مشكلة الإخوان المسلمين أنهم يقولون ما لا يفعلون كما أن تاريخهم خير شاهد على الفشل الذريع بكل ما تحمله الكلمة من معنى وفي الوقت الذي يلومون السلفيين على تعصبهم وجمودهم على مذهب إبن تيمية تراهم يتعصبون لأقوال الإمام البنا رحمه الله وبلغ بهم الهوس إلى أن عدوه صحابيا متأخرا والواقع أنه هناك بون واسع بين منهج الرجل وما يطرحه الإخوان اليوم من رؤى وتصورات في التغيير الإجتماعي فمن المسلم به أن البنا رحمه الله كان لايؤمن بالعمل الحزبي وكان يعتبر جماعته أكبر من أن تنحصر في حزب سياسي مثلما كان الرجل ضد فكرة الثورة والإنقلابات العسكرية ولاننسى في هذا المقام سعي الإخوان الحثيث للهيمنة على السلطة في مصر مباشرة بعد الثورة والأمور لم تستقر بعد ودون مرعاة للظروف الإقليمة ولبقايا فلول النظام المتجذرين في السلطة وما حولها ودون أن يعقدوا تحالفات قوية مع التيارات الوطنية بل طاش بهم الغرور وحاولوا أن يستأثروا لوحدهم بالسلطة وفجأة قرروا المنافسة على أعلى هرم في السلطة و زجوا بأنفسهم في مستنقع الإنتخابات الرئاسية بعد أن كانوا يتظاهرون بالزهد فيها كما أنهم ركبوا أدمغتهم كعادتعهم لما جمع لهم الناس وخرجت الجماهير الحانقة عليهم بل ولم يسمعوا حتى لصيحات النصح والتحذير من أقرب المقربين إليهم والمشفقين عليهم فكان أن أجهضوا المشروع الإسلامي وأجهزوا علي الألاف من الشباب المتحمس برعونتهم وحمقهم كالعادة بل الغريب في الأمر أنهم مافتؤا يكررون نفس الأخطاء على مدار تاريخهم الأسود وكأنما لم يستلهموا الدروس من ثورة الضباط الأحرار و تجربة النظام الخاص وغيرها من المحطات ولسنا ندري حقيقة قيادة هذه الجماعة التي تقودها دوما إلى المواجهة أو بالأحرى إلى حتفها ثم تغدوا تبكي على الأطلال وتفتخر بقوافل الشهداء ثم ماذا يمنع مفكري هذه الجماعة العجوز أن يعقدوا مؤتمرا تقييما شاملا لمنهجهم و يوسعون صدورهم لبعض المخلصين من العلماء والخبراء ولو من خارج جماعتهم فيسدون لهم النصح ويصدقونهم القول ولكننا نعلم يقينا من خلال متابعتنا لمسار الإخوان أن عقلية الإستعلاء والولاء الحزبي التي تطبع الكثير من إطاراتها فضلا عن روح التقديس التي تحوم حول المؤسس كل هذا يحول دون أي مشروع للنقد والتصحيح كما أن القيادة التي سبقتها الأحداث أصيبت بنوع من الشيخوخة الفكرية التي تجعلها تتوجس خيفة من أي مشروع للتغير الداخلي وكان الأولى بها أن نحقن في جسم الجماعة المنهك دماءا جديدة لتبعث فيه الروح والحيوية من جديد وهناك تساؤلات كثيرة تسوقف الباحث في تاريخ الجماعة التي بلغت سن متقدما (85سنة) ولن نستطيع في هذا المقام أن نسلط الضوء على جميع الزوايا المظلمة في تاريخها ولكننا نحاول التعريج على بعض النقاط البارزة والجديرة بالإنتباه فخذ مثلا منصب المرشد العام لماذا لا يكون من خارج مصر وهل هو وراثي أو حكر على القدماء من الدعاة الذين تجاوزوا سن السبعين ولاشك أنه من المعلوم أن الإنسان إذا بلغ هذا السن يفتقد إلى القوة العقلية والبدنية التي تسمح له بقيادة جماعة بهذا الحجم هذا من جهة ومن جهة أخرى نلاحظ لاسيما في الثلاثين سنة الأخيرة نزيف بشري حاد أصاب جماعة الإخوان في الصميم حتى صار الإطارات والدعاة يغادرونها بالجملة غير آسفين عليها بعد أن أصبحت بمثابة المكبح الذي يحول دون انطلاق الشباب وتفجيرهم لقدراتهم وطاقاتهم وهذا الذي نتحدث عنه ليس سرا ولسنا هنا لنكيل التهم للناس هكذا جزافا بل لقد صرح به قبلنا الكثير من أبناء الجماعة أنفسهم ممن تركها وانزوى إلى جهة أخرى بعد أن اقتنع بأنها صارت بمثابة العقبة التي تمنعه من الانطلاق والتحليق في سماء الدعوة الإسلامية