بودي معالي الوزير
بودي معالي الوزير، أن تشرح لي مشكوراً كيف أخرج بوصفة طبية من طاولة طبيب ثم أذهب بها إلى العيادة للختم وانتهي في شباك الصيدلية الضخمة بالاعتذار الجاف إلا من قطعة بالمقص لبضع حبات من البنادول. بودي صاحب المعالي أن تشرح لي قصة (الاعتذار الجاف) عن استحالة صرف مضاد حيوي لحلقي الجاف وعن اختفاء علبة (الهيستوب) وعن الحلم المستحيل بأن أخرج من صيدلية الحكومة حتى بعلبة بخاخ أو شراب مخفف للسعال؟ بودي معالي الوزير أن تشرح لي ماذا تعمل كوادر التموين الطبي وبودي أن تبين لي مشكوراً كيف تكون الصحة سدس موازنة الدولة بالتقريب ثم لا نخرج من شباك الصيدلية إلا بنصف قطعة من بنادول، وبودي أن تشرح لي مع بالغ الشكر أين ذهبت هذه المليارات المرصودة للعلاج أمام الحقائق التالية: ماذا تعمل كوادر الصحة في تاريخ من نصف قرن إذا كانت منطقتي كاملة حتى اليوم بدون مستشفى للأطفال وكأن أطفال هذا المكان لا يمرضون وإذا كانت منطقتي كاملة لنصف قرن دون مستشفى للولادة إلا إذا اعتبرتم متحف أبها للتاريخ الصحي مكاناً ملائماً لولادة طفل جديد. بودي معالي الوزير أن تشرح لي كيف استطاعت بيوت الفقراء أن تؤمن للاحتياط علبة (زيثروماكس) من أجل الطوارئ فلا تستطيع طوارئ الحكومة المليارية أن تؤمن لأهل المدينة عشر علب في اليوم. بودي معالي الوزير أن تسأل القدامى من الثابتين على كراسي وزارة الصحة من قبل أن تأتي إليها كيف يعيش حزام كامل من البشر دون مركز للأورام ودون إبرة كيميائية حتى لسرطان الأظافر أو الشعر. هل لأنهم قبلوا من قبل أن يعيشوا دون مشفى للأطفال ودون سرير حقيقي للولادة فصار من السهل أن يستصعبوا على الحكومة تأمين ما هو أعلى وأهم؟ هل لأنهم لا يحلمون بمضاد حيوي فصار من السهل أن نقنعهم بحبة بنادول؟ هل لأنهم لا يحلمون باستشاري مناوب فصاروا يقبلون بطالب امتياز وهل ستصغر بهم الأحلام كي يقبلوا غداً مجرد الكشف على أيدي ممرضة؟ معالي الوزير: هل لهؤلاء حق حتى في شيء مما يسمعون به من المليارات والملايين؟