27-10-2009, 06:33 PM
|
#1
|
تاريخ التسجيل: Jul 2008
الدولة: الرياض
المشاركات: 10,079
معدل تقييم المستوى: 116
|
أكباد مقطعة
أكباد مقطعة
هادي الفقيه
عاش المواطن البسيط في هذه البلاد منذ توحيدها على سهولة العيش وثقافة البحث عن القوت اليومي بالطرق الشرعية والشريفة، والمشاركة في أنشطة المجتمع والتفاعل مع كل ما حوله، وعلى الرغم من التطور في جسد هذا المجتمع إلا أنه بقي ينمو في هدوء دون فوضى تضج مضجعه.
ومع دخول البلاد دائرة التأثير على الشباب وظهور الحركات المتطرفة تغيرت حياة الإنسان السعودي واكتشف في غفلة من الزمن أن من تربوا في بيوتهم على خوف الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجدوا من يصطاد في عاطفتهم الدينية ليحولوهم إلى قنابل بشرية.
إن المتابع للمشهد السعودي اليوم يلحظ الخوف والترقب في كل بيت من أن يكتشف الأب في لحظة اختفاء ابنه وفي نهاية الأمر يجده أشلاء أو في بث مسجل يعلن رحيله إلى «الحور العين».
في السابق كانت البيوت تضج خوفا من أن يعود أبناؤهم مقطعين في ثلاجة الأموات بسبب الحوادث المرورية، أما اليوم فإن المحزن للأسف أن البعض عندما يعلم أن ابنه قضى في حادث مروري أو مرض يحمد الله أنه لم يذهب ضحية لحروب خارج بلاده أو عملية انتحارية أو مواجهة لرجال أمن من دمه ورائحته يحمون بلاده، بعد أن سحب إلى تلك المناطق بحجج «النصرة» وغيرها من منضومة الأيدلوجيا المتطرفة، التي سقت القلوب حزنا وخوفا.
إن الحقيقة المرة التي يجب أن يعرفها الآباء اليوم أنهم جزء مهم من تحويل أبنائهم إلى قنابل بشرية موقوته، فمن يتربى على أن يجب أن يكون «رجال» وهو ما زال يتعلم الحبو، سيكبر وهو يبحث عن هذا الرجال الذي يطلبه والده أن يكون حاضرا دائما ولا يخطىء، وإذا كبر وجد أن الرجل الوحيد في المنزل هو والده لا غير، فكم منا لا يثق بابنه وكم منا يرى أنه لا يمكن الاتكال عليه، وكم منا سمع مشورته وكم منا أخذ رأيه في قضية حساسة.
إن أكبر ما نجح فيه رموز الظلام والدعوة إلى القتل هو تعزيز روح الرجولة والمبادرة والقوة، لدى الشباب وإشعارهم بأنهم أصحاب رأي وصانعو قرار وأهل للثقة فأصبحوا أهدافا استراتيجية وسهلة الاصطياد.
إن ما نحتاج إليه حديث صريح مع النفس وبرامج ضخمة وواضحة لتغيير ثقافة التربية في مجتمعنا، ضمن مشروع تقوده وزارات الداخلية، التربية والتعليم، والشؤون الاجتماعية، لتصحيح الكثير من مفاهيم حياتنا المتجمدة بينما الزمن يركض، فلا أعتقد أن مواطنا سيبتسم يوما ويمسح العرق من جبينه وهو يرى ابن كبده مقطعا في حادث ويقول: «الحمد لله أنه لم يمت في عملية انتحارية».
__________________
[SIGPIC][/SIGPIC]
|
|
|