محامٍ يدعو «هيئة حقوق الإنسان» إلى تبني إلغاء عقوبة «الحق الخاص»

نظراً لسلبياتها المتعددة على الدولة والمجتمع

محامٍ يدعو «هيئة حقوق الإنسان» إلى تبني إلغاء عقوبة «الحق الخاص»

جدة ضيف الله المطوع
شدد المحامي والمستشار القانوني الدكتور خالد النويصر على أهمية التعجيل بإلغاء عقوبة السجن عن سجناء الحق الخاص والإفراج عنهم، مشيراً إلى الأضرار المادية والنفسية الكبيرة التي تحيق بالفرد وتلقي بآثارها المدمرة على الأسرة والمجتمع، فضلاً على تحمل الدولة لأعباء مالية وأمنية وتأهيلية تجاه هؤلاء السجناء، مضيفاً أن الإحصائيات تشير إلى ارتفاع أعداد سجناء هذه الفئة حالياً، ومن المتوقع أن تكتظ السجون بهم مستقبلاً نظراً لتشابك جوانب الحياة وتعقدها وكثرة مطالبها ومشاكلها.
وأوضح النويصر أن هذه العقوبة تتعارض مع عدد من الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة والتي من أهمها الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان، لاسيما الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1948م والتي تضمنت المادة التاسعة منه على أنه لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه...، والميثاق العربي لحقوق الإنسان المعتمد من القمة العربية بتونس في 23/5/2004م، حيث تضمنت المادة "14/2" منه على عدم جواز حرمان الأشخاص من حرياتهم ، كما نصت المادة (18) من ذات الميثاق على أنه "لا يجوز حبس شخص ثبت قضائياً إعساره عن الوفاء بدين ناتج عن التزام تعاقدي"، وقد صادقت المملكة على هذا الميثاق، كذلك إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام الصادر في 5/8/1990، حيث تضمنت المادة (19/د) على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بموجب أحكام الشريعة، وكل هذه المواثيق والاتفاقيات لا تقر مثل هذا النوع من العقوبات، كما أن العديد من دول العالم قد ألغت عقوبة السجن في قضايا الحق الخاص، إما قبل قرون أو عقود خلت، نظراً لأن أضرارها أكثر من منافعها.
وأشار إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله قد أقر نشر ثقافة حقوق الإنسان، كما أن ولاة الأمر يحفظهم الله قد منحوا صلاحيات واسعة لهيئة حقوق الإنسان في أن تتابع عن كثب كل ما يتعلق بحقوق الإنسان، ولذلك يُتوقع منها أن تضع في سلم أولوياتها مساعدة الجهات المعنية في وضع الأنظمة اللازمة أو تعديلها للتعجيل بإلغاء عقوبة سجناء الحق الخاص، مشيراً إلى أن نظام هذه الهيئة الصادر في العام 1426ه قد أوكل العديد من الأهداف والاختصاصات إليها، إذ تضمنت المادة الأولى منه على أن هدف الهيئة هو حماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفقاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية وتأكدها من تنفيذ الجهات الحكومية للأنظمة واللوائح السارية وكذا إبداء الرأي في مشاريع الأنظمة المتعلقة بحقوق الإنسان.
وتمنى أن تلتفت هيئة حقوق الإنسان إلى كل ما يتعلق بهذه العقوبة وبالذات مدى تأثيرها على الصورة المشرقة للمملكة، حيث تنتهز بعض هيئات حقوق الإنسان الدولية وتوجّه من حين لآخر انتقادات للمملكة بخصوص مثل هذه المواضيع.
وأوضح أن الشريعة الإسلامية السمحة قد أقرت المبدأ العام (بنظرة إلى ميسرة) فيما يتعلق بسداد الديون في حال عدم القدرة على ذلك، وتساءل د. النويصر كيف يُسجن إنسان نظير دين عليه بينما السجن ليس مكاناً للمدينين وإنما هو مكان للمجرمين وتجار المخدرات والمحتالين والنصابين والسارقين والمزورين وأصحاب القضايا الجنائية وغيرهم؟ واستطرد أن الشخص المسجون في قضية حق خاص سوف يضحى لاحقاً في الغالب مجرماً نتيجة لتراكم آثار نفسية واجتماعية مدمرة عليه والتي ستنسحب تداعياتها المالية والاخلاقية والتربوية على كافة أسرته وأبنائه، بل ربما تدفعهم إلى سلوكيات تفضي بهم إلى الانحراف الذي سيقودهم إلى خطى الجريمة في نهاية الأمر، كما أن من شأن هذه العقوبة أن تساهم في انتشار ثقافة السجون في أوساط المجتمع.