شكرا لك عزيزي على موضوعك الهادف
إن مما يقرب بين القلوب ويذهب الأحقاد والضغائن: العتاب بين الأحبة بالحسنى وباللفظ اللطيف؛ولذلك فقد مدح قوم العتاب فقالوا: العتاب حدائق المتحابين ، ودليل على بقاء المودة.
وقال بعض أهل الأدب: العتاب خير من الحقد، ولا يكون العتاب إلا على زلة.
فالذي يحمل في قلبه على اصدقائه إنما يجمع الأحقاد ويكثرها، فإذا عاتب صاحبه تبين له ما كان ملتبسا بشبهة، واتضح له ما كان يحتمل أكثر من معنى؛ومن أجل ذلك قال القائل:
وفي العتاب حياة بين أقـوام
وهو المحك لذي لبس وإيهام
ويحسن بالمرء إذا أراد أن يعاتب صاحبه أن يجعل له طريقا إلى الرجوع والمعاودة؛ وذلك عن طريق التماس العذر؛ فلا يغلق عليه الأبواب بعتاب غليظ جاف ثم يريد منه أن يعتذر منه.
ألم تر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه المتخلفون عن غزوة تبوك يعتذرون عن تخلفهم أخذ بظاهرهم وقبل اعتذارهم ووكل سريرتهم إلى الله تعالى.
فإذا كان هذا في حكم شرعي وكبيرة من الكبائر فكيف بالأمور المستحبة أو المباحات؟
قال بعض أهل العلم: " إذا رأيت من أخيك أمراً تكرهه أو خلةً لا تحبها فلا تقطعْ حبله، ولا تصرم وده، ولكن داو جُرحَه، واستر عورتَه، وابقه، وابرأ من عمله
إذا كنت في كـل الأمور معاتبـاً
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبــه
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه
مقارف ذنب مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت وأي الناس تصفـو مشاربه
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرؤ نبلا أن تعد معايبه