يحدِّثنا تاريخ الخلفاء والصحابة رضي الله عنهم عن زهدهم في متعلّقات الدنيا، حتى أنهم بذلوا للدعوة وتعليم الناس وإقالة العثرات وإعداد الرسل وتجهيز الغزوات كل ما يملكون، فمنهم من حضرتْه الصلاة ولم يجد ما يستر به نفسه، ومنهم من قضى شهيداً ولم يطل ثوبه قامته، ويبشِّرهم الله على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم بالجنة وعوضها بما لا عين رأت ولا أذن سمعت،.. ومنهم من لا يجد ما يحمل نفسه عليه سبقته دموعه حسرة وحزناً،.. فالزُّهد شيمة المتقين يعلمون أنّ الدنيا بنعيمها غرور، تُشغل المرء عن أمور آخرته، فهي داعية للمزيد، محرضة على التفكير فيه، باسطة بين عيني المقبل عليها فتونها وفنونها، تشغلهم عن رسالتهم، وتبعدهم عن نقاء منهلهم وموردهم، لذا كان الأتقياء يهربون منها، كلما جاءتهم من نافذة فرّوا عنها من أوسع الأبواب، صدقات جارية، وكفالات حانية، وقروضاً مثمرة، عملاً للبناء حيث لا تفنى دور ولا تختلط أمور، حيث الصدور مفرغة من الحسد، والقلوب متآلفة على التمتع بنتائج حصادها الذي وظفت له دنياها الفانية لعمار جنتها الخالدة، برحمة الله ومزيد عطائه، وكرم عوضه..
للتفاصيل أضغط هنا ...