال تعالى: { ولا شفاعة }؛ فنفى الله سبحانه وتعالى كل الوسائل التي يمكن أن ينتفع بها في هذا اليوم.
قوله تعالى: { والكافرون هم الظالمون }؛ أي أن الكافرين بالله هم الظالمون الذين ظلموا أنفسهم، وحصر الظلم فيهم لعظم ظلمهم، كما قال تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13] ؛ وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن أعظم الظلم أن تجعل لله نداً وهو خلقك(115).
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: فضيلة الإنفاق مما أعطانا الله؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا} ، حيث صدرها بالنداء.
2 - ومنها: أن الإنفاق من مقتضى الإيمان، وأن البخل نقص في الإيمان؛ ولهذا لا يكون المؤمن بخيلاً؛ المؤمن جواد بعلمه؛ جواد بجاهه؛ جواد بماله؛ جواد ببدنه.
3 - ومنها: بيان منة الله علينا في الرزق؛ لقوله تعالى: { مما رزقناكم }؛ ثم للأمر بالإنفاق في سبيله، والإثابة عليه؛ لقوله تعالى: { أنفقوا مما رزقناكم }.
4 - ومنها: التنبيه على أن الإنسان لا يحصل الرزق بمجرد كسبه؛ الكسب سبب؛ لكن المسبِّب هو الله عز وجل؛ لقوله تعالى: { مما رزقناكم }؛ فلا ينبغي أن يعجب الإنسان بنفسه حتى يجعل ما اكتسبه من رزق من كسبه، وعمله، كما في قول القائل: إنما أوتيته على علم عندي.
5 - ومنها: الإشارة إلى أنه لا منة للعبد على الله مما أنفقه في سبيله؛ لأن ما أنفقه من رزق الله له.
6 - ومنها: أن الميت إذا مات فكأنما قامت القيامة في حقه؛ لقوله تعالى: { من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه... } إلخ.
7 - ومنها: أن ذلك اليوم ليس فيه إمكان أن يصل إلى مطلوبه بأي سبب من أسباب الوصول إلى المطلوب في الدنيا، كالبيع، والصداقة، والشفاعة؛ وإنما يصل إلى مطلوبه بطاعة الله.
8 - ومنها: أن الكافرين لا تنفعهم الشفاعة؛ لأنه تعالى أعقب قوله: { ولا شفاعة } بقوله تعالى: { والكافرون هم الظالمون }؛ ويؤيد ذلك قوله تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} [المدثر: 48] .
9 - ومنها: أن الكفر أعظم الظلم؛ ووجه الدلالة منه: حصر الظلم في الكافرين؛ وطريق الحصر هنا ضمير الفصل: { هم }.
10 - ومنها: أن الإنسان لا ينتفع بماله بعد موته؛ لقوله تعالى: { أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم }؛ لكن هذا مقيد بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: من صدقة جارية؛ أو علم ينتفع به؛ أو ولد صالح يدعو له»(116).
11 - ومنها: الرد على الجبرية؛ لقوله تعالى: { أنفقوا }، حيث أضاف الفعل إلى المنفقين؛ والجبرية يقولون: إن الإنسان لا يفعل باختياره؛ وهذا القول يرد عليه السمع، والعقل - كما هو مقرر في كتب العقيدة -.
12 - ومنها: الرد على القدرية؛ لقوله تعالى: { مما رزقناكم }؛ لأننا نعلم أن رزق الله يأتي بالكسب؛ ويأتي بسبب لا كسب للإنسان فيه؛ فإذا أمطرت السماء وأنت عطشان، وشربت فهذا رزق لا كسب لك فيه، ولا اختيار، لكن إذا بعت، واشتريت، واكتسبت المال فهذا لك فيه كسب؛ والله عز وجل هو الذي أعطاك إياه؛ لو شاء الله لسلبك القدرة؛ ولو شاء لسلبك الإرادة؛ ولو شاء ما جلب لك الرزق.
13 - ومنها: أن إنفاق جميع المال لا بأس به؛ وهذا على تقدير { من } بيانية؛ بشرط أن يكون الإنسان واثقاً من نفسه بالتكسب، وصِدق التوكل على الله.
مـسألة:
ظاهر الآية الكريمة أن الإنفاق مطلق في أي وجه من وجوه الخير؛ ولكن هذا الإطلاق مقيد في آيات أُخر، مثل قوله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله} [البقرة: 261] ، ومثل قوله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله} [البقرة: 195] ؛ وعلى هذا فيكون إطلاق الآية هنا مقيداً بالآيات الأُخر التي تدل على أن الإنفاق المأمور به ما كان في سبيل الله - أي في شرعه -.
مسألة ثانية:
ظاهر الآية نفي الشفاعة مطلقاً؛ وحينئذ نحتاج إلى الجمع بين هذه الآية وبين النصوص الأخرى الدالة على إثبات الشفاعة في ذلك اليوم؛ فيقال: الجمع أن يحمل مطلق هذه الآية على المقيد بالنصوص الأخرى، ويقال؛ إن النصوص الأخرى دلت على أن هناك شفاعة؛ لكن لها ثلاثة شروط: رضى الله عن الشافع؛ وعن المشفوع له؛ وإذنه في الشفاعة
النداء الثامن :
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:264)
التفسير:
{ 264 } قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا }: تصدير الخطاب بالنداء يدل على الاهتمام به؛ لأن النداء يحصل به تنبيه المخاطب؛ فيدل على العناية بموضوع الخطاب؛ ولهذا قال ابن مسعود: «إذا سمعت الله يقول: { يا أيها الذين آمنوا } فأرعها سمعك: فإنه خير تأمر به؛ أو شر ينهى عنه»(145)؛ وصدق رضي الله عنه.
ثم في توجيه النداء للمؤمنين بوصف الإيمان فيه فوائد؛ الفائدة الأولى: الحث على قبول ما يلقى إليهم، وامتثاله؛ وجه ذلك: أنه إذا علق الحكم بوصف كان ذلك الوصف علة للتأثر به؛ كأنه يقول: يا أيها الذين آمنوا لإيمانكم افعلوا كذا، وكذا؛ أو لا تفعلوا كذا؛ الفائدة الثانية: أن ما ذكر يكون من مكملات الإيمان، ومقتضياته؛ الفائدة الثالثة: أن مخالفة ما ذكر نقص في الإيمان.
قوله تعالى: { لا تبطلوا صدقاتكم }: الإبطال للشيء يكون بعد وجوده؛ فالبطلان لا يكون غالباً إلا فيما تم؛ و «الصدقات» جمع صدقة؛ وهي ما يبذله الإنسان تقرباً إلى الله.
قوله تعالى: { بالمن والأذى }؛ الباء للسببية؛ و «المن» إظهار أنك مانّ عليه، وأنك فوقه بإعطائك إياه؛ و «الأذى» أن تذكر ما تصدقت به عند الناس فيتأذى به.
قوله تعالى: { كالذي ينفق ماله رئاء الناس }؛ الكاف هنا للتشبيه؛ وهي خبر مبتدأ محذوف؛ والتقدير: مثلكم كالذي ينفق ماله رئاء الناس؛ و{ رئاء } مفعول لأجله؛ وهي مصدر راءى يرائي رئاءً ومراءاة، كـقاتل يقاتل قتالاً ومقاتلة؛ وجاهد يجاهد جهاداً ومجاهدة؛ و«الرياء» فِعل العبادة ليراه الناس، فيمدحوه عليها.
قوله تعالى: { ولا يؤمن بالله وباليوم الآخر } معطوف على قوله تعالى: { ينفق }؛ وسبق معنى الإيمان بالله، واليوم الآخر؛ وهذا الوصف ينطبق على المنافق؛ فالمنافق - والعياذ بالله - لا يؤمن بالله، ولا باليوم الآخر؛ ولا ينفق إلا مراءاةً للناس؛ ومع ذلك لا ينفق إلا وهو كاره، كما قال تعالى: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس} [النساء: 142] ، وقال في سورة «التوبة»: {ولا ينفقون إلا وهم كارهون} [التوبة: 54] ؛ هؤلاء لا ينفقون إلا وهم كارهون؛ لأنهم لا يرجون من هذا الإنفاق ثواباً؛ إذ إنه لا إيمان عندهم، و{ اليوم الآخر } هو يوم القيامة؛ وسمي «اليوم الآخر» ؛ لأنه لا يوم بعده؛ كل يذهب إلى مستقره: أهل الجنة إلى مستقرهم؛ وأهل نار إلى مستقرهم؛ فهو يوم آخر لا يوم بعده؛ ولذلك فهو مؤبد: إما في جنة؛ وإما في نار.
قوله تعالى { كمثل صفوان } أي كشِبْه صفوان؛ وهو الحجر الأملس { عليه تراب }؛ والتراب معروف؛ { فأصابه وابل } أي مطر شديد الوقع سريع التتابع؛ فإذا أصاب المطر تراباً على صفوان فسوف يزول التراب؛ ولهذا يقول تعالى: { فتركه صلداً } أي ترك الوابلُ هذا الصفوانَ أملس ليس عليه تراب؛ وجه الشبه بين المرائي والصفوان الذي عليه تراب، أن من رأى المنافق في ظاهر حاله ظن أن عمله نافع له؛ وكذلك من رأى الصفوان الذي عليه تراب ظنه أرضاً خصبة طينية تنبت العشب؛ فإذا أصابها الوابل الذي ينبت العشب سحق التراب الذي عليه، فزال الأمل في نبات العشب عليه من الوابل؛ ولهذا قال تعالى: { لا يقدرون على شيء مما كسبوا }؛ وصح عود واو الجماعة في { يقدرون } على { الذي } في قوله تعالى: { كالذي ينفق ماله }؛ لأن { الذي } اسم موصول يفيد العموم؛ فهو بصيغته اللفظية مفرد، وبدلالته المعنوية جمع؛ لأنه عام؛ وسمى الله عز وجل ما أنفقوا كسباً باعتبار ظنهم أنهم سينتفعون به.
قوله تعالى: { والله لا يهدي القوم الكافرين } أي لا يهدي سبحانه الكافرين هداية توفيق؛ أما هداية الدلالة فإنه سبحانه لم يَدَع أمة إلا بعث فيها نبياً؛ لكن الكافر لا يوفقه الله لقبول الحق؛ و{ الكافرين } أي الذين حقت عليهم كلمة الله، كما قال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97] .
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: تحريم المن، والأذى في الصدقة؛ لقوله تعالى: { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى }.
2 - ومنها: بلاغة القرآن، حيث جاء النهي عن المنّ، والأذى بالصدقة بهذه الصيغة التي توجب النفور؛ وهي: { لا تبطلوا صدقاتكم }؛ فإنها أشد وقعاً من «لا تَمُنّوا، ولا تؤذوا بالصدقة».
3 - ومنها: أن المن والأذى بالصدقة يبطل ثوابها؛ لقوله تعالى: { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى }.
4 - ومنها: أن المن والأذى بالصدقة كبيرة من كبائر الذنوب؛ وجه ذلك: ترتيب العقوبة على الذنب يجعله من كبائر الذنوب؛ وقد قال شيخ الإسلام في حد الكبيرة: «كل ذنب رُتب عليه عقوبة خاصة، كالبراءة منه، ونفي الإيمان، واللعنة، والغضب، والحد، وما أشبه ذلك»؛ وهذا فيه عقوبة خاصة؛ وهي إبطال العمل؛ ويؤيد ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب»(146).
5 - ومنها: أن المنّ والأذى بالصدقة مناف لكمال الإيمان؛ لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى }؛ كأنه يقول: «إن مقتضى إيمانكم ألا تفعلوا ذلك؛ وإذا فعلتموه صار منافياً لهذا الوصف، ومنافياً لكماله».
6 - ومنها: تشبيه المعقول بالمحسوس ليقربه إلى الذهن؛ لقوله تعالى: { فمثله كمثل صفوان... } إلخ.
7 - ومنها: تحريم مراءاة الناس بالعمل الصالح؛ لقوله تعالى: { كالذي ينفق ماله رئاء الناس }؛ والتسميع كالمراءاة؛ والفرق بينهما أن المراءاة فيما يُرى - كالأفعال - والتسميع بما يقال.
8 - ومنها: أن من راءى الناس بإنفاقه ففي إيمانه بالله، وباليوم الآخر نقص؛ لقوله تعالى: { ولا يؤمن بالله وباليوم الآخر }؛ لأن الذي يرائي لو كان مؤمناً بالله حق الإيمان لجعل عمله لله خالصاً لله؛ ولو كان يؤمن باليوم الآخر حق الإيمان لم يجعل عمل الآخرة للدنيا؛ لأن مراءاة الناس قد يكسب بها الإنسان جاهاً في الدنيا فقط؛ مع أنه لا بد أن يتبين أمره؛ وإذا تبين أنه مراءٍ نزلت قيمته في أعين الناس؛ يقول الشاعر:
(ثوب الرياء يشف عما تحته فإذا اكتسيت به فإنك عاري) أنت لا تظن أنك إذا راءيت الناس أنك ستبقى مخادعاً لهم؛ بل إن الله سبحانه وتعالى سيظهر ذلك؛ ما أسر إنسان سريرة إلا أظهرها الله سبحانه على صفحات وجهه، وفلتات لسانه.
9 - ومن فوائد الآية: إثبات اليوم الآخر؛ وهو يوم القيامة.
10 - ومنها: بلاغة القرآن في التشبيه؛ لأنك إذا طابقت بين المشبه، والمشبه به، وجدت بينهما مطابقة تامة.
11 - ومنها: إثبات كون القياس دليلاً صحيحاً؛ وجه ذلك: التمثيل، والتشبيه؛ فكل تمثيل في القرآن فإنه دليل على القياس؛ لأن المقصود به نقل حكم هذا المشبه به إلى المشبه.
12 - ومنها: أن الرياء مبطل للعمل؛ وهو نوع من الشرك؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»(147)؛ فإن قصد بعمله إذا رآه الناس أن يتأسى الناس به، ويسارعوا فيه فهي نية حسنة لا تنافي الإخلاص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر، وقال: «إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلَّموا صلاتي»(148)؛ وفي الحج كان صلى الله عليه وسلم يقول: «لتأخذوا مناسككم»(149)؛ وهو داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة»(150).
13 - ومن فوائد الآية: الإشارة إلى تحسر هؤلاء عند احتياجهم إلى العمل، وعجزهم عنه؛ لقوله تعالى: { لا يقدرون على شيء مما كسبوا }؛ وعجز الإنسان عن الشيء بعد محاولة القدرة عليه أشد حسرة من عدمه بالكلية؛ ألم تر إلى قوله تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجعلناه حطاماً} [الواقعة: 63 - 65] ؛ وكونه حطاماً ينظرون إليه أشد حسرة من كونه لم ينبت أصلاً؛ وقوله تعالى: {أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجاً} [الواقعة: 68 - 70] ؛ وكونه بين أيديهم أجاجاً لا يستسيغون شربه أشد مما لو لم يوجد أصلاً؛ والإنسان العاقل يجعل العمل لله ؛ والعمل للناس: للناس؛ أنا قد أحب أن أخرج للناس في ثوب جميل: لا بأس أن أتجمل ليراني الناس على هذه الحال؛ لكن أصلي ليراني الناس أصلي: لا يصح؛ لأن العمل لله يجب أن يكون لله لا يشاركه فيه أحد.
14 - ومن فوائد الآية: أن من قضى الله عليه بالكفر لا تمكن هدايته؛ لقوله تعالى: { والله لا يهدي القوم الكافرين }؛ فإن قلت: كيف تجمع بين هذا وبين الواقع من أن الله سبحانه وتعالى هدى قوماً كافرين كثيرين؟ فالجواب أن من هدى الله لم تكن حقت عليهم كلمة الله؛ فأما من حقت عليه كلمة الله فلن يُهْدى، كما قال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97] .
15 - ومنها: أن المنافق كافر؛ لقوله تعالى: { والله لا يهدي القوم الكافرين } بعد أن ذكر ما يتعلق بصفة المنافق؛ وهو الذي ينفق ماله رئاء الناس، ولا يؤمن بالله، واليوم الآخر؛ وهذا ينطبق تماماً على المنافقين؛ ولا ريب أن المنافقين كفار - وإن تظاهروا بالإسلام - ولكن هل نعاملهم معاملة الكفار؟ الجواب: لا نعاملهم معاملة الكفار؛ لأن أحكام الدنيا تجري على الظاهر؛ وأحكام الآخرة تجري على الباطن والسرائر، كما قال تعالى: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور * وحصِّل ما في الصدور} [العاديات: 9، 10] ، وقال تعالى: {يوم تبلى السرائر} [الطارق: 9] ؛ ولأنه لو عومل الناس في الدنيا على السرائر لكان في ذلك تكليف ما لا يطاق من وجه؛ وكان في ذلك الفوضى التي لا نهاية لها من وجه آخر؛ أما تكليف ما لا يطاق فلأننا لا نعلم ما في صدور الناس؛ فلا يمكن أن نحكم عليه؛ وأما الفوضى فلأنه يستطيع كل ظالم له ولاية أن يعاقب هذا الرجل، أو يعدم هذا الرجل بحجة أنه مبطن للكفر؛ ولما استؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل المنافقين قال: «لا أقتلهم؛ لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه»(151).


عبدالله ابونادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 02-12-2011, 07:54 PM   #2
 
الصورة الرمزية عاشق الجنان
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الدولة: الدمام
المشاركات: 12,045
معدل تقييم المستوى: 147
عاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud ofعاشق الجنان has much to be proud of

اوسمتي

افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الغـــــــلا:عبدالله
أتمنــــى لكـ من القلب .. إبداعـــاً
يصل بكـ إلى النجـــوم ..
سطرت لنا أجمل معانى الحب

بتلك المواضيع الشيقة التي تأخذنا

إلى أعماق البحار دون خوف

بل بلذة غريبة ورائعة

دمت لنا ودام قلمك
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
من فضلك أفتح الرابط:تلاوة مميزة
عاشق الجنان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 03-12-2011, 07:22 AM   #3
 
الصورة الرمزية ابو نايف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الشرقيه
المشاركات: 44,381
معدل تقييم المستوى: 100
ابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond repute
افتراضي

شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ

جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى

ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر
__________________
ابو نايف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 03-12-2011, 01:57 PM   #4
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: تبوك
المشاركات: 11,832
معدل تقييم المستوى: 163
عبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond reputeعبدالله ابونادر has a reputation beyond repute
افتراضي

اسعد الله قلوبكم وامتعها بالخير دوماً

أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه


وردكم المفعم بالحب والعطاء

دمتم بخير وعافية

لكم خالص احترامي
عبدالله ابونادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لاهل, متجدد), الايمان, الرحمن, الرحيل, نياما


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

ترتيب منتديات قبيلة آل حبه عالميا
 

الساعة الآن 08:23 PM


Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009
الأرشيف
تصميم المنافع لتقنية المعلومات