يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم : ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78)
فلماذا كلما قرأنا آية في القرآن وجدنا أن الله سبحانه وتعالى يقدم السمع على البصر ؟ هذا إعجاز في القرآن الكريم .
إن من يفقد بصره يعيش في ظلام دامس ، أما من يفقد سمعه فالمصيبة أهون ، كما أن البصر يحتاج الى النور حتى يرى ، أما السمع فوظيفته تعمل في الليل والنهار في الظلام وفي النور .
كما أن السمع هو أول من يؤدي وظيفته في الدنيا ، فالطفل في ساعة الولادة يسمع ولا يرى ، فالسمع هو الذي يؤدي مهمته أولا ، فإذا اقتربنا من طفل حديث الولادة وأصدرنا أصواتا مزعجة بجانبه قد ينزعج ويبكي ، لكن إذا اقربنا منه ولوحنا له بيدينا فإنه لا يتحرك ولا يشعر بالخطر.
وإذا نام الإنسان نامت كل أعضائه معه وسكن جسمه إلا حاسة السمع تبقى متيقظة ، فإذا اقتربنا بيدنا من الشخص النائم فلن يشعر بوجودنا ، لكن إذا أردنا إيقاظه أصدرنا ضجيجا فيقوم من نومه فزعا .
كما أن الأذن هي الصلة بين الإنسان والدنيا ، ولذلك قال الله تعالى (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) [الكهف: 11]، فعندما تعطل السمع استطاعوا النوم مئات السنين .
كما نلاحظ دائما أن كلمة السمع تأتي مفردة وكلمة الأبصار مجموعة ، قال تعالى : ( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ). (22- فصلت)
ذلك أن البصر حاسة يتحكم بها الإنسان ، فيرى ما يشاء ويزيح بنظره عما يشاء ، فأنا أستطيع أن أبصر وأن لا أبصر ، أن أرى وأن أغمض عيني ، أما حاسة السمع فتفرض عليك سماع ما يجري من حولك .
فإذا اجتمع مجموعة من الأشخاص في مكان ما ، اختلفت النظرات الموجهة فكل شخص ينظر باتجاه معين ، لكن جميعهم يستمعون لنفس الأصوات المحيطة بهم
فالأبصار تختلف وتتعدد ولكن السمع واحد.