حل مشاكلك ربما يكون أبسط مما تتصور
د. خالد سعد النجار
بسم الله الرحمن الرحيم
من رحم المحنة تكون المنحة، لكن الأمر يتطلب «صبر وبصر» .. صبر على البحث والتفكير في الخروج من المشكلة، وبصر نافذ يلمح الحل وسط ظلمات الألم وأشواك المآسي، وهذا ما يميز الأفذاذ عن غيرهم، فاستيعاب الصدمة وتلمس الحل هو الفارق الحقيقي بين النجاح والفشل، فالمشاكل لن تنتهي وستستمر إذا وجدت منا فكرا مغلقا وبصرا لا ينظر إلا تحت الأقدام.
- حينما تلقى مصنع صابون ياباني شكوى من عملائه أن بعض العبوات تكون فارغة، اقترح مهندسو المصنع تصميم جهاز يعمل بأشعة الليزر لاكتشاف العبوات الفارغة خلال مرورها على سير التعبئة ثم سحبها آليا من سير التعبئة، ومع أن الحل مناسب إلا أنه مكلف ومعقد، وفي المقابل ابتكر أحد عمال التغليف فكرة بسيطة وغير مكلفة، وذلك بأن توضع مروحة كبيرة بدلا من جهاز الليزر بحيث يوجه هواؤها إلى سير التعبئة فيقوم بإسقاط العبوات الفارغة قبل وصولها إلى التخزين.
- واجه رواد الفضاء الأمريكيون صعوبة في الكتابة نظرا لانعدام الجاذبية التي تدفع نزول الحبر إلى رأس القلم! وللتغلب على هذه المشكلة أنفقت وكالة الفضاء الأمريكية ملايين الدولارات على بحوث استغرقت عدة سنوات، أنتجت قلما يكتب في الفضاء والماء وعلى أرق الأسطح وأصلبها وفي أي اتجاه. وفي المقابل تمكن رواد الفضاء الروس من التغلب على المشكلة بلا أدنى نفقات وذلك باستخدام قلم رصاص.
هذه المواقف تعطينا دلالة واضحة أحد الفروق الهامة بين الشخصية الناضجة والشخصية السطحية، فالشخصية السطحية تتسم بقدر من «القصور الذاتي» بمعنى أنها تظل في حركتها متأخرة عن متطلبات الواقع، فأثناء عملها ترتكب أخطاء وتواجه مشكلات، ولكن حركتها في معالجة تلك الأخطاء والمشكلات تظل بطيئة وتأتي متأخرة، بسبب ضحالة رصيدها من الشفافية والمرونة.
هذا فضلا عن أنها تعجز عن إقامة حواجز بين التصلب الممدوح الذي يتمثل في الثبات والتمسك بالعقائد والمبادئ والمفاهيم الكبرى، وبين التصلب الذهني المذموم الذي يتمثل في نقص المرونة الذهنية، واعتناق بعض المفاهيم الخاطئة التي تجعل المرء فاقد للرشد الفكري.
السطحيون يتجنبون دوما مواجهة مشاكل الواقع على عكس الناضجون الذين يواجهون الواقع بتلهف مدركين أن أسرع الطرق لحل أي مشكلة هو التعامل معها بشكل حازم وفوري .. فالناضجون يتحدون مشاكلهم، بينما السطحيون يتهربون منها أو يتجاهلونها.
صيد الفوائد