الإهداءات


العودة   منتديات آل حبه > منتـــــديات آل حبه العامــــة > المنتدى العام

المنتدى العام طرح كافة المواضيع العامة والتي لا تندرج تحت اي قسم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-03-2014, 12:08 PM   #906
المنتدى العام
 
الصورة الرمزية طيف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 6,200
معدل تقييم المستوى: 79
طيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of light

اوسمتي

افتراضي رد: موضوع المليون

الحلم والغضب
د. عثمان قدري مكانسي

هو من أشرف الأخلاق، وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العِرض وراحة الجسد، واكتساب الحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من حَلَم ساد، ومن تفهّم ازداد".
وروى محمد بن الحارث الهلالي أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا محمد، إني أتيتك بمكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة.... "خذ العفو، وامر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين" الأعراف (199).
وروى سفيان بن عيينة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية قال: "يا جبريل، ما هذا؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالِمَ. ثم عاد جبريل وقال: يا محمد: إن ربك يأمرك:
أ - أن تصل من قطعك - ب- وتعطي من حرمك، ج- وتعفو عمن ظلمك".
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حاثّاً على الحلم مشجعاً عليه:
"أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم (وهو برثن بن الحارث) كان إذا خرج من منزله قال: اللهم إني تصدّقت بعرضي على عبادك".
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن مكانة الحليم عند ربه فقال:
"إنّ الله يحب الحليم الحيي، ويبغض الفاحش البذيّ".
والحديث جملتان متزنتان موزونتان لن تجد مثلهما في توضيح المراد وقوة السداد.
وقال علي رضي الله عنه في نصرة الحليم: "أول عِوض الحليم عن حلمه أنّ الناس أنصاره.
وقال بعض البلغاء: ما ذبَّ عن الأعراض كالصفح والإعراض.
وقال أديب أريب: من غرس شجرة الحلم اجتنى ثمرة السلم.
ولله درُّ الشاعر إذ قال:

أحبُّ مـكارمَ الأخلاق جَهدي *** وأكـره أن أَعـيب وأن أُعابا
وأصفح عن سِباب الناس حِلماً *** وشرُّ اللناس من يهوى السبابا
ومـن هـاب الرجـال تهيّبوه *** ومـن حقّر الرجالَ فلن يُهابا
وقال الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين:
وحدُّ الحلم ضبط النفس عند هيجان الغضب، وهذا يكون عن باعث وسبب، وأسباب الحلم الباعثة على ضبط النفس عشرة:
أولها: الرحمة للجاهلين، وذلك من خيرٍ يوافق رقة، والمطلوب رحمة الناس، والأوكد من جهل منهم حتى يعلم.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه لرجل أسمعه كلاماً:
" يا هذا لا تغرقنَّ في سبنا، ودع للصلح موضعاً، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله عزّ وجلّ فيه.
وشتم رجل الشعبي فقال:
إن كنتُ كما قلتَ فغفر الله لي، وإن لم أكن كما قلتَ فغفر الله لك.
واغتاظت عائشة رضي الله عنها من خادم لها، ثم رجعت إلى نفسها فقالت: "لله درُّ التقوى، ما أعظمها. وتناست..
واشترى رجل من أهل دمشق قطيفة فلم تعجبه، فحلف ليضربنَّ بها رأس الأمير معاوية، فأتاه وأخبره بما حلف، فقال معاوية الحليم: "أوفِ بنذرك وليرفقِ الشيخُ بالشيخ.
ثانيها: القدرة على الانتصار وهذا ناتج عن سعة الصدر والثقة بالنفس، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"وإذا قدرتَ على عدوّك فاجعل العفو شكراً للقدرة عليه.
وقال حكيم فأصاب: ليس من الكرم عقوبة من لا يمتنع من سطوتك.
وقال أحد البلغاء درّة من الدرر، أحسنُ المكارم:
أ - عفو المقتدر، ب- وَجودُ المفتقر.
ثالثها: الترفّع عن مجاراة المخطئ، وهذا يدل على شرف النفس، وعلو الهمة، فقد قالت الحكماء: شرف النفس أن تحمل المكاره كما تحمل المكارم.
وقد قيل: إن الله تعالى سمى يحيى عليه السلام سيداً لحلمه.
ولله در الشاعر الذكي حين قال معبراً عن الفكرة خير تعبير:

لا يبلغ المجد أقوامٌ وإن كرُموا *** حتى يَذلوا –وإن عزّوا- لأقوام
ويُشتَموا فترى الألوان مسفرةً *** لا صفـحَ ذلٍّ ولكنْ صفحَ أحلام
رابعها: الاستهانة بالمسيء لا عن كبر وإعجاب بالنفس، إنما هو نأي عن منافس لا يساويك قدراً.
حكي عن مصعب بن الزبير أنه لما ولي العراق جلس يوماً لعطاء الجند وأمر مناديه أين عمرو بن جرموز –وهو الذي قتل أباه الزبير- فقيل له: أيها الأمير إنه قد تباعد في الأرض، فقال: أو يظنّ الجاهل أني أقيده بأبي عبد الله، فليظهر آمناً ليأخذ عطاءه وافراً، لكن البعض عدَّ ذلك مستحسن الكبر.
- وقال أحدهم في المعنى ذاته:

أو كلما طنَّ الذباب طردتُه *** إنّ الذباب إذاً عليَّ كريمُ
وأكثرَ رجلٌ من سبّ الأحنف –وهذا سارت الركبان بذكر حلمه- وهو لا يجيبه، فقال: والله ما منعه من جوابي إلا هواني عليه.
ومثله ابن هبيرة فقد أسمعه رجل ما ساءه، فأعرض عنه، فقال الرجل له: إياك أعني. فقال ابن هبيرة: وعنك أُعرض.
وقال الشاعر عمرو بن علي أبياته المشهورة:

إذا نطق السفيه فـلا تجبه *** فخـير مـن إجابته السكوتُ
سكتُّ عن السفيه فظنّ أني *** عييت عن الجواب وما عييتُ
خامسها: الاستحياء من جزاء الجواب، وهذا من صيانة النفس، وكمال المروءة.
قال أحد الحكماء موضحاً هذا: احتمال السفيه خير من التحلي بصورته، والإغضاء عن الجاهل خير من مشاكلته.
وقال بعض الأدباء: ما أفحشَ حليمٌ، ولا أوحشَ كريم.
أما لقيط بن زرارة الشاعر فقد أعلن أنه لا يحب الفحش ولا يجاري فيه أصحابه.

وقل لبني سعد فمالي وما لكم *** ترقّون مني ما استطعت وأُعتِقُ
أغـرَّكمو أنـي بأحسن شيمة *** بصيرٌ، وأنـي بالفواحش أطرق
وإن تك قـد ساببتني فقهرتني *** هنيئاً، مريئاً، أنت بالفحش أحذَقُ
سادسها: التفضّل على المسيء وتآلفه، واستيعابه.
وقصة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي أعطاه الرسول فلم يرض لزعمه أنه قليل فغضب الصحابة منه لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه إلى بيته وأجزل له حتى رضي وأمره أن يعلن أمام الصحابة أنه رضي، وقرّت عينه فبعد أن قال: ما أوفيت وما أجزيت قال: لقد أجزيت وأوفيت فجزاك الله من كريم خيراً، فكان قوله صلى الله عليه وسلم سبباً في دخول الأعرابي الإسلام.
وهذا الإسكندر قيل له: إن فلاناً وفلاناً ينقصانك ويثلبانك فلو عاقبتهما. فقال: هما بعد العقوبة أعذر في تنقصي وثلبي، فكان هذا تفضلاً منه وتآلفاً.

وقد حكي عن الأحنف ابن قيس أنه قال: ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره ثلاث خصال:
أ – إن كان أعلى مني عرفتُ له قدره.
ب – وإن كان دوني رفعتُ قدري عنه.
جـ - وإن كان نظيري تفضلت عليه.
وأخذه الخليل فنظمه شعراً وأحسنَ فقال:

سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب *** وإن كثُـرتْ منه إلـيَّ الجرائمُ
فـما الـناس إلا واحـد من ثلاثة *** شريف ومشروف ومثـل مقاوم
فـأما الـذي فـوقي فأعرف قدره *** وأتـبع فـيه الحقّ والحقُّ لازم
وأمـا الـذي دوني فـأحـلم دائباً *** أصون به عرضي وإن لام لائم
وأمـا الـذي مثلي فإن زلّ أو هفا *** تفضّلتُ، إن الفضل بالفخر حاكم
سابعها: قطع دابر الخصام، وهذا من الحزم.فقد حكي أن رجلاً قال لضرار بن القعقاع، والله لو قلتَ واحدةً لسمعت عشراً، فقال ضرار: والله لو قلتَ عشراً ما سمعتَ واحدة.
قال أحمد الحكماء: في إعراضك صونُ أعراضك، ولله درّه من حكيم!
وقال أحد الشعراء:
قل ما بدا لك من زور ومن كذب *** حِلمي أصمُّ، وأذني غيرُ صماء
وسأل علي رضي الله عنه عامرَ بن مرّة الزهري:
- من أحمقُ الناس؟
قال: مَنْ ظنَّ أنه أعقلُ الناس.
قال: صدقتَ، فمَنْ أعقلُ الناس؟
قال: من لم يتجاوز الصمتَ في عقوبة الجهال.
وقال هذا المعنى أحد الشعراء:

وفي الحلم ردعٌ للسفيه عن الأذى *** وفي الخَرق إغراء فلا تك أخرقا
فتـندمَ إذا لا ينفـَعَنْـكَ ندامـةٌ *** كما ندم المغبون لما تـفـرّقـا
ثامنها: الخوف من العقوبة على الجواب، وهذا من ضعف النفس، لا من الحلم. وربما أوجبه الرأيُ، واقتضاه الحزم.
وقد قيل: الحلم حجاب الآفات. والرفق في التعامل مع الأخرق حلم ونجاة.
تاسعها: الرعاية ليدٍ سالفة، وحرمة لازمة، وهذا من الوفاء، وحُسنِ العهد، وكمال المروءة، وقد قيل: أكرمُ الشِّيَم أرعاها للذمم. وقد قال الشاعر فأحسن:

إن الوفاء على الكريم فريضـة *** واللؤم مقرون بذي الإخـلاف
وترى الكريم لمن يعاشر منصفاً *** وترى اللئيم مجانب الإنصاف
وقال غيره فأجاد:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَه *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمرَّدا
عاشرها: المكر وتوقُّع الفرص الخفيّة، وهذا من المكر والدهاء. وقد قيل: من ظهر غضبه، قلَّ كيدُه.
وقال أحد الحكماء: غضب الجاهل في قوله، وغضب العاقل في فعله.
وقال أحدهم: إذا سكتَّ عن اللئيم ضيَّعتَ عليه فرصته.
قال أحد الشعراء:

ولَلْكفُّ عن شتم اللئيم تكرّماً *** أضرُّ له من شتمه حين يُشتَمُ
وعلى الرغم من أن الحلم فضل كله إلا أنَّ بعض ما ذكر يدخل في باب الذلِّ ولئن كان تملُّكُ النفس أن تغضب وأن تهيج حسناً إن عدم الغضب حين يسمع الإنسان ما يُغضب، يعتبر من ذل النفس وقلّة الحميّة، وقد قالت الحكماء:
ثلاثة لا يُعرفون إلا في ثلاثة مواطن:
أ – لا يُعرف الجواد إلا في العسرة
ب – ولا يعرف الشجاع إلا في الحرب
ج – ولا يعرف الحليم إلا في الغضب
قال أحد الشعراء:

ليست الأحلام في حال الرضا *** إنما الأحلام في حال الغضب
وقال شاعر آخر:
مَنْ يدّعِ الحِلم أغضِبْه لتعرفه *** لا يُعرف الحِلْمُ إلا ساعة الغضب
ولعلَّ من المقبول أن يجتمع في قوم ذوو أحلام وجهال، فقد يكمل بعضهم بعضاً، وقد أنشد النابغة الجعدي أمام النبي صلى الله عليه وسلم:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له *** بوادرُ تحمي صفْوَه أن يُكدَّرا
ولا خيرَ في جهل إذا لم يكن له *** حليم إذا ما أوردَ الأمرَ أصدرا
فلم ينكر صلى الله عليه وسلم قوله عليه.
ومن فقد الغضب في الأشياء المغضِبة حتى استوى حالتاه قبل الإغضاب وبعده، فقد عدم من فضائل النفس الشجاعة، والأنفة والحميّة والغيرة والأخذ بالثأر لأنها خصال مركبة من الغضب، فإذا عدمها الإنسان هان بها، ولم يكن لباقي فضائله في النفوس موضع، ولا لوفور حلمه في القلوب موقع.
قال المنصور: إذا كان الحلم مفسدة كان العفو مَعْجَزَة
وقال أحدهم: العفو يفسد من اللئيم بقدْر إصلاحه من الكريم.
وقال عمرو بن العاص: أكرموا سفهاءكم فإنهم يقونكم العار والشنار، واتفق معه مصعب بن الزبير حين قال: ما قلَّ سفهاءُ قوم إذا ذلّوا.
وفي هذا قال أبو تمام الطائي:

والحربُ تركب رأسها في مشهدٍ *** عَدْلُ السفيه به بألف حليم
وليس هذا القول إغراءً بالغضب والانقياد إليه، بل دعوة إلى التوازن بين الحلم والغضب على أن يكون الحلم قائداً وله المبادرة. قال الشاعر:
إذا أنت جاريتَ السفيه كما جرى *** فأنت سفيه مثله غيرُ ذي حلم
ولا تعضبَنْ عرض السفيه وداره *** بحِلم، فإن أعيا عليك فبالصرم
فيرجوك تارات ويخشاك تـارة *** ويأخذ فيما بين ذلك بالحـزم
فإن لم تجد بدّاً من الجهل فاستعن *** عليه بجهّال فذاك من العـزم
ومن عَزَب عنه الحلم فاتقاد لغضبه ضلَّ عنه وجه الصواب فيه، وضعف رأيه عن خبرة أسبابه ودواعيه حتى يصير بليد الرأي، ضعيف الفهم، مقطوع الحجة، قليل الحيلة، وقد يكون صاحب حقٍّ فيضيعه بغضبه مع ما يناله من أثر الغضب في جسمه ونفسه حتى يصير أضرَّ عليه مما غضب له. وقد قال أحد الحكماء: مَنْ كثر شططه، كثر غلطه.
وروي أن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه:
- ما الذي يباعدني من غضب الله عزّ وجل؟ قال: أن لا تغضب.
وروي أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حسن الخلق وكرر السؤال، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تغضب وكرر الجواب.
قال أحد الأدباء: مَنْ ردَّ غضبَه هدَّ مَنْ أغضبه.
فينبغي لذي اللب السويّ، والحزم القويّ أن يتلقى قوّة الغضب بحلمه فيصدّها، ويقابل عوادي شرته بحزمه فيردّها، ليحظى بانجلاء الحَيرَة ويسعد بحميد العاقبة.
قال أحد الأدباء: في إغضائك راحة لأعضائك.
الفرق بين الحزن والغضب:
قال الماوردي: (سبب الغضب هجوم ما تكرهه النفس ممن دونها، وسبب الحزن هجوم ما تكرهه النفس ممن فوقها).
(والغضب يتحرك من داخل الجسد إلى خارجه، والحزن يتحرك من خارج الجسد إلى داخله)
(وبذلك قتل الحزن صاحبه لكمونه، ولم يقتل الغضب صاحبه لبروزه).
(فنتجَ عن الحزن المرض والأسقام فأفضى إلى الموت. ونتج عن الغضب السطوة والانتقام فأفضى إلى التهديد والثأر)
فهذا فرق ما بين الغضب والحزن.

بعض ما يسكِّن الغضب:
إن لتسكين الغضب إذا هجم أسباباً يستعان بها منها:
أولاً: أن يذكر اللهَ عزّ وجل، فيدعوه ذلك إلى الخوف منه ثم إلى الطاعة، ثم إلى الأدب، ثم يستغفر الله تعالى فيزول الغضب، قال الله تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت} قال عكرمة: يعني إذا غضبت.
وقال الله تعالى: {وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} ومعنى قوله: ينزغنّك: أي يغضبنّك فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم: يسمع بجهل مَن جَهِل، ويعلم بما يذهب عنك الغضب.
وذكر أن في التوراة: يا ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب، فلا أمحقك فيمن أمحق.
وحكي أن بعض الحكماء قال: من ذكر قدرة الله لم يستعمل قدرته في ظلم العباد.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارحموا من في الأرض يرحمكم مَنْ في السماء".
وقال أحد المذنبين لهارون الرشيد: يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك، وبالذي هو أقدر على عقابك منك على عقابي لما عفوت عني، فعفا عنه لما ذكر قدرة الله تعالى.
وروى البيهقي عن أنس رضي الله عنه: أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القسوة، فقال: "أطّلع في القبور، واعتبر بالنّشور".
وعلى هذا قال الفاروق عمر رضي الله: من أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير.
ثانياً: أن ينتقل عن الحالة التي هو فيها إلى حالة غيرها فيزول عنه الغضب.
وهذا ما فعله معاوية حين غضب وهو يخطب فنزل وتوضأ ثم عاد وأخبر أنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الغضب نار تطفئه الماء..
وكذلك فعل المأمون حين شعر بالغضب أو بدرت منه بادرة الحدّة والانفعال. وقالت الفرس: إذا غضب القائم فليجلس، وإذا غضب الجالس فليقم.
ثالثاً: أن يتذكر ما يؤول إليه الغضب من الندم، ومذمّة الانتقام، فقد كتب أبرويز إلى ابنه شيرويه: إن كلمة منك تسفك دماً، وأخرى تحقن دماً، وإن نفاذ أمرك مع كلامك، فاحترس في غضبك أن تخطئ، ومن لونك أن يتغير، ومن جسدك أن يرتجف، فإن الملوك تعاقب قدرة، وتعفو حلماً.
ولله در القائل: الغضب على من لا تملك عجز، وعلى من تملك لؤم.
وقال أحد البلغاء: إنَّ غضباً يعقبه اعتذار، عجز وسفه.
وقد قلت ناصحاً:

لا تـغضبـنَّ وتعـتذرْ *** لـكـنْ تَحَـلّمْ وادّكـِرْ
غضبٌ يؤول إلى اعتذا *** ر منك ضعف فافتكـرْ
رابعاً: أن يتنبّه الغاضب سريعاً إلى ثواب العفو، وحسن الصفح، فيقهر نفسه رغبة في الجزاء والثواب، وحذراً من استحقاق الذمّ والعقاب.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
ينادي مناد يوم القيامة، مَنْ له أجر على الله عزّ وجل فليقم، فيقوم العافون عن الناس، ثم تلا: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله".
وقال رجاء بن حَيَوَة لعبد الملك بن مروان حين انتصر على بعض الثائرين:
إن الله قد أعطاك ما تحب من الظفر، فأعط الله ما يحب من العفو.
وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "الخير ثلاث خصال، فمن كنَّ فيه فقد استكمل الإيمان: أ – من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.
ب – وإذا غضب لم يخرجه غضبه من حق.
ج – وإذا قدر عفا.
وأسمع رجل عمر بن عبد العزيز كلاماً، فقال عمر: أردتَ أن يستفزني الشيطان لعزة السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً، انصرف رحمك الله.
خامساً: أن يذكر حب الناس له إن لم يغضب، فيرغب في تأليفهم وثنائهم عليه وعلى هذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: "ما ازداد أحد بعفوٍ إلا عزاً" وقال: "إنّ الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف، ومالا يعطي على ما سواه".
وقد مدح صلى الله عليه وسلم أشجَّ عبد القيس حين قال له: "إنَّ فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة".
وتأمّل معي رحمك الله هذه الآية الرائعة: "ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" وهاتين الآيتين الدالتين على مغانم الحلم والبعد عن الغضب. "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم، وما يلقّاها إلا الذين صبروا، وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم".
أما الآية التي هم أمُّ الباب، وخلاصته فقوله تعالى: "خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين".
وقال أحد البلغاء: ليس من عادة الكرام سرعةُ الانتقام، ولا من شروط الكرم إزالةُ النعم.

__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
طيف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 19-03-2014, 12:20 PM   #907
منتديات ال حبه الادبية
 
الصورة الرمزية مون لايت
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 4,404
معدل تقييم المستوى: 100
مون لايت has a spectacular aura aboutمون لايت has a spectacular aura aboutمون لايت has a spectacular aura about

اوسمتي

افتراضي رد: موضوع المليون

العقل
ليس الإنسان كأيٍ من المخلوقات يهيمُ في الأرض كما تهيم ، لكنه مميز عنها بأن منحه الله العقل الذي يفرق فيه بين الصواب و الخطأ و بين النافع و الضار و يعرف به ما يريده و ما لا يريده .
هذا العقل متى ما استغله الإنسان استغلالا حسناً جيداً آتى ثماره المنتظرة منه ، و عندما يُهملْه فلا يكون لإنسان أيةُ ميزة به .
هناك أربعة أشياء أساسية تعين على استغلال العقل الاستغلال الجيد ، و ربما يكون تحت مظلة كل منها فروع و تفاصيل .
الأول :
القيمة .
العقل الإنساني له قيمة كبيرة في التمييز بين الأشياء ، و له قيمته في كونه جوهر منزلة الإنسان بين المخلوقات ، و لعله يكون هو الإنسان لا ذاك الجسد اللحمي ، ففي الحيـوانـات من هو شبيه بالإنسان لكنه دون عقل ، فالعقل هو القيمة الحقيقية للإنسان .
إذا عرف الإنسان قيمة العقل بقوة و وضوح ، و كان واثقاً منه تفتح له تلك المعرفة آفاقاً من :
الثاني :
قدرات العقل .
ليس للعقل حد ينتهي إليه ، بالنسبة للجنس البشري ، فقدرات الذكاء و الإبداع تفوق الحدَّ و الوصف في التركيبة العقلية . و لا يعرف قدرات العقل إلا من آمن بأن لعقله قيمة و مكانة ، و تغيب تلك القدرات حين يستهين الإنسان بقدرات عقله فيكون مهمَلاً لا قيمة له أصلا ، لأن قيمة العقل بإظهار قُدراته .
و عندما نعرف قُدرات العقل و إمكاناته يقودنا ذلك إلى :
الثالث :
وظيفة العقل .
وظيفة العقل في الإبداع و الاختراع ، يستطيع العقل ذلك متى ما حرّكه الإنسان و أحسن تحريكه ، و سار به على قوانين الإبداع .
العالم يحتاج إلى أشياء كثيرة العقل كفيل بأن يخترعها لما فيه من القوة الخارقة ، و نتساءل أين من يوظف العقل في الإبداع و الاختراع ؟!
إذا أتقن الإنسان وظيفةَ العقل ، و بلغها بجدارة ، فإنه من الواجبِ أن يقوم بـ :
الرابع : توظيف الوظيفة .
في كل ما فيه منفعة للبشر عامة و لصاحبه خاصة ، هنا تكمن قيمته ، و يُستفاد من قدراته ، لأنه ما خُلق إلا ليكون نافعاً ، و لا منفعة إلا بحُسن توظيفه في المنافع العامة التي تشمل جوانب الحياة .
من يستخدم وظائف الإبداع العقلية في إفساد الحياة لم يوظف الوظيفة العقلية توظيفاً صحيحا ، بل ليته لم يعرف شيئاً .

الخلاصة من هذا كله هي :

المنظومة الرائعة للعقل هي أن نعرف قيمته لندرك قُدراته حتى نظهر وظيفته فنوظف الوظائف في الجمال الحياتي .
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
مون لايت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 30-03-2014, 04:23 PM   #908
 
الصورة الرمزية عاشق الاحزان
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
المشاركات: 958
معدل تقييم المستوى: 21
عاشق الاحزان will become famous soon enough
افتراضي رد: موضوع المليون

مقوله

اذا اجتمع في قلبك امران لاتدري ايهما اصوب،
فانظر ايهما اقرب الى هواك فخالفه، فان الصواب اقرب الى مخالفه الهوى

عتيبه بن ابي سفيان
عاشق الاحزان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 03-04-2014, 05:21 AM   #909
منتديات ال حبه التقنية
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 9,076
معدل تقييم المستوى: 100
الفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud ofالفيصل has much to be proud of

اوسمتي

افتراضي رد: موضوع المليون

أحب الصالحين ولست منهم ** لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ** ولو كنا سواء في البضاعة
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الفيصل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 11-04-2014, 02:34 AM   #910
 
الصورة الرمزية ابو نايف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الشرقيه
المشاركات: 44,381
معدل تقييم المستوى: 100
ابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond reputeابو نايف has a reputation beyond repute
افتراضي رد: موضوع المليون

سلامة الصدر..طريق إلى الجنة
لقد وصف الله أهل الجنة وأصحاب النعيم المقيم في الآخرة
بأنهم مبرئون من كل حقد وغل،
وإذا حدث وأصابهم شيءٌ منها في الدنيا فإنهم يُطهرون منها عند دخولهم الجنة:
(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) [الأعراف:43].
ولهذا رأينا مَن يُبَشَّرُ بالجنة من بين أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم لسلامة صدره،
ففي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
"كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة،
فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علَّق نعليه بيده الشمال،
فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك،
فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى،
فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً،
فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول،
فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو،
فقال: إني لاحيت أبي فأقسمتُ أني لا أدخل عليه ثلاثاً،
فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت،
قال: نعم، قال أنس: فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي
فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعارَّ تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل،
وكبر حتى لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا،
فلما مضت الثلاث الليالي وكدت أن أحتقر علمه
قلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضبٌ ولا هجرةٌ، ولكن سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات:
يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث المرات،
فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك،
فلم أرك عملت كبير عملٍ، فما الذي بلغ بك
ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: ما هو إلا ما رأيت،
فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجدُ في نفسي
لأحد من المسلمين
غِشًّا ولا أحسدُ أحداً على خير أعطاه الله إياه،
فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك".
فيا أخي الحبيب طالع هذه الكلمات المباركات التي سطرها بعض العلماء:
ليس أروح للمرء ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب،
مُبرَّأ من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمةً تنساق لأحدٍ رضيَ بها،
وأحسَّ فضل الله فيها، وفقرَ عبادهِ إليها،
وإذا رأى أذى يلحق أحداً من خلق الله رَثَى له،
ورجا الله أن يفرج ويغفر ذنبه، وبذلك يحيا المسلم ناصع الصفحة،
راضياً عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى
__________________
ابو نايف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
126, 180, 200, 2009, 203, 466, 592, أما, أماكن, لأنه, مات, مافي, مافيه, مخلوق, آخر, لسحب, مشكل, مشكلات, أنه, موضوع, أكثر, المليون, اللي, الليل, الجاهل, الس, الع, الغلا, العا, العالم, الو, النا, الناس, الود, الط, الطير, center, اتعب, احس, اين, اصر, اهل, اهلا, انا, تمر, بال, بالليل, تحد, تعب, بــ, بـــ, بــــ, بني, gif, ياشعر, داعي, يبقى, حروف, يعرف, يعرفون, يفتح, يفتحون, حـــــب, دون, يقول, يكن, رياح, سحب, شعر, شــ, شكل, شكلا, على, عار, عارف, فتح, فيه, ــب, ـــ, ــــ, ــــا, ــــب, ــــــ, ـــو, ــه, ــن, فون, فقط, إلى, هام, هدم, هدوء, هنا, هناك, ولا, ولي, وليس, ناس, واست, وان, وانا, وبه, نيته, وحروف, وصل, وهناك, طير, قلوبهم, قول, كان, كثر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

ترتيب منتديات قبيلة آل حبه عالميا
 

الساعة الآن 09:38 AM


Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009
الأرشيف
تصميم المنافع لتقنية المعلومات