كلما تذكرت إجهاض مشروع " بيع النساء للملابس الداخلية " أشعر بحرة وبحسرة شديدة، وأحسب أن الذين وقفوا أمام هذا المشروع لم ينصحوا للنساء ، ولم يراعوا المصالح الشرعية ، وهاهو الوضع يسير على ماكان عليه في صورة مقرفة ومقززة لا يرضاها صاحب الحس السليم ..
في تلك الفترة جاءتني أختي متحمسة مع من يقول بالمنع والممانعة ، فقلت لها يا أختي الكريمة ، أتركي كل ما يردده الممانعون ، وأجيبيني انت دون أن تحملي هم غيرك الآن ، أنت .. أيهما أحسن لك ، أن تدخلي لتشتري ملابسك من رجل أم من امرأة ، فقالت : بل أشتري حاجتي من أمرأة أحسن وأستر وأكثر حرية في الاختيار ، وأبعد عن كسر الحياء ، فقلت لها ، فالزمي هذا ولا يهمك غيره !
إن من الخزي والعار أن تدخل النساء على رجل لتشتري منه حاجاتها الخاصة ، وهاهم العمال اليوم يتفننون في معرفة ملابس نسائنا الداخلية ، فيأتي لها بالمقاس بمجرد أن تقبل ، ولربما اقترح عليها حلولا جيدة للمقاسات ، فهو يصعد نظره فيها ثم يقول لها المقاس ، فيعرف مقاس الأرداف والصدر وغيرها من المواضع ، فيدخل معها في أخص حاجاتها التي لا يراها إلا زوجها ، فأي دماء باردة تقبع في أجسادنا ونحن نرى مثل هذه المشاهد ، وخاصة حين يكون البائعون من أصحاب الشعور الشقر والعيون الزرقاء والقصات الجميلة ، والصدور المفتوحة .
الكثير ممن يقف أمام مثل هذا المشروع مصاب بهاجس الفساد ، ولا يدرك أن هذا العمل هو فساد مقنن ومرتب ومحمي ، فإن كان هؤلاء يخشون من دخول رجل على بائعة في محل ، فإن المرأة تدخل للسوق في الصباح الباكر وتسوح في المحلات بلا رقيب ولا حسيب ، وتخلو بمائة بائع دون أن يحرك أحد ساكنا ، ولا أظن أحدا سوف يتجرأ على دخول محل مكتوب عليه " للنساء فقط " ، وها نحن نرى أنه من المستحيلات ان يدخل رجل على دورة مياه مكتوب عليها " للنساء " ، وحتى في الغرب لا يجرؤ أحد على دخول محل بهذه المثابة ، فهذا وهم من الأوهام التي تعشش في ضمائرنا وقلوبنا .
إن مثل هذا الأمر نستطيع ترتيبه بأمر يرضي الممانعين ، ويحقق المصلحة منه ، وذلك باتخاذ الخطوات التالية :
1- منع بيع الرجال للملابس الداخلية وما يتعلق بها قطعيا .
2- توظيف النساء في البيع بهذه المحلات ويمكن أن يحدد العمر للموظفة بناء على وضعها الاجتماعي لكي تستفيد من الفرصة الوظيفة وتحدد مرتب لها .
3- اما تغذية المحل بالبضاعة فيكون في يوم الجمعة بحيث لا يكون في وقت فيه دوام للنساء .
4- وضع بوابات خاصة على المحل ، بحيث تكون معزولة عن الأنظار الخارجية ، ويكتب على المحل " خاص بالنساء " .
5- وضع كميرات مراقبة في الأسواق على المحلات لضمان عدم تسلل أحد من الرجال إلى هذه المحلات .
6- تعيين رجل أمن في كل سوق للتبليع عن حالات الاعتداء المراقبة إضافة إلى رجال الحسبة .
7- إغلاق محلات النساء قبل أغلاق السوق بساعة على الأقل .
إضافة إلى الاقتراحات التي ممكن أن يتقدم بها الإخوة لإثراء هذا الموضوع الهام .
إن مثل هذا المشروع الذي يحتاج إلى دراسة وجرأة سيحقق لنا مكاسب كبيرة ، ليس أقلها حفظ كرامة النساء من هذا النوع من الاستخفاف بهن حين يتدخل الباعة في خصوصياتهن ، وتوفير الفرص الوظيفية الكثيرة لمجموعة كبيرة من النساء اللاتي يبحثن عن فرص ، وهذا لا شك سوف يقضي على مشكلات اجتماعية كثيرة ، ويتيح للعوانس والأرامل والمطلقات فرصا تغني فيها نفسها عن السؤال ، وخاصة في غياب قانون حقوقها المنتهكة .
إن مثل هذا المشروع ، ومهما ترتب عليه من المفاسد الحقيقة ، أو المفاسد المتوهمة لهو أفضل ألف مرة من بقاء الوضع على ماهو عليه ، فحري بأصحاب القرار أن يسارعوا إلى دراستة والعناية به .
وإني أوجه رسالة للممانعين لهذا الموضوع وأهمس في آذانهم : ليس كل ما يقدمه الخصوم المفترضون هو شر محض وبلاء ويريدون منه الشر والفتنة ، فالحق أحق أن يتبع ، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها ..
والله تعالى اعلم ..
منقول