من زاوية نفسية.. كيف تقيمين ظاهرة العنف ضد النساء؟
ـ يعد العنف ضد النساء من أكثر أشكال العنف انتشاراً، ويمس حياة ملايين من النساء في كل أنحاء العالم، بغض النظرعن أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية، وعن مستواهن التعليمي، ويتجاوز انتشار هذه الظاهرة اختلاف الثقافات والأديان، ويؤثر بشكل كبير على حق المرأة في المشاركة بشكل فعال في تطور مجتمعها.
وكان ينظر لظاهرة العنف ضد المرأة من قبل الحكومات على أنها قضية خاصة وشخصية بين الأفراد وليس كمشكلة عامة خاصة بحقوق الإنسان تتطلب تدخلاً من مؤسسات الدولة.
ولم يتم الاعتراف بخطورة هذه الظاهرة عالمياً إلا في وقت متأخر، وتحديداً في ديسمبر (كانون الأول) 1993 عندما تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة.
أشكال العنف:
• ما هي أشكال وصور العنف ضد المرأة؟
ـ يمكن القول ان العنف ضد المرأة يتخذ الأشكال التالية: أولا، العنف الجسدي، الجنسي أو النفسي، الذي يحدث ضمن محيط الأسرة والذي يشمل الضرب من قبل الزوج، والاستغلال الجنسي من المحارم والأقارب للبنات الصغار، أو المراهقات، والاستغلال الجنسي من قبل الزوج، وعادات تقليدية مؤذية للمرأة كالختان، والعنف المرتبط بالاستغلال الذي تكون ضحيته العاملات الأجنبيات، والاستغلال الاقتصادي من قبل الزوج «كالاستحواذ على راتب الزوجة العاملة بالكامل وحرمانها من حق التصرف به».
ثانيا، العنف الجسدي، الجنسي والمعنوي، الذي يحدث ضمن البيئة المجتمعية خارج الأسرة، والذي يمكن أن يشمل الاغتصاب، والاستغلال الجنسي، والتحرش الجنسي، والاستغلال في محيط العمل.
ثالثا، العنف الجسدي، الجنسي أو النفسي، الذي يمكن أن يمارس من قبل الدول وخصوصاً في أوقات الحروب واستغلال النساء في ذلك. وقد يؤدي أي شكل من أشكال العنف التي ذكرتها إلى صدمات نفسية شديدة، وإعاقات جسدية، أو حتى إلى الموت في بعض الأحيان.
الأسباب:
• ما الذي يفسر العنف ضد المرأه؟
ـ ليس هناك سبب واحد يمكن أن يفسر هذه الظاهرة، وعلى الأرجح فإن التفاعل بين مجموعة من العوامل البيولوجية والتطوريه النفسية، والاجتماعية هو الذي يؤدي إلى السلوك العنيف. وبالرغم من كثير من الدراسات التي تبحث في العامل البيولوجي فإن العامل النفسي والاجتماعي يبدو عاملاً قوياً.
العنف هو سلوك. وكما يحدث مع أي سلوك فإن الإنسان يمكن أن يتعلمه ويتم التعلم بعدة طرق تشمل التعليمات المباشرة من قبل المحيطين بالشخص أو بواسطة النموذج، وهذا النموذج يمكن أن يكون في العائلة كالإبن الذي يرى والده وهو يضرب ويستغل والدته ولكن يمكن أن يتم التعلم أيضاً من خلال البيئة، الأصدقاء، المدرسة، التلفزيون، صورة البطل وغيرها.
كما أن الشخص يحافط على السلوك من خلال نتائج هذا السلوك وهذا الجانب مهم جداً في هذا الصدد، فعندما يحصل الشخص الممارس للعنف على ما يريد من خلال السلوك العنيف، أي أن الضحية تخضع لإرادته، فمن المرجح أن يكرر ذلك السلوك.
• وماذا عن المجتمع؟
ـ للأسف، المجتمع يعمل على ترسيخ رسائل معينة خاصة بالعلاقات، والسلطة والسيطرة، والتعبير عن العصبية والعنف يعبر عنها بشكل قوي جداً في مجتمع كمجتمعنا وتساهم في تعليم سلوك العنف.
فالرجل يتوقع منه أن يكون منافساً ومسيطراً ومنتصراً دائماً. والمجتمع يشجع تلك النزعة التنافسية ويتقبل استغلال الآخر. والطريقة السائدة في التعبير عن الغضب المتوقعة من الرجل هي العنف سواء كان معنوياً أو جسدياً. وتشجع على استخدام ذلك العنف للمحافظة على سيطرته على الآخرين