عرض مشاركة واحدة
قديم 15-04-2014, 02:09 PM   #458
المنتدى العام
 
الصورة الرمزية طيف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 6,200
معدل تقييم المستوى: 79
طيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of lightطيف is a glorious beacon of light

اوسمتي

افتراضي رد: خذآخر كلمة ..وابدأ بها موضوعك

كل الناس لديها تصوراتها الخاصة حول الجنة والنار، البعض يعتقد بعدم وجود حياة أخرى تتسع لهما والبعض الآخر يؤمن بوجود حياة أخرى وإن كانوا يختلفون فيما بينهم في تكييفها وتحديدها وتوقيتها.. فهل تبدأ الحياة الأخرى بعد الموت مباشرة أم في القبر أم بعد موت الناس أجمعين؟
كثير من المسلمين يخافون الخوض في نقاشات كهذه لئلا يقعوا في الحرام إن هم تجاوزوا المسموح من الكلام إلى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ورغم ذلك أي مسلم قارئ للقرآن وسامع للحديث سيكون له تصور -و إن كان بسيطا- حول الجنة والحياة الأخرى. فنحن متأكدون مثلاً بأن المسلم تُزرع له نخلة في جنته إن ذكر الله قائلا: سبحان الله العظيم وبحمده، ولكننا لا نعرف شكل النخلة ولا لونها ولا طعم رطب تلك النخلة السماوية التي زرعتها كلمة.
ونحن متأكدون أن من يدخل الجنة من الصائمين سيدخل من باب عظيم اسمه باب الريان، وسيذوق ويستمتع بأنهار خمر ولبن وعسل، ولكننا لا نعرف حجم باب الريان ولا شكله، ولا طعم الأنهار أو لونها، نعرف بأن الفائزين بالجنة تنتظرهم كنوز وثمار وحور عين، ولكننا لا نعرف كنه الأشياء في الجنة ولا نستطيع تصورها، وإن تصورناها سيكون تصوراً ضيقاً لأن الفكرة أكبر منا جميعا.
وهذا يأخذني إلى القصة التي تنسب للشيخ الدكتور علي الطنطاوي، حيث قيل: إن شابا سأله عن الجنة قائلا بأنه مؤمن بها -كفكرة- لكنه لا يستطيع تصورها.
طلب منه الشيخ بعد الاستماع إليه أن يتخيل توأمان لا يزالان في رحم أمهما، ثم سأله: لو فرضنا وقلت لهم عن حياة أخرى تنتظرهم في عالم فسيح غير عالمهم، واسع، ومليء بالقصور والطعام اللذيذ والأسرة الواسعة، هل كانوا ليصدقونك؟ بل هل كانوا ليتركوا عالمهم «المريح» في نظرهم من أجل ذلك العالم؟
الجواب هو أنه برغم ظلمة وضيق عالمهم إلا أنهم سيختارونه في غمضة عين على عالم يرونه خياليا؛ لأنه لم يروه ولا يمكنهم تصوره. سيتشبثون بعالمهم، حتى يخرج التوأم الأول من الرحم، بعدها سيحمد ربه أنه خرج من ذاك العالم الضيق إلى هذا العالم الأفضل، وسيتأسف التوأم الباقي في الرحم على أخيه الذي خرج من عالمهم الآمن والدافئ الذي ألفاه.
يكتب ميتش ألبوم تصورا من تصورات الجنة في روايته «الأشخاص الخمسة الذين تقابلهم في الجنة»، والتي تدور حول رجل يموت ليجد نفسه في الجنة يقابل خمسة أشخاص ليتعلم خمسة دروس يفهم من خلالها حياته السابقة والتي أوصلته إلى الجنة.
حمى الكاتب نفسه من الوقوع في فخ عميق بعدما كتب في مقدمة الكتاب بأن للكل اعتقاداتهم وتصوراتهم الخاصة حول الجنة والحياة الأخرى والتي قد تنبع عن أديان أو مذاهب، وأن ما ذكر في الرواية هو تصور مثل باقي التصورات، ليس بالضروري أن تقنع المرء المهم أن يشعر بها وأن تلمسه الدروس التي تتدفق على لسان شخصيات الرواية، فمهما اختلفت التصورات حول الجنة، تبقى دروس هذه الحياة والتي تصل بنا إلى الحياة الأخرى، واحدة.
لماذا نحب؟ وبمن نضحي؟ ومتى نتشجع؟ ومتى نخاف؟ كلها أسئلة نجاوب عليها باختياراتنا في الحياة، والتي تصبح في النهاية دروس، قد نطالعها في نهاية الرحلة متمنين تغيير أمر أو حجب شيء أو إكمال طريق، ولكنها تبقى دروس أصغر من الدرس الأخير، وهو أننا عندما اخترنا حياتنا في الدنيا، اخترنا معها حياتنا في الآخرة.
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
طيف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس