وفي وُجوهِ الكلابِ طُول ....!!!

نيشيكاوا والكلب!


قبل أربعة أعوام جمعني وشابين سعوديين وأمريكياً مصعد في جامعة ويبر الحكومية بمدينة أوجدن، في ولاية يوتاه الأمريكية.
كاد المصعد ينهمر دموعا تعاطفا مع الأمريكي الذي انهال عليه أحد السعوديين المراهقين تهكما بلغة عربية.
كان السعودي يهزأ من لحية الأشقر وبنطلونه. يسخر من شعره وأنفه مستغلا عدم فهمه لما يقول.
وخلال محاولتنا إيقاف قصف مواطننا فوجئنا بالأمريكي يلتفت نحونا مبتسماً، ووجهه يفيض سلاما، ويقول لنا بلغة عربية هادئة 'ليس كل أشقر لا يجيد العربية.
أنا من أصل سوري. أنا مصدوم مما قال رفيقكما، لكن ماذا عساي أن أقول؟'.

وفي أمريكا أيضا، أذكر أنني ونحو 15 طالبا أجنبيا تكدسنا في شقة زميل ياباني، ودار بيننا حوار طويل حول العادات والتقاليد المختلفة في كل بلد، وسألنا مضيفنا (نيشيكاوا) قبل أن ننصرف من شقته أن نلقي قصيدة بلغتنا الأم.
وقد تبرع أحد الزملاء السعوديين بإلقاء قصيدة نيابة عنا نحن معشر الطلاب العرب في تلك الشقة، حيث كان يبلغ عددنا وقتئذ 5 من السعودية، والإمارات، ومصر.

وقد ارتجل صاحبنا بتصرف البيت الأول لقصيدة ابن الرومي التي هجا فيه حاجب الوزير:

وَجهُك يا نيشيكاوا، فيهِ طولُ... وفي وُجوهِ الكلابِ طُول

وحينما سأل نيشيكاوا صاحبنا عن معنى القصيدة أجابه بأنها تعني أن وجهك فيه ضوء لا يضاهيه سوى ضوء الشمس!

وقبل أن نفرغ من تقريع صاحبنا على اختياره وسلوكه اتصل به نيشيكاوا، الذي أدرك معنى البيت الحقيقي عن طريق أحد الزملاء، معبرا عن غضبه الهائل الذي طالنا أجمعين، حيث عاهد نفسه ألا يصادق عربيا طوال حياته بسبب قصيدة ابن الرومي التي رماها صاحبنا في وجهه.

الموقفان السابقان يعكسان وجود خلل في سلوكياتنا. هذا السلوك الذي لم ندرسه ولم نتعلمه. هذا السلوك الذي جعلنا نرتكب حماقات لا تغتفر.

في دول العالم شرقها وغربها ووسطها يتعلمون السلوكيات أو ( قود مانرز ورايت كوندكت ) ابتداء من الصف الأول حتى التاسع وفي مرحلة الثانوية يدرسون قيم التعلم ( فاليوز إديوكيشن ) وفي الجامعة الأخلاق ( الإثيكس ) بينما نتجاهلها نحن.
سألني صديق سنغافوري سمع بقصة ابن جلدتنا مع نيشيكاوا 'ألم تدرسوا ( قود مانرز ) في مدارسكم؟
ما قام به زميلكم حتى ولو كان على سبيل الدعابة سلوك غير مقبول خاصة أنه كذب في معنى القصيدة'.

الإجابة المرة أننا لم ندرس هذه الأبجديات ولا نألفها.
لا أنسى الإحراجات التي تعرضت لها في بداية انتقالي للدراسة في أمريكا. فكان النادل والسائق والمعلم والسباك يتعاملون معي كطفل، فكلما أسدوا لي خدمة أو طلبت منهم شيئا ونسيت أن ابتسم وأن أشكرهم كما ينبغي رددوا على مسامعي العبارة الشهيرة: ماذا عن الكلمات السحرية ( وات أباوت ذا ماجيك ووردز )؟
ويقصدون بها: شكرا، أنا ممتن، من فضلك، أرجوك وغيرها.

هذه الكلمات لم تدخل قاموسنا إلا مؤخراً، لم تدخل إلا بعد أن بلغنا من العمر عتيا، وأرسينا قواعد هشة لعلاقاتنا مع الآخرين.

يجزم لي الطبيب محمد السليماني الذي يعمل في مستشفى خاص أنه يستطيع أن يكتشف الطفل السعودي ولو من بين مئة طفل يلعبون في فناء كبير بسبب سلوكياتهم وليس بسبب هيئتهم' ربما أطفالنا يشبهون الأطفال الهنود والسوريين والمصريين لكن يختلفون عنهم في سلوكياتهم.
يتعاملون مع الممرضات كالخدم. يضربونهن ويرفعون أصواتهم عليهن'.

سألت مهندس بترول هولندياً تعرفت عليه خلال زيارة قام بها للسعودية استغرقت شهرين عن أبرز ما استوقفه خلال فترة وجوده بيننا فقال 'تعاملكم مع السائقين.
شاهدت فتى يافعا ربما يبلغ عمره عشر سنوات يركل السائق بإلحاح. لفتني كهل يصرخ في وجه سائقه. أعتقد أن لديكم مشكلة '..

سيتفاقم الشعور السلبي تجاهنا إذا استمررنا في إهمال تقويم سلوكياتنا وعدم تدريس أدبياتها باكراً، سينصرف نيشيكاوا ورفاقه عنا وسنبقى وحيدين، معزولين نردد قصائدنا الخوالي ونتهكم على بعضنا البعض!


*عبدالله المغلوث
*كاتب سعودي

'طبعا لاتعليق سوى أن ندعوا الله أن يكشف عنا السوء.....وأن يحمينا...!!!!

اتفق مع الكاتب ان هناك مايسمى بالنظره الفوقيه لدى الشعب السعودي ولكنها بدأت تنحصر ولا يتعاطها اليوم الا القليل وكان بودي ان يخفف الكاتب لهجته ويقول ان النماذج المذكره قليله فالخادم مثلا يأكل ويشرب ويلبس على حساب كفيله في كثير من الحالات في شعبنا السعودي صحيح النقد مطلوب ولكن ابراز الصور المشرقه امر واجب خدمه للدين ثم للوطن أرجو منك تتبع مقالات الاخ الكاتب فمعرفه توجهه الكاتب من المعطيات في فهم المقال









ن

للاسف الشديد نحن في المجتمع الخليجي لا نمتلك فن التعامل حتى مع اقرب الناس الينا
ففاقد الشيء لا يعطيه
تجد الولد يتعامل مع ابيه بتمرد وعصيان لماذا لعل السبب في الاب نفسه فهو يسدد دينا قديما
الطالب في المدرسة لا يتعامل بالحسنى الا مع المعلم المباشر له لحاجته اليه وحينما ينتقل الى مرحلة او صف آخر يبدأ التعامل يتحول من الجميل الى النكران
نحن لم نتعلم في مدارسنا فن التعامل مع الاخرين رغم ان ذلك موجود في ديننا وحثنا عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
تعلمنا في مدارسنا ان الكافر لاتجوز مجالسته و الاكل معه او مصافحته بل يجب الاعراض عنه ولو وبخناه لا غرابة في ذلك
تعلمنا في المراحل الجامعية حشوا من المعلومات ولم نجد البشاشة في وجوه اساتذتنا رغم انهم الى الله اقرب
لكن الدين سلوك قبل كل شيء
تعاملنا مع العمال كأننا نتعامل مع العبيد
يتواجه السعودي مع الاخر وجها لوجه ولا يسلم احدهم على الاخر
كل ينتظر ان يبدأ الاخر بالسلام فان سلم علي والا فلا داع للسلام عليه
ولا نسلم على صاحب المحل الا اذا كنا نحتاج الى شيء منه
اصبحت ثقافتنا في التعامل معدومة فينبغي ان نتعامل مع الغير ولو لم يكن مسلما باللين والصفح والثناء والشكر
فرسول الله صلى الله عليه وسلم : سلم على اليهودي وصافحه واكل معه وايتاع منه وعفى عن المشركين
اليس لنا في رسول الله اسوة حسنة ؟

فليس هناك انقى واصفى من نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد تعامل مع المشركين بتواضع ......... اذهبوا فأنتم الطلقاء بعدما رأى من قومه اشد العذاب

لاحظ انني لا ادعو الى موالاة الكفار ومعاونتهم على المسلمين او تفضيلهم على المسلمين

ولكن ندعو الى اخلاق دعى اليها الشرع قال تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى)