الإهداءات


العودة   منتديات آل حبه > المنتديات الخاصة بقبيلة آل حبه والعوامر > منتديات كتّاب المنتدى > منتدى الرحال الفاروق - رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-08-2011, 12:25 AM   #16
 
الصورة الرمزية المعتصم بالله
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 4,251
معدل تقييم المستوى: 100
المعتصم بالله has much to be proud ofالمعتصم بالله has much to be proud ofالمعتصم بالله has much to be proud ofالمعتصم بالله has much to be proud ofالمعتصم بالله has much to be proud ofالمعتصم بالله has much to be proud ofالمعتصم بالله has much to be proud ofالمعتصم بالله has much to be proud of

اوسمتي

افتراضي

اخي ورفيق دربي الفاروق
شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيد
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى
ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر..

__________________
لا اله الا الله
محمد رسول الله
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
المعتصم بالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 07-08-2011, 04:17 AM   #17
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: جده
المشاركات: 2,833
معدل تقييم المستوى: 53
لورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud ofلورانـــــس has much to be proud of
افتراضي

اخي الفاروووق
جزيت خيرا
وبارك الله فيك
وكثر الله من امثالك
فكلامك دواء للجرح
لورانـــــس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 08-08-2011, 12:24 AM   #18
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 1,419
معدل تقييم المستوى: 39
الفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud of
افتراضي

أخي ورفيق دربي المعتصم بالله ، كم أسعدني مرورك وتعليقك ، بارك الله فيك .
أخي العزيز لورانس ، أسعدتني بتواجدك معي وتعليقك زاد متصفحي نوراً وضياء ، بارك الله فيك .
وأسأل الله لي ولكما النفع والفائدة .


مجالس شهر رمضان
المجلس الثامن - في بقيّة أقسام الناس في الصيّام وأحكام القضاء
محمد بن صالح العثيمين
الحمدُ لله الواحدِ العظيم الجبَّار القدير القويَّ القَهَّار، المُتَعالِي عن أنْ تُدركهُ الخواطر والأبْصار، وَسَمَ كل مخلوقٍ بسِمة الافتِقار، وأظْهر آثارَ قدرتِه بتصريفِ الليلِ والنهار، يسمعُ أنين المدنفِ يَشْكو ما بِه مِنَ الأضْرار، ويُبْصِر دبيبَ النملةِ السوداءِ في الليلةِ الظَّلماءِ على الغَار، ويعلم خَفِيَّ الضَّمائرِ ومكنونَ الأسْرار، صفاتُه كذاته والمُشبِّهةُ كفَّار، نُقرُّ بما وصف به نفسه على ما جاء في القرآنِ والأخبار {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـلِمِينَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـلِمِينَ } [التوبة: 109]، أحْمدُه سبحانَه على المَسَارِّ والمَضَارِّ، وأشهد أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ لَهُ المتفردُ بالْخلقِ والتدبير {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَـنَ اللَّهِ وَتَعَـلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [القصص: 68]، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسولهُ أفضلُ الأنبياءِ الأطهارِ، صلَّى الله عليه وعلى أبي بكر رفيقِه في الْغَار، وعلى عُمرَ قامِع الكُفَّار، وعلى عثمانَ شهيدِ الدَّار، وعلى عليٍّ القائمِ بالأسْحار، وعلى آلِهِ وأصْحابهِ خصوصاً المهاجرينَ والأنْصار، وسلَّم تسليماً.

إخواني: قدَّمنَا الكلامَ عن سبعة أقسامٍ من أقْسَامِ الناسِ في الصيامِ وهذه بقيَّةُ الأقسامِ:

[8] في بقية أقسام الناس في الصيام وأحكام القضاء® القسمُ الثامنُ:

الحائضُ فيحرمُ عليها الصيامُ ولا يصحُّ منها لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في النساءِ: «ما رأيت مِنْ ناقصاتِ عَقْلٍ ودينٍ أذْهَبَ للُبِّ الرَّجل الحازمِ مِنْ إحداكُنَّ، قُلنَ: وما نقصانُ عقلِنا ودينِنا يا رسولَ الله؟ قال: أَلْيسَ شَهادةُ المرأةِ مثلَ نصْفِ شهادةِ الرَّجُلِ؟ قُلنَ: بلى. قال: فذلك نقصانُ عَقْلِها، أليس إذا حاضتْ لم تُصلِّ ولَم تُصم؟ قلن: بلى. قال: فذلك مِنْ نقصانِ دِيْنِها»، متفق عليه.

والْحيْضُ دمُ طبيعي يعتادُ المرأةَ في أيَّامٍ معلومةٍ.

وإذا ظَهَرَ الحيضُ منها وهي صائمةٌ ولو قبلَ الغروبِ بلحْظَةٍ بَطلَ صومُ يومِها ولزِمَها قضاؤه إلاَّ أنْ يكون صومُها تطوُّعاً فقضاؤه تطوُّعٌ لا واجبٌ.

وإذا طهُرتْ من الحيضِ في أثناءِ رمضانَ لم يصحَّ صومُها بقيَّة اليومِ لوجودِ ما يُنافي الصيامَ في حقِّها في أولِّ النهارِ، وهل يَلزمُها الإِمْساك بقيَّة اليوم؟ فيه خلافٌ بين العلماء سبق ذِكْرُه في المسافر إذا قدِم مُفطِراً.

وإذا طهرتْ في الليل في رمضان ولو قبْل الفجرِ بلحظة وجب عليها الصومُ لأنها مِنْ أهلِ الصيام وليس فيها ما يمنعُه فوجبَ عليها الصيامُ، ويصحُّ صومُها حينئذٍ وإنْ لم تَغْتَسل إلاَّ بعد طلوعِ الفجر كالجُنبِ إذا صامَ ولم يغْتسِلْ إلاَّ بعدَ طلوعِ الْفجرِ فإنَّه يصحُّ صومُه لقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يصبحُ جُنُباً من جماعٍ غير احتلامٍ ثم يصومُ في رَمضانَ»، متفق عليه.

والنُّفسَاءُ كالحائضِ في جميع ما تقَدَّم.

ويجبُ عليها القضاءُ بعددِ الأيام التي فاتَتْها لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 184]. وسُئلت عائشةُ رضي الله عنها: ما بالُ الحائضِ تقضي الصومَ ولا تقضي الصلاة؟ قالتْ: «كان يصيبُنَا ذلك فنؤمرُ بقضاء الصومِ ولا نؤمرُ بقضاء الصلاة»، رواه مسلم.

® القسمُ التاسعُ:

المرأة إذا كانت مُرضعاً أو حاملاً وخافتْ على نفسِها أو على الولَد من الصَّوم فإنها تفطرُ لحديث أنسِ بن مالك الْكعِبي رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الله وضَع عن المسافر شطرَ الصلاة وعن المسافر والحامل والمرضع الصومَ أو الصيام»، أخرجه الخمسة، وهذا لفظ ابن ماجة. ويلزمُهَا القضاءُ بِعَدَدِ الأيامِ التي أفطرتْ حِينَ يتيسَّرُ لها ذلك ويزولُ عنها الخوفُ كالمريض إذا بَرِأ.

® القسمُ العاشرُ:

مَن احتاج للْفطرِ لِدفْعِ ضرورةِ غيرهِ كإِنقاذ معصومٍ مِنْ غرقٍ أوْ حريقٍ أو هدْمٍ أوْ نحو ذلك فإذا كان لا يمكنه إِنقَاذُه إلاَّ بالتَّقَوِّي عليه بالأكْل والشُّرب جاز له الفِطرُ، بل وَجبَ الفطرُ حِيْنئذٍ لأن إنقاذ المعصوم من الْهَلكَةِ واجبٌ، وما لا يَتمُّ الواجبُ إلاَّ به فهو واجبُ، ويلزمُه قضاءُ ما أفْطَرَه.

ومثلُ ذلك مَن احتاجَ إلى الْفِطرِ للتَّقَوِّي به على الْجهادِ في سبيل الله في قِتَاله الْعَدُوَّ فإنه يفْطر ويقضي ما أفطَر سواء كان ذلك في السفر أو في بلده إذا حضره العَدُوُّ لأنَّ في ذلك دفاعاً عن المسلمينَ وإعلاءً لكلمةٍ الله عزَّ وجَلَّ. وفي صحيح مسلمٍ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: سافَرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى مكةَ ونحنْ صيامٌ فنَزلْنا منْزلاً فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «إنكم قد دَنَوْتم مِنْ عدوِّكم والْفِطرُ أقْوى لكم» فكانتْ رخصةً فمِنَّا مَنْ صامَ ومنا مَنْ أفْطر، ثم نزلنا منزلاً آخرَ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «إنكم مُصَبِّحو عدوِّكم والفطرُ أقوى لكم فأفْطرِوا وكانتْ عزمْةً فأفْطَرنا». ففي هذا الحديث إيماءٌ إلى أن القوةَ على القتال سببٌ مُستقِلٌ غيرُ السفرِ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم جعل عِلَّةَ الأمْرِ بالفِطر القُوَّةَ على قتالِ العدُوِّ دونَ السفرِ ولذلِك لم يأمرهم بالفِطر في المنزَلِ الأوَّل.

وكُلُّ مَنْ جاز له الفطرُ بسببٍ مما تقَدَّم فإنَّه لا يُنكرُ عليه إعْلانُ فِطْرهِ إذا كان سبَبُه ظاهراً كالمريضِ والكبير الذي لا يستطيع الصومَ، وأمَّا إن كان سببُ فطره خفيَّاً كالحائِضِ ومَنْ أنقَذَ معصوماً من هلَكةٍ فإنه يُفطر سرَّاً ولا يعْلِنُ فِطْرَه لئلا يَجُرَّ التهمةَ إلى نَفْسِه ولئلاَّ يَغْتَرَّ به الجاهلُ فيظنُّ أنَّ الفطرَ جائزٌ بدون عُذْر.

وكُلُّ من لَزِمه القضاءُ من الأقسام السابقةِ فإنَّه يقْضِي بعددِ الأيامِ التي أفْطر لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }. فإنْ أفطَر جَميعَ الشهر لزمه جميعُ أيامه. فإن كان الشهر ثلاثين يوماً لزمه ثلاثون يوماً، وإن كان تسعةً وعشرينَ يوماً لزمه تسعةٌ وعشرونَ يوماً فَقْط.

والأوْلىَ المُبادَرَةُ بالْقضاءِ من حينِ زوالِ الْعذرِ لأنه أسبقُ إلى الخيرِ وأسْرَعُ في إبراءِ الذِّمَّةِ.

ويجوز تأخيرهُ إلى أن يكونَ بينهُ وبين رمضانَ الثاني بعددِ الأيامِ التي عليه لقولِه تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 184].

ومن تمام الْيُسرِ تأخير قضائِها. فإذا كان عليه عشرةُ أيامٍ من رمضان جاز تأخيرها إلى أن يكون بينه وبينَ رمضانَ الثاني عشرة أيامٍ.

ولا يجوز تأخيرُ القضاءِ إلى رمضانَ الثاني بدونِ عذرٍ لقولِ عائشة رضي الله عنها: «كان يكونُ عليَّ الصومُ من رمضانَ فما أسْتطيع أنْ أقضيه إلاَّ في شعبانَ»، رواه البخاري، ولأنَّ تأخيره إلى رمضانَ الثاني يُوْجبُ أنْ يتراكم عليه الصومُ وربَّمَا يعجزُ عنه أوْ يموتُ، ولأن الصومَ عبادةٌ متكرِّرةٌ فَلْم يَجُز تأخيرُ الأولَى إلى وقتِ الثانيةِ كالصلاةِ، فإن استَمرَّ به العذرُ حَتَّى ماتَ فلا شَيْءَ عليه لأن الله سبحانه أوجَبَ عليه عدَّةً من أيامٍ أُخَرَ ولم يتمكنْ منْها فسقطت عنه كمن مات قبلَ دخولِ شهر رمضانَ لا يلزمُه صومُه، فإن تمكَّن من القضاءِ فَفَرَّط فيه حتى مات صام وليُّهُ عنه جميعَ الأيامِ التي تمكَّنَ من قضائِها، لقوله صلى الله عليه وسلّم: «مَنْ ماتَ وعليه صيامٌ صامَ عنه وليُّه»، متفق عليه.

ووَلِيُّهُ وارِثُه أو قريبُه. ويجوز أنْ يصومَ عنه جماعةٌ بعددِ الأيامِ التي عليه في يوم واحدٍ، قال البخاري: قال الحسنُ: إن صامَ عنه ثلاثَونَ رجلاً يوماً واحداً جاز. فإن لم يكن له وليٌّ أو كان له وليٌّ لا يريدُ الصومَ عنه أُطعمَ مِنْ تركتِه عن كلِّ يومٍ مسكينٌ بعددِ الأيام التي تمكَّنَ من قضائِها؛ لِكُلِّ مسكينٍ مدُّ برٍّ وزنه بالبرِّ الجيِّد نصفُ كيلو وعشرةُ جرامات.

إخواني: هذه أقسامُ الناسِ في أحكام الصيامِ شرعَ الله فيها لكل قِسْمٍ ما يُناسِب الحالَ والمَقَام. فاعرِفوا حكمة ربِّكم في هذه الشَّرِيْعَة. واشكروا نعمتَهُ عليكم في تسهيلِهِ وتيْسيرِه. واسألوه الثَّباتَ على هذا الدِّينِ إلى الممات.

اللَّهُمَّ اغْفِر لنا ذنوباً حالتْ بيننا وبينَ ذِكْرِك. واعفُ عن تقصيرنا في طاعتِك وشُكْرك. وأدم علينا لُزُومَ الطريقِ إليَك. وهَبْ لنا نُوراً نهتدي به إليك. اللَّهُمَّ أذِقْنا حلاوةَ مناجاتِك. واسلكْ بنا سبيلَ أهْلِ مرضاتِك. اللَّهُمَّ أنْقِذْنا من دَرَكاتِنا، وأيْقظْنا من غفَلاتِنا، وألْهمنا رُشْدَنَا، وأحْسِنْ بكَرَمِك قصدَنا، اللَّهُمَّ احْشُرْنا في زُمْرةِ المُتَّقين، وألحقْنا بعبادِك الصالحِينَ. وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين.


الفاروق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 08-08-2011, 12:24 AM   #19
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 1,419
معدل تقييم المستوى: 39
الفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud of
افتراضي

أخي ورفيق دربي المعتصم بالله ، كم أسعدني مرورك وتعليقك ، بارك الله فيك .
أخي العزيز لورانس ، أسعدتني بتواجدك معي وتعليقك زاد متصفحي نوراً وضياء ، بارك الله فيك .
وأسأل الله لي ولكما النفع والفائدة .


مجالس شهر رمضان
المجلس الثامن - في بقيّة أقسام الناس في الصيّام وأحكام القضاء
محمد بن صالح العثيمين
الحمدُ لله الواحدِ العظيم الجبَّار القدير القويَّ القَهَّار، المُتَعالِي عن أنْ تُدركهُ الخواطر والأبْصار، وَسَمَ كل مخلوقٍ بسِمة الافتِقار، وأظْهر آثارَ قدرتِه بتصريفِ الليلِ والنهار، يسمعُ أنين المدنفِ يَشْكو ما بِه مِنَ الأضْرار، ويُبْصِر دبيبَ النملةِ السوداءِ في الليلةِ الظَّلماءِ على الغَار، ويعلم خَفِيَّ الضَّمائرِ ومكنونَ الأسْرار، صفاتُه كذاته والمُشبِّهةُ كفَّار، نُقرُّ بما وصف به نفسه على ما جاء في القرآنِ والأخبار {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـلِمِينَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـلِمِينَ } [التوبة: 109]، أحْمدُه سبحانَه على المَسَارِّ والمَضَارِّ، وأشهد أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ لَهُ المتفردُ بالْخلقِ والتدبير {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَـنَ اللَّهِ وَتَعَـلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [القصص: 68]، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسولهُ أفضلُ الأنبياءِ الأطهارِ، صلَّى الله عليه وعلى أبي بكر رفيقِه في الْغَار، وعلى عُمرَ قامِع الكُفَّار، وعلى عثمانَ شهيدِ الدَّار، وعلى عليٍّ القائمِ بالأسْحار، وعلى آلِهِ وأصْحابهِ خصوصاً المهاجرينَ والأنْصار، وسلَّم تسليماً.

إخواني: قدَّمنَا الكلامَ عن سبعة أقسامٍ من أقْسَامِ الناسِ في الصيامِ وهذه بقيَّةُ الأقسامِ:

[8] في بقية أقسام الناس في الصيام وأحكام القضاء® القسمُ الثامنُ:

الحائضُ فيحرمُ عليها الصيامُ ولا يصحُّ منها لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في النساءِ: «ما رأيت مِنْ ناقصاتِ عَقْلٍ ودينٍ أذْهَبَ للُبِّ الرَّجل الحازمِ مِنْ إحداكُنَّ، قُلنَ: وما نقصانُ عقلِنا ودينِنا يا رسولَ الله؟ قال: أَلْيسَ شَهادةُ المرأةِ مثلَ نصْفِ شهادةِ الرَّجُلِ؟ قُلنَ: بلى. قال: فذلك نقصانُ عَقْلِها، أليس إذا حاضتْ لم تُصلِّ ولَم تُصم؟ قلن: بلى. قال: فذلك مِنْ نقصانِ دِيْنِها»، متفق عليه.

والْحيْضُ دمُ طبيعي يعتادُ المرأةَ في أيَّامٍ معلومةٍ.

وإذا ظَهَرَ الحيضُ منها وهي صائمةٌ ولو قبلَ الغروبِ بلحْظَةٍ بَطلَ صومُ يومِها ولزِمَها قضاؤه إلاَّ أنْ يكون صومُها تطوُّعاً فقضاؤه تطوُّعٌ لا واجبٌ.

وإذا طهُرتْ من الحيضِ في أثناءِ رمضانَ لم يصحَّ صومُها بقيَّة اليومِ لوجودِ ما يُنافي الصيامَ في حقِّها في أولِّ النهارِ، وهل يَلزمُها الإِمْساك بقيَّة اليوم؟ فيه خلافٌ بين العلماء سبق ذِكْرُه في المسافر إذا قدِم مُفطِراً.

وإذا طهرتْ في الليل في رمضان ولو قبْل الفجرِ بلحظة وجب عليها الصومُ لأنها مِنْ أهلِ الصيام وليس فيها ما يمنعُه فوجبَ عليها الصيامُ، ويصحُّ صومُها حينئذٍ وإنْ لم تَغْتَسل إلاَّ بعد طلوعِ الفجر كالجُنبِ إذا صامَ ولم يغْتسِلْ إلاَّ بعدَ طلوعِ الْفجرِ فإنَّه يصحُّ صومُه لقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يصبحُ جُنُباً من جماعٍ غير احتلامٍ ثم يصومُ في رَمضانَ»، متفق عليه.

والنُّفسَاءُ كالحائضِ في جميع ما تقَدَّم.

ويجبُ عليها القضاءُ بعددِ الأيام التي فاتَتْها لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 184]. وسُئلت عائشةُ رضي الله عنها: ما بالُ الحائضِ تقضي الصومَ ولا تقضي الصلاة؟ قالتْ: «كان يصيبُنَا ذلك فنؤمرُ بقضاء الصومِ ولا نؤمرُ بقضاء الصلاة»، رواه مسلم.

® القسمُ التاسعُ:

المرأة إذا كانت مُرضعاً أو حاملاً وخافتْ على نفسِها أو على الولَد من الصَّوم فإنها تفطرُ لحديث أنسِ بن مالك الْكعِبي رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الله وضَع عن المسافر شطرَ الصلاة وعن المسافر والحامل والمرضع الصومَ أو الصيام»، أخرجه الخمسة، وهذا لفظ ابن ماجة. ويلزمُهَا القضاءُ بِعَدَدِ الأيامِ التي أفطرتْ حِينَ يتيسَّرُ لها ذلك ويزولُ عنها الخوفُ كالمريض إذا بَرِأ.

® القسمُ العاشرُ:

مَن احتاج للْفطرِ لِدفْعِ ضرورةِ غيرهِ كإِنقاذ معصومٍ مِنْ غرقٍ أوْ حريقٍ أو هدْمٍ أوْ نحو ذلك فإذا كان لا يمكنه إِنقَاذُه إلاَّ بالتَّقَوِّي عليه بالأكْل والشُّرب جاز له الفِطرُ، بل وَجبَ الفطرُ حِيْنئذٍ لأن إنقاذ المعصوم من الْهَلكَةِ واجبٌ، وما لا يَتمُّ الواجبُ إلاَّ به فهو واجبُ، ويلزمُه قضاءُ ما أفْطَرَه.

ومثلُ ذلك مَن احتاجَ إلى الْفِطرِ للتَّقَوِّي به على الْجهادِ في سبيل الله في قِتَاله الْعَدُوَّ فإنه يفْطر ويقضي ما أفطَر سواء كان ذلك في السفر أو في بلده إذا حضره العَدُوُّ لأنَّ في ذلك دفاعاً عن المسلمينَ وإعلاءً لكلمةٍ الله عزَّ وجَلَّ. وفي صحيح مسلمٍ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: سافَرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى مكةَ ونحنْ صيامٌ فنَزلْنا منْزلاً فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «إنكم قد دَنَوْتم مِنْ عدوِّكم والْفِطرُ أقْوى لكم» فكانتْ رخصةً فمِنَّا مَنْ صامَ ومنا مَنْ أفْطر، ثم نزلنا منزلاً آخرَ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «إنكم مُصَبِّحو عدوِّكم والفطرُ أقوى لكم فأفْطرِوا وكانتْ عزمْةً فأفْطَرنا». ففي هذا الحديث إيماءٌ إلى أن القوةَ على القتال سببٌ مُستقِلٌ غيرُ السفرِ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم جعل عِلَّةَ الأمْرِ بالفِطر القُوَّةَ على قتالِ العدُوِّ دونَ السفرِ ولذلِك لم يأمرهم بالفِطر في المنزَلِ الأوَّل.

وكُلُّ مَنْ جاز له الفطرُ بسببٍ مما تقَدَّم فإنَّه لا يُنكرُ عليه إعْلانُ فِطْرهِ إذا كان سبَبُه ظاهراً كالمريضِ والكبير الذي لا يستطيع الصومَ، وأمَّا إن كان سببُ فطره خفيَّاً كالحائِضِ ومَنْ أنقَذَ معصوماً من هلَكةٍ فإنه يُفطر سرَّاً ولا يعْلِنُ فِطْرَه لئلا يَجُرَّ التهمةَ إلى نَفْسِه ولئلاَّ يَغْتَرَّ به الجاهلُ فيظنُّ أنَّ الفطرَ جائزٌ بدون عُذْر.

وكُلُّ من لَزِمه القضاءُ من الأقسام السابقةِ فإنَّه يقْضِي بعددِ الأيامِ التي أفْطر لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }. فإنْ أفطَر جَميعَ الشهر لزمه جميعُ أيامه. فإن كان الشهر ثلاثين يوماً لزمه ثلاثون يوماً، وإن كان تسعةً وعشرينَ يوماً لزمه تسعةٌ وعشرونَ يوماً فَقْط.

والأوْلىَ المُبادَرَةُ بالْقضاءِ من حينِ زوالِ الْعذرِ لأنه أسبقُ إلى الخيرِ وأسْرَعُ في إبراءِ الذِّمَّةِ.

ويجوز تأخيرهُ إلى أن يكونَ بينهُ وبين رمضانَ الثاني بعددِ الأيامِ التي عليه لقولِه تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 184].

ومن تمام الْيُسرِ تأخير قضائِها. فإذا كان عليه عشرةُ أيامٍ من رمضان جاز تأخيرها إلى أن يكون بينه وبينَ رمضانَ الثاني عشرة أيامٍ.

ولا يجوز تأخيرُ القضاءِ إلى رمضانَ الثاني بدونِ عذرٍ لقولِ عائشة رضي الله عنها: «كان يكونُ عليَّ الصومُ من رمضانَ فما أسْتطيع أنْ أقضيه إلاَّ في شعبانَ»، رواه البخاري، ولأنَّ تأخيره إلى رمضانَ الثاني يُوْجبُ أنْ يتراكم عليه الصومُ وربَّمَا يعجزُ عنه أوْ يموتُ، ولأن الصومَ عبادةٌ متكرِّرةٌ فَلْم يَجُز تأخيرُ الأولَى إلى وقتِ الثانيةِ كالصلاةِ، فإن استَمرَّ به العذرُ حَتَّى ماتَ فلا شَيْءَ عليه لأن الله سبحانه أوجَبَ عليه عدَّةً من أيامٍ أُخَرَ ولم يتمكنْ منْها فسقطت عنه كمن مات قبلَ دخولِ شهر رمضانَ لا يلزمُه صومُه، فإن تمكَّن من القضاءِ فَفَرَّط فيه حتى مات صام وليُّهُ عنه جميعَ الأيامِ التي تمكَّنَ من قضائِها، لقوله صلى الله عليه وسلّم: «مَنْ ماتَ وعليه صيامٌ صامَ عنه وليُّه»، متفق عليه.

ووَلِيُّهُ وارِثُه أو قريبُه. ويجوز أنْ يصومَ عنه جماعةٌ بعددِ الأيامِ التي عليه في يوم واحدٍ، قال البخاري: قال الحسنُ: إن صامَ عنه ثلاثَونَ رجلاً يوماً واحداً جاز. فإن لم يكن له وليٌّ أو كان له وليٌّ لا يريدُ الصومَ عنه أُطعمَ مِنْ تركتِه عن كلِّ يومٍ مسكينٌ بعددِ الأيام التي تمكَّنَ من قضائِها؛ لِكُلِّ مسكينٍ مدُّ برٍّ وزنه بالبرِّ الجيِّد نصفُ كيلو وعشرةُ جرامات.

إخواني: هذه أقسامُ الناسِ في أحكام الصيامِ شرعَ الله فيها لكل قِسْمٍ ما يُناسِب الحالَ والمَقَام. فاعرِفوا حكمة ربِّكم في هذه الشَّرِيْعَة. واشكروا نعمتَهُ عليكم في تسهيلِهِ وتيْسيرِه. واسألوه الثَّباتَ على هذا الدِّينِ إلى الممات.

اللَّهُمَّ اغْفِر لنا ذنوباً حالتْ بيننا وبينَ ذِكْرِك. واعفُ عن تقصيرنا في طاعتِك وشُكْرك. وأدم علينا لُزُومَ الطريقِ إليَك. وهَبْ لنا نُوراً نهتدي به إليك. اللَّهُمَّ أذِقْنا حلاوةَ مناجاتِك. واسلكْ بنا سبيلَ أهْلِ مرضاتِك. اللَّهُمَّ أنْقِذْنا من دَرَكاتِنا، وأيْقظْنا من غفَلاتِنا، وألْهمنا رُشْدَنَا، وأحْسِنْ بكَرَمِك قصدَنا، اللَّهُمَّ احْشُرْنا في زُمْرةِ المُتَّقين، وألحقْنا بعبادِك الصالحِينَ. وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين.


الفاروق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 09-08-2011, 12:28 AM   #20
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 1,419
معدل تقييم المستوى: 39
الفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud ofالفاروق has much to be proud of
افتراضي

مجالس شهر رمضان
المجلس التاسع - في حِكَمِ الصِّيَام
محمد بن صالح العثيمين
الحمدُ للهِ مدبِر الليالي والأيام، ومصرف الشهور والأعوام، الملكِ القدُّوس السلام، المُتفرِّدِ بالعظمةِ والبقاءِ والدَّوام، المُتَنزِّهِ عن النقائصِ ومشابهَةِ الأنام، يَرَى ما في داخلِ العروقِ وبواطنِ العظام، ويسمع خَفِيَّ الصوتِ ولطيفَ الكلام، إِلهٌ رحيمٌ كثيرُ الإِنعَام، ورَبٌ قديرٌ شديدُ الانتقام، قدَّر الأمورَ فأجْراها على أحسنِ نظام، وشَرَع الشرائعَ فأحْكمَها أيَّما إحْكام، بقدرته تهبُّ الرياحُ ويسير الْغمام، وبحكمته ورحمته تتعاقب الليالِي والأيَّام، أحمدُهُ على جليلِ الصفاتِ وجميل الإِنعام، وأشكرُه شكرَ منْ طلب المزيدَ وَرَام، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله الَّذِي لا تحيطُ به العقولُ والأوهام، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أفضَلُ الأنام، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ السابق إلى الإِسلام، وعلى عمَرَ الَّذِي إذا رآه الشيطانُ هَام، وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ بمالِه جيشَ العُسْرةِ وأقام، وعلى عليٍّ الْبَحْرِ الخِضَمِّ والأسَدِ الضِّرْغَام، وعلى سائر آلِهِ وأصحابِه والتابعين لهم بإِحسانٍ على الدوام، وسلَّم تسليماً.

عبادَ الله: اعلموا رحمكم اللهُ أنَّ الله سبحانَه لَهُ الحكمُ التام والحكمة البالغة فيما خَلَقه وفيما شَرَعه، فهُوَ الحكِيمُ في خَلقِهِ وفي شرْعِهِ، لم يَخلقْ عبادَه لَعِباً، ولمْ يتركهم سُدىً، ولم يَشْرعْ لهم الشرائع [9] في حكـــم الصـــــيامعَبثاً، بل خلقهم لأمرٍ عظيمٍ، وهيَّأهمْ لِخطبٍ جَسيمْ، وبيَّن لهم الصراطَ المستقيم، وشرعَ لهم الشرائعَ يزداد بها إيمانهم، وتكمُلُ بها عبادتُهم، فما من عبادة شرعها الله لعباده إلا لحكمةٍ بالغة، علِمَها مَنْ علِمَها وجهِلهَا منْ جهِلهَا، وليس جهْلُنا بحكمَة شَيْءٍ من العباداتِ دليلاً على أنه لا حكمَة لها، بل هو دليلٌ على عجزنا وقصورنا عن إدراك حكمة الله سبحانَه لقوله تعالى: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإِسراء: 85].

وقد شَرعَ اللهُ العباداتِ ونظَّمَ المعاملاتِ ابتلاءً وامتحاناً لعبادِهِ ليَتبيَّن بذلك منْ كان عابداً لمَوْلاَهُ ممَّن كان عابداً لِهواه، فَمنْ تقبَّلَ هذه الشرائعَ وتلكَ النظم بصدرِ منشَرحٍ ونفس مطمئنة فهو عابدً لمـولاه، راضٍ بشريعتِـه، مُقدِّمٌ لطاعةِ ربِّه على هوى نفْسِه، ومن كان لا يقْبلُ من العباداتِ، ولا يتبعُ من النُّظُم إلا مَا ناسَبَ رغبتَه ووافقَ مـرَادَه فهو عابدٌ لهواه، ساخطٌ لشريعة الله، مُعرضٌ عن طاعـةِ ربِّه، جعلَ هواه متْبُوعاً لا تابعاً، وأراد أنْ يكونَ شرع الله تابعاً لرغبتِـه مع قصورِ علْمِه وقلَّةِ حكمته قال الله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَـوَتُ وَالاَْرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَـهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } [المؤمنـون: 71]. ومـن حكمـة الله سبحانه أن جَعَل العباداتِ مُتنوِّعةً ليتمحَّصَ القُبولُ والرِّضى، ولِيمحِّصَ الله الذينَ آمنوا. فإنَّ منَ الناسِ منْ قد يَرضى بنَوْع مِنَ العباداتِ ويلتزم به، ويسخطُ نوعاً آخر ويفرِّطُ فيه فجعل اللهُ من العبادات ما يتَعَلَّقُ بعمَلِ البدَنِ كالصلاةِ، ومنها ما يتعلقُ ببذْلِ المالِ المحبوب إلى النفسِ كالزكاةِ، ومنها ما يتعلقُ بعملِ البدنِ وبذلِ المال جميعاً كالحج والجهادِ، ومنها ما يتعلقُ بكفِّ النَّفْسِ عن محبوباتها ومُشْتَهَيَاتها كالصيام. فإذا قام العبد بهذه العبادات المتنوعة وأكْمَلها على الوجهِ المطلوب منه دون سخطٍ أو تفريطٍ فتعب وعملَ وبذَلَ ما كان محبوباً إليه وكفَّ عما تشتهيه نفْسُه طاعةً لربِّه وامتثالاً لأمْرِهِ ورضاً بشرعِهِ كان ذلك دليلاً على كمالِ عُبوديته وتمام انْقيادِه ومَحبَّتِهِ لربِّه وتعظيمِه له فَتحقَّقَ فيه وصفُ العُبوديَّة لله ربِّ العالمِين.

إذا تبينَ ذلك فإنَّ للصيامِ حِكَماً كثيرةً استوجبتْ أنْ يكونَ فريضةً من فرائِض الإِسلامِ وركناً منْ أركانِه.

فمنْ حِكَمِ الصيام أنَّه عبادةٌ لله تعالى يَتَقَرَّبُ العبدُ فيها إلى ربِّه بتْركِ محبوباتِه ومُشْتَهَياتِه منْ طعام وشرابٍ ونِكاح، فيظْهرُ بذلك صدقُ إيْمانِه وكمالُ عبوديتِه لله وقوةُ مَحَبَّته له ورجائِه ما عنده. فإنَّ الإِنسانَ لا يتركُ محبوباً له إلاَّ لمَا هو أعْظَمُ عنده مِنه. ولما عَلِمَ المؤمنُ أن رضَا الله في الصِّيام بترك شهواته المجبول على محبَّتِها قدَّمَ رضَا مولاه على هواه فَتَركها أشدَّ ما يكونُ شوقاً إليها لأنَّ لذتَه وراحةَ نفْسِهِ في تْركِ ذلك لله عزَّ وَجلَّ، ولذلك كان كثيرٌ من المؤمنين لو ضُربَ أو حُبسَ على أن يُفْطر يوماً من رمضانَ بدونِ عُذْرٍ لم يُفطِرْ. وهذه الحكمةُ من أبلغ حِكمِ الصيامِ وأعظمِها.

ومنْ حِكَمِ الصيام أنه سببٌ للتَّقْوى كما قال سبحانه وتعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183]. فإنَّ الصَّائِمَ مأمُورٌ بفعل الطاعاتِ واجتناب المعاصي كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «منْ لَم يَدعْ قول الزورِ والعملَ به والجَهلَ فليس لله حاجةٌ في أنَّ يَدعَ طعامَه وشرابَه»، رواه البخاري. وإذا كان الصائمُ متلبساً بالصيامِ فإنَّه كلَّما همَّ بمعصيةٍ تَذكَّر أنَّه صائمٌ فامتَنعَ عنها. ولهذا أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الصائمَ أنْ يقولَ لمَنْ سابَّه أو شاتَمَه: إنِي امْرؤٌ صائمٌ، تَنْبيهاً له على أنَّ الصائمَ مأمورٌ بالإِمساك عن السَّبِّ والشَّتْمِ، وتذكيراً لنفْسِه بأنه متلبسٌ بالصيام فيمتنعُ عن المُقابَلةِ بالسبِّ والشتم.

ومن حِكَم الصيامِ أن القلب يتخلَّى للفِكْرِ والذِّكْرِ، لأنَّ تَناوُلَ الشهواتِ يستوجبُ الْغَفْلَةَ ورُبَّما يُقَسِّى القلبَ ويُعْمى عن الحقِّ، ولذلك أرشَدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى التخفيفِ من الطَّعامِ والشراب، فقال صلى الله عليه وسلّم: «مَا مَلأ ابنُ آدمَ وِعَاءٍ شرّاً من بطنٍ، بحَسْبِ ابن آدمَ لُقيْماتٌ يُقمن صُلْبَه، فإِن كان لا مَحالَةَ فَثُلثٌ لطعامِه وثلثٌ لشرابه وثلثٌ لنفسِهِ» رواه أحمد والنسائيُّ وابن ماجة.

وفي صحيح مُسْلمٍ أنَّ حْنَظلَة الأسُيديِّ ـ وكان منْ كتَّاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم ـ قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم: نَافَق حنظلةُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «وما ذَاك؟» قال: يا رسولَ الله نكونُ عندك تُذكِّرُنا بالنارِ والجنةِ حتى كأنَّا رأيُ عينٍ فإذَا خَرجنا من عندك عافسْنَا الأزْواجَ والأولادَ والضَّيعاتِ فَنسِيْنا كثيراً. (الحديث) وفيه: «ولكن يا حنظلةُ ساعةً وساعة» ثلاث مرات. وقال أبو سليمان الداراني: إن النفسَ إذا جاعت وعطِشَت صَفَا القلب وَرَقَّ وإذا شبِعت عميَ القلب.

ومنْ حِكَمِ الصيامِ أنَّ الغنيَّ يَعرفُ به قدْرَ نعمةِ الله عليه بالغِنَى حيثُ أنعمَ الله تعالى عليه بالطعامِ والشرابِ والنكاح وقد حُرِمَهَا كثيرٌ من الْخلْق فَيَحْمَد الله على هذه النِعمةِ ويشكُرُه على هذا التَّيسيرِ، ويذكرُ بذلك أخَاه الفقيرَ الذي ربَّما يبيتُ طاوياً جائِعاً فيجودُ عليه بالصَّدَقةِ يكْسُو بها عورتَه ويسُدُّ بها جَوعتَه. ولذلك كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أجْوَدَ الناسِ وكان أجْودَ ما يكونُ في رمضان حين يلقاه جبريلُ فيُدارِسُه القرآنَ.

ومن حِكَمِ الصيامِ التَّمرُّنُ على ضَبْطِ النَّفْسِ، والسَّيْطرةُ عليها، والْقوَّةُ على الإِمساكِ بزِمَامِهَا حتى يتمكنَ من التحكم فيها ويقودَها إلى ما فيه خيرُها وسعادتها، فإنَّ النَّفس أمَّارةٌ بالسوءِ إلاما رَحِمَ ربي، فإذا أطلقَ المرءُ لنَفْسِهِ عنَانها أوقعتْهُ في المهالك وإذا ملَكَ أمْرَها وسيْطر عليها تمكَّنَ من قيادتِها إلى أعلى المراتب وأسْنَى المَطَالب.

ومن حِكَمِ الصيام كسْرُ النفْس والحدُّ من كِبريائِها حتى تخضعَ للحق وتَلِيْنَ للخَلْق، فإنَّ الشَبعَ والرِّيَّ ومباشرةَ النساءِ يَحمِلُ كلٌ منها على الأشَرِ والْبَطرِ والعُلوِّ والتكبُّر على الخَلْقِ وعن الحقِّ. وذلك أنَّ النفسَ عند احتياجِها لهذه الأمورِ تشغلُ بتحصيلِها فإذا تَمكَّنتْ منها رأتْ أنَّها ظَفِرتْ بمطلوبها فيحصلُ لها من الفَرحِ المذمومِ والبطرِ ما يكونُ سبباً لِهلاكها، والمَعْصومُ مَنْ عَصَمَه الله تعالى.

ومن حِكَمِ الصيامِ أنَّ مجارِيَ الدَّم تضيقُ بسببِ الجوع والعطشِ فتضيقُ مَجارِي الشيطانِ من الْبَدنِ فإنَّ الشيطانَ يَجْري مِن ابن آدَمَ مجْرَى الدم، كما ثبت ذلك في الصحيحين عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم، فتسْكُنُ بالصيامِ وَسَاوسُ الشيطانِ، وتنكسرُ سَورةُ الشهوةِ والغضبِ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «يا مَعْشَر الشباب مَن استطاع منكم الْبَاءةَ فلْيتزوجْ فإنَّه أغَضُّ للبَصر وأحْصَنُ لِلفَرْجِ، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصومِ فإنه له وِجاءُ»، متفق عليه. فجعل الصوم وجاء لشهوة النكاح وكسراً لحدتها.

ومنْ حِكَمِ الصيامِ ما يترتَّبُ عليه من الفَوائدِ الصِّحِّيَّةِ الَّتي تحصل بتقليل الطعامِ وإراحَةِ جهازِ الهضْم لمدةٍ معينةٍ وترسُّبِ بعضِ الرطوباتِ والفضلات الضَّارَّةِ بالجسْمِ وغير ذلك. فما أعظمَ حكمةَ الله وأبلَغَها، وما أنفعَ شرائعَه للخلق وأصلحَهَا.

اللَّهُمَّ فقِّهْنا في ديِنك وألهمنا معرفةَ أسرارِ شريعتِك. وأصْلحِ لنا شُؤون ديننَا ودنيانا، واغْفِرْ لنا ولوالِدِينا ولجميع المسلمينَ برحمتكَ يا أرحمَ الراحمين وصلى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبه أجمعين.
الفاروق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

ترتيب منتديات قبيلة آل حبه عالميا
 

الساعة الآن 10:57 PM


Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009
الأرشيف
تصميم المنافع لتقنية المعلومات