تقضي أوقاتا كثيرة من يومك في المنزل منسدحا، الانسداح يتهيأ لك في كل مكان، حتى في العمل تريد أن تنسدح في السيارة تريد أن تنسدح لكنك لا تنسدح إلا في منزلكم.
لا تحب الاستحمام و”تتعايز” عن تمشيط شعرك، لا تستحم إلا عندما يبدأ الهرش وشعرك يبقى “كشة” حتى يفشلك أحدهم ويعرض عليك إقراضك خمس دراهم لتذهب للحلاق وإذا كنت فتاة أن “يعقصكِ” بالمجان.
تشعر برغبة بالبكاء طول الوقت، وأي كلمة يمكن أن تستفز دموعك، يعني “صباح الخير” تغرورق لها عيناك، “علوم الشغل؟” تغرورق لها عيناك، “وين أيامك؟” يمكن أن تذرف معها شلال. وغالبا لا تستطيع البكاء إلا بالتنقيط.
كل الأشياء التي كانت تبهجك تصبح عادية، يعني بالعربي الفصيح تتبلد مشاعرك، الابتسامات على الوجوه تثير جنونك، تريد الجميع واجما وعابسا مثلك، وكل من يضحك خلال مرورك بحالة الاكتئاب تقول عنه في نفسك سخيف وعبيط وأهبل.
لا يكون لديك شغلة إلا تذكر كل ما يحزن، كل الذين فقدتهم، كل الذين تشتاق لهم، المواد التي كرهتها والتي رسبت فيها، الأستاذة الذين اضطهدت من قبلهم، المرات التي وقعت فيها أيام الطفولة ولم يسم عليك أحد، الليالي التي قضيتها مريضا ولم تسهر عليك والدتك لأنها كانت سهرانة على شقيقك الرضيع، كل الفشل والسقطات والاحباطات التي مررت بها في الحياة وعندما تحاول تذكر شيء جميل في حياتك، يرد عليك إبليس: وين تبا؟ إنت أصلا معجون بالحزن عجنا، ولا شفت يوم سعيد في حياتك!
تستغفر ولكن ليس من قلبك لأن قلبك مكتئب وحاب يلعب دور الضحية ولهذا لا تتجاوب مع الاستغفار، لسانك يتحرك وعقلك يفكر في دراما وقلبك مشغول في تراجيديا من تأليفك وإخراجك.
لو كان الأمر بيدك كنت ستقدم على إجازة وياحبذا لو كانت مرضية لأنك تشعر بأنك مريض وعليل وأيامك في الدنيا معدودة لكنك تذهب للعمل لأنه المكان الوحيد الذي تخرج اليه مجبرا فباقي الساعات ستكون في المنزل وستقضى كما قلنا سابقا في الانسداح.
شهيتك حسب وزنك، إذا كنت فوق الثمانين كيلو فأنت ممن تنفتح شهيتهم مع الاكتئاب، تأكل وتأكل ظنا منك أن الأكل يذهب الاكتئاب لكنك تأكل ثم تكتئب لأن الأشياء التي تأكلها مسبب رئيسي للاكتئاب. أما إذا كنت تحت الستين فأنت ممن يفقدون شهيتهم عندما يكتئبون، تتقلص الوجبات إلى وجبة، وتكون وجبة غير صحية في كل الأحوال وتشعر بالدوار والغثيان ولهذا تنسدح، أثبتت الدراسات أن الأقل وزنا هم الأكثر انسداحا لأن الأكثر وزنا في حالات الاكتئاب يحتاجون للنهوض للأكل. بالنسبة للإناث الوضع يكون أكثر من ستين وأقل من خمسين.
طبعا إن كنت كاتبا، تصبح جميع الأشياء التي تكتبها سوداوية مثلما هي أفكارك تماما، تنحذف كلمات جمال وحب وزهور وتغريد وابتسامة وفرح وسعادة من قاموسك ويحل محلها ضياع، هجر، قسوة، وحدة، ألم، وجع، انكسار، احتراق، انهزام، انفطار… إلخ والآن وبعد أن عرضنا أبرز 9 أعراض للاكتئاب، ننصحك عزيزي المكتئب بأن تترك الانسداح وتأخذ حماما دافئا وتسرح شعرك الجميل وتلبس لونا زاهيا مفرحا، وتصلي ركعتين شكر وحمد لله، وتمسك بمسباح وتستغفر بيقين، عسى الله أن يفرج عنك.