من يلجأ اليه اولاً ..المرأة أم الرجل ؟ : الاعتذار بين الناس .. يسهم في التخفيف من حدة الخلافات بين الطرفين
"أنا آسف".. "حقك علي" ، "كلمات بسيطة جدا ولكنها كالسحر في تأثيرها ، والمبادرة في البوح بها تشكل ترجمة حقيقية لحالة الحب والمودة بين الزوجين ، وهي ايضا رسالة تحمل الاعتراف بالمسؤولية تجاه أي تصرف غير مقصود صدر من ايهما في حق الآخر ، اما ما نراه احيانا من اصرار بعض الازواج على عدم الاعتراف بالخطأ ، واعتبار الاعتذار تنازلا مهينا ، فهو بالتأكيد من السلبيات التي يؤدي التمادي فيها الى تحويل الحياة الزوجية الى جحيم لا يطاق.
البداية كانت مع تهاني طه صافي"موظفة"تقول : ان كلمة صغيرة مثل كلمة "عذراً"تجاه موقف نعتقد ان به نوع من الخطأ تقربنا كثيرا ممن نحب ، وأحياناً تكون كافية لنتجاوز بها مشاكلنا.
وتضيف طه: هذه الكلمة وغيرها من وسائل التعبير عن الاعتذار يتحقق بها الود والمحبة بين اطراف النزاع ، وتنزع البغضاء من قلوب البشر ، وتُذيب كل الجليد في علاقاتهم وتداوي جراحهم وتُذهب الأسى وتفتح أبواب الصفاء من جديد.
معان جميلة
ولفتت طه النظر الى ان كلمة"عذراً"كلمة تحمل بين حروفها معاني جميلة ، فمثلاً العين من العفو ، الذال من الذكاء ، الراء من الرحمة ، الألف من الأمل ، والتنوين يزينها فهو النغم أقول عذراً ولا أخجل .. فهي قوة وليست ضعفاً ، تعلي من نفسك أمام نفسك وأمام كل من حولك ، فعندما أعتذر من أبي يصفح ويسامح ويحتويني ، وأعتذر من أمي فتفيض حناناً ينعشني ، وأعتذر من زوجي فيُغدقُ حباً وتقديراً يغمرني ، أعتذر من أولادي فيتعلموا قيمة جديدة تسعدني ، أعتذر من صديقتي فتزداد الروابط فتفرحني ، أعتذر من زميلتي فتتجدد الثقة وتقويني ، وقبل كل هؤلاء ، أعتذر من"ربي"فيمن على بالفضل والكرم والغفران ، فعذراً هي أعجوبة الكلمات ، تفتح لك الحسنى وزيادة ، فهي مفتاح الخير ، مغلاق الشر فلكي تكون قوياً يجب ان تمتلك القدرة على قول عذراً كما تملك الجرأة على الإساءة ومهما كانت الإساءة صغيرة ، ومهما كانت كبيرة ، كلمة عذراً كفيلة بأن تغسلها ، فطوبى لمن كان"الاعتذار" إحدى مفرداته ، ومحروم من لا يستخدم هذه المفردة في حياته.
مهارة اتصال
من جانبه يقول جبر حسين"مرشد تربوي"أن الاعتذار مهارة من مهارات الاتصال الاجتماعية وظاهرة صحية في نفس الوقت ، لأنه تحمل للمسؤولية مع الرغبة في إصلاح الوضع ، كما أنه جواز مرور لمشاعر أفضل بين قلوب المحبين ، وبوجه عام تتميز المرأة بأنها أكثر قدرة على الاعتذار والتسامح من الرجل ، لأنها رمز للحنان واللين بعكس بعض الرجال الذي يرون أن في الاعتذار ضعف للشخصية.
موقف صعب
واعتبر حسين ان الاعتذار من أصعب المواقف التي يمكن ان تتعرض لها الزوجة أو الزوج عند حدوث اي خلاف عائلي ، فالمرأة تخشى ان تعتذر لزوجها أو للرجل الذي تحبه خوفاً من ان يدفعه هذا إلى التقليل من شأنها أو فقدان الثقة بها ، خاصة وان صورة المرأة مازالت في حاجة إلى تصحيح في أذهان الرجال الذين توارثوا مفاهيم خاطئة حول عدم قدرتها على التصرف أو تحمل المسؤولية ازاء بعض المواقف ، كما أنها تعلم جيداً ان الرجل غالباً ما يحاول تحميلها سبب فشل العلاقة بينهما ، والاعتذار قد يكون حجة له ليلقي على عاتقها أسباب هذا الفشل.
أقصر الطرق
وترى نوال صالح"مرشدة اجتماعية"ان الاعتذار المباشر هو أفضل وأقصر الطرق للتراضي بين الزوجين ، وما من عيب في ذلك إذا ما شعر أحد الطرفين بأنه أخطأ في حق الآخر وسارع ليبادر بالأسف عما بدر منه ، خاصة إذا كان في تصرفه إهانة أو تقليل من قدر الآخر ، فكلمة"آسف" أو "سامحيني" ليست بالصعبة أو المستحيلة ، ولا تعني ان صاحبها قلل من قدر نفسه أو قدم تنازلاً كبيراً ، كما أنها ليست انتصاراً للطرف الآخر كما يعتبرها البعض.
يشكل مشاكل
وتضيف صالح أنه من النادر أن يعتذر الرجال لزوجاتهم وهذا ما يسبب أغلب المشاكل الزوجية ، حيث يعتقد الزوج أن المشكلة التي حدثت بينه وبين زوجته يجب ان تنتهي ، وعليهم ترك الخلاف والمبادرة بها سواء اكان ذلك من طرف الرجل او المرأة ، لكي يحافظوا على حياتهم الزوجية ، وعلى الرجل ان يكون سباقاً في الاعتذار اذا صدر منه اي خطأ ، وعليه ان يعي ان الزوجة أنثى وإنسانة حساسة تؤثر عليها أي مشكلة تمر بها.
انواع الاعتذار
ولفتت صالح الى أن هناك طرقاً عديدة للاعتذار ليس فقط بقول كلمة"آسف" التي يعتبرها بعض الرجال طريقاً لنهاية المشاكل بدون قناعة من داخله ، ومن اهم الطرق هي الخروج من المنزل بصحبة زوجته والتحدث في اي موضوع اثار الخلاف بينهما بعيدا عن أعين الآخرين ، وحبذا لو كان ذلك في احد المطاعم أو المقاهي ذات الجو الرومانسي ولا بأس ان يهديها وردة تعتبر كبلسم شاف للجرح الذي تسبب به الزوج لها .
ليست صعبة
واختتمت صالح بالقول ان الاعتذار المباشر هو أفضل وأقصر الطرق للتراضي بين الزوجين ، وما من عيب في ذلك إذا ما شعر أحد الطرفين بأنه أخطأ في حق الآخر وسارع ليبادر بالأسف عما بدر منه ، خاصة إذا كان في تصرفه إهانة أو تقليل من قدر الآخر ، فكلمة"آسف" أو "سامحيني" ليست بالصعبة أو المستحيلة ، ولا تعني أن صاحبها قلل من قدر نفسه أو قدم تنازلاً كبيراً ، كما أنها ليست انتصاراً للطرف الآخر كما يعتبرها البعض.
وتنصح الباحثة المتزوجين او المقبلين على الزواج ، عدم العناد والإصرار على الرأي ، فبعض التنازلات تسيّر الأمور ، وطرد فكرة أن الاعتذار يقلل من قدره أو ان فيه إهانة فلا كرامة بين الأزواج ، هذا بالاضافة لاستذكار الايام الجميلة بينهما ، وتفهم كلا الطرفين لغضب الآخر حتى لا تتفاقم الأمور وتكبر المشكلة.
معرضون للخطأ
اما عبير التميمي عضو جمعية العفاف الخيرية قتقول ان اي شخص معرض لأن يخطئ ويصيب ، والعاقل هو القادر على الاعتراف بخطأه والاعتذار عنه ، وهذا سلوك اجتماعي إيجابي مكتسب ، وبالممارسة والتعليم يتحقق ، كما أنه يدل على حسن سلوك صاحبه وتواصله مع الآخرين ، وقدرته على تصويب ومعالجة أخطائه ومشاكله ، وهذا بدوره يؤدي الى بناء علاقات بشكل صحيح ، لما لهذا السلوك من أثر كبير على الفرد والأسرة والمجتمع.
وتضيف التميمي إن رسولنا الكريم أكد أفضلية الشخص الذي يبدأ بالسلام أو الاعتذار أو التراجع عن الخطأ خلال مدة قصيرة حتى لا تتفاقم الأمور وتتحامل النفوس ويحصل الإعراض والقطيعة بين الناس لقوله صلى الله عليه وسلم "وخيرهم الذي يبدأ بالسلام".
معالجة الامر
واعتبرت التميمي إن المعالجة الآنية لكثير من المواقف هي الطريقة الأمثل لإنهاء ما يحصل ، والعلاقات الاجتماعية عامة والأسرية خاصة عرضة وبشكل كبير ودائم للخلافات والاختلافات في كل يوم ولحظة ، لذا فإن حسن معالجتها وتجاوزها بشكل سوي يساهم في بناء العلاقات واستمرارها الأمر الذي يؤدي إلى بناء مجتمعات سليمة ، أفرادها أصحاء النفوس.
وتقول التميمي أما في الأسرة التي يسعى الزوجين في علاقاتهم لزرع المحبة وروح التفاهم والإخلاص بين أفرادها فإن هناك أمور غير متوقعة قد تحدث في مسيرة حياتهما الزوجية ، لذا على الزوجين أن يختارا الهدف الذي يسعيان إليه في بناء أسرتهما والمحافظة على استقراها وأمنها ، حتى ينطلقا إلى رسم آمالهم وتحقيق طموحاتهم ، فإصرار الزوجين على بلوغ الهدف وتحقيق السعادة بالتسلح بالصبر والإرادة يساعدهما على تجاوز السلبيات أو الأخطاء التي تصدر من أحدهما ، فالسعادة لا تتحقق إلا بالسعي إليها بخطوات أساسها الحب والصبر والتسامح.