المروءة نظر إلى عنان السماء، والنذالة نظر إلى خشاش الأرض،
المروءة سعي إلى المكارم، والنذالة تهفو إلى المغانم، أصحاب المروءات يكثرون عند الفزع، وأصحاب النذالات يكثرون عند الطمع،
المروءة تدفع صاحبها إلى البذل والعطاء، والنذالة تجعل صاحبها يلهث وراء كل فناء، المروءة سعي إلى الأفضل والأجمل في كل شيء، والنذالة توارٍ وراء الأرذل من كل شيء،
المروءة حياء يدفع إلى الارتقاء عن السفاسف، والنذالة خواء يرمي صاحبه في مستنقع السفاسف،
أصحاب المروءات يصنعون التاريخ ، وأصحاب النذالات يلطخونه،
صاحب المروءة ينام مرهقا من خدمات الناس، والأنذال ينامون مرفهين من جيوب الناس، المروءة النادرة في الأثواب الطاهرة، والنذالة الكثيرة في الأثواب الفاجرة،
أصحاب المروءات يعفون عند المقدرة، وأصحاب النذالات يذلون مع القوي كأنهم " حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ " (المدثر:50)، ومع الضعيف يطغون كأن أحدهم قسورة،
صاحب المروءة وفيٌّ لأب وأم وأخ وأخت وصديق وأستاذ وجار وشريك، وصاحب النذالة يغدر بكل من أحسن إليه من قريب أو بعيد،
صاحب المروءة يشعر أنه مدين للعالم كله، وصاحب النذالة كأنه دائن للخلق جميعا، صاحب المروءة لا يتسرب إليه يأس وإحباط بل أمل متجدد وعمل، وصاحب النذالة يائس محبط لا يرى في الحياة من أمل،
صاحب المروءة يزداد مع الأيام قوة وفتوة في فعل الخير ونفع الغير، وصاحب النذالة يزداد مع الأيام ضعفاً وخذلاناً وذلاً وهواناً،
صاحب المروءة يفاجئك بأحسن مما تتوقع، وصاحب النذالة يفاجئك من هول ما يهوي ويرتع،
أصحاب المروءات يحتاجون من يكفكف من فيض عطائهم وجهدهم ليعطوا وقتاً ومالاً لأنفسهم وأولادهم، وأصحاب النذالات يحتاجون إلى من يكفكف مطامعهم، وانغماسهم في الدوران حول أنفسهم وأولادهم وأموالهم،
صاحب المروءة لا يعيش عمرا أطول من صاحب النذالة عدداً لكنه الأطول عمرا من الثناء الحسن والدعاء له بعد موته، فالذكرى للإنسان عمر ثان،
وأصحاب المروءات يذكرهم الناس وهم أموات، وأصحاب النذالات ينساهم الناس وهم أحياء.
فلنكن من أصحاب المروءات الذين يسعون إلى التصرف الفطري التلقائي نحو الأرقى والأسمى والأجمل والأفضل، ولنتوقف عما لا يليق بالإنسان حيثما كان وفي أي زمان .