السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مؤلم الفراق
فراق الأحبة
فراق الأهل
فراق الوطن
الشاعر فهد سليم شريح غادر بلدة ترشيحا عام 1948 تحت القصف الإسرائيلي، غادر بجسده و بقي وجدانه في ترشيحا، و في الشام بعد أن يمم جهة الغرب:
لا الدار داري
لا الدار داري و لا الأوطان أوطاني == و لا صديقي و لا أهلي و جيراني
يحيط بي من جهاتي كلهـا حشـد == منهم بولندي و بلغاري و روماني
و منهم الروس و تشيكي و بلجيكي == منهم عراقي و سكسوني و إيراني
لهـم لغـات و أخـلاق ملونـة == بعيدة الفهم عن ذوقـي و أوزاني
لا الخير يرجى و لا الأخلاق فاضلةٌ == و الشـر منهم قريبٌ نحونـا داني
يحفُ بي بشـرٌ مـن كل ناحيـةٍ == بدّلـتُ فيهم بأصحابـي و إخواني
يا جيرة السوء كيف العيـش بينكم == أنتـم لإبليـس إخوانـاً و أحداني
و طالـب العـدل في أيـام دولتكم == كطالب الشـهد من أنياب ثعبـانِ
ملكتم الأرض لا أرضي و لا شجري == و لا بيوتـي و لا مالـي يعينـاني
وضعتموني بسـجنٍ لا أنيـسَ بـه == إلا إلهـي بعين اللطـف يرعـاني
أبعدتمُ النُجبَ عن عيني و هم ولدي == هم نورُ باصرتي روحي و ريحاني
أسـاهرُ الليل في همي و في نكدي == يا جيرةَ الشـام إن البعـدَ أضناني
بيروتُ فيكِ حبيب الروح مكتئـبٌ == مـع البنـات و أحفـادي و خلاني
منيب في صور يسكنها على مضدٍ == سـمعت أكـرم جنح الليـل ناداني
و فهـدُ يلهـجُ في ذكـري يردده == يقـول جدي مديحـاً منـه أهداني
و كلهـم باشـتياق نحو والدهـم == تجرعـوا الصبر من ذلي و إذعاني
و في حماةَ فهيمة مع رباح و هـم == مـع البنيـن بأحشـائي و أذهاني
حرمت عيـش الهنا من بعد فرقتهم == و الحـزن رافقنـي و الهـمُّ وافاني
و ذاب قلبي و زاد الحزنُ من ألمي == و أضعف الوجـدُ قلبي ثم أوهاني
يا ربُ عطفاً على شـيخٍ يذوب جواً == جـد باللقـا يا إلهـي لا بحرماني
منـي لهـم قبـلاتٌ من حرارتهـا== ينسـيهمُ حرّهـا عن حـرّ نيراني
لا تحسبوني صحيحَ الجسم في دعةٍ == فالعيـش عندي غدا و الموت سيانِ
أبكي على ما مضى يا دهر من زمني == كانـت به حادثاتُ الدهر تنسـاني
فاسـتبدلَ الدهر أيام الهنـا بشـقا == تجاهل الناس أفعالـي و إحسـاني
و صرت بعد رغيد العيش في شظف == الله ربـي عـن الأنـذالِ أغنـاني
لكنـه عـن يقين قد يعـد زمنـي == بقـوة اللـه آمالـي و إيمـاني
و أن تعـود الليالي البيض بهجتهـا== و الليـل يمحوه نصرٌ صبحه داني
و أن تعـودَ إلى الأعـراب قوتهـا == و تبـذلَ المالَ ثم الأحمر القـاني
و تسـتردُ بـلاداً قدسـها علـمٌ == و مهبط الوحي فيها أمـرُ ربـاني
لا تلبسوا العارَ من شـعبٍ بلا بلدٍ == و لا كيـانٍ و لا ملكٍ و سـلطاني
يا ريحُ احمل تحياتـي و موجدتي == بلّغ سـلامي إلى مسـلم و نصراني
و قل لهم يا بني قومي بني نسـبي == مـن آل عدنـانَ أو من آل غسـانِ
و وسّـع القولَ للأعرابِ أجمعهـم == بلّغ سـلامي إلى القاصي مع الداني
و قل لهـم ارفعوا يا قـومُ رايتكـم == على فلسـطينَ ردّوا عيشَـها الهاني
أرواحهـا سُـلبت أموالها اغتُصبَت == أعراضهـا انتُهكَت لـم تلقَ معواني
أموالها نُهبت كاس البـلا شـربت == و دورُهـا خرّبَـت مـن بعدِ عمرانِ
يا ربي هل رحمةً ترجا و هل فرجٌ == إنَّ التوسـلَ بغيـرِ اللـه أعيـاني
الظلمُ و اللؤمُ سـادا في البلاد فلا == ترجا الفضيلةُ من أُنـسٍ و من جانِ
هل تحملُ الريحُ شخصي للشآم كما == تحمـلُ الريحُ مـن قبلي سـليمانِ
لأننـي لا أرى للسـيرِ مقـدرةً == وصـرتُ مضنىً ضعيفُ الجسم عيانِ
يا قومُ هل من لقى أطفي به لهبي == فقدتُ من بعدهم صبري و سـلواني
رمـا زماني بسـهمٍ من نوائبـهِ == وحـلَّ في كبدي ظلمـاً و أصحـاني
و الدهرُ أحرقَ أحشـائي و مزَّقها == كاسـاً من السـمِ بعد العزِّ أسـقاني
يا فرحتي يا سروري حين أنظر من == فراقهـم مـن عيونـي الدّمِ أبكاني
تُسـرُّ عيني برؤياكم و قبلتهـم == إن طال عمري و رب العرش أبقاني
أضمهم ضمَّ مشـتاقٍ لرؤيتهـم == أقـولُ ربـي بعيدِ المـوت أحيـاني
و أشـرب الماء عذباً في منازلهم == بعـد الضمـا بردى بالمـاء رواني
برج البراجنةِ المعمورُ فـي ولدي == و فـي رفاقي و أصحابي و إخواني
يا صور مأسور ترشـيحا إليك أنا== يصبـوا إليـك بأشـواقٍ و تحناني
فاصرفي الهم عن قلبي و عن بصري == حتـى أنامَ قريرَ العيـنِ وسـنانِ
لأن قلبـي حزينـاً بعـدَ فرقتهـم == و الشـوقُ أقلقنـي و الداءُ أعياني
إلى اللقاء
__________________
″والله يريد أن يتوب عليكم و يريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما″