التفرقة تزرع الحقد في الأسرة
أبناء مدلّلون وفتيات على الهامشالتفرقة بين الابناء تخلق اجواء عدوانية بينهم
علياء الهاجري – الدمام
التفرقة بين الابناء هي احدى الظواهر الاجتماعية المرفوضة التي شدد الدين الاسلامي على رفضها ، ، وعلى الرغم من ان الأبوين يحرصان على معاملة ابنائهما بطريقة متساوية الا انه في بعض الحالات يندفع الآباء خلف مشاعرهما تجاه احد الابناء الذي قد يعاني من ظروف صحية خاصة أو لطاعة هذا الابن للوالدين وهو ما يترك أثرا نفسيا واحساسا بالظلم لدى باقي الاشقاء .
طلبات واحتياجات هند سالم تروي تجربتها وتقول : انجبت أمي في البداية ثلاث بنات ، ثم أتبعتهن بثلاثة أولاد ، ولكن الولد الأول ظل على الدوام له مكانة خاصة ومميزة .. ويحظى بحب ابي وتفضيله علينا جميعا في كل صغيرة وكبيرة من شئون الحياة ، ومن ناحية تلبية المتطلبات والاحتياجات ، ولم يكن هذا التفضيل علينا فقط نحن الاخوات البنات بل تعداه الى اخوتي الذكور الآخرين الذين شعروا كما شعرنا بهذه التفرقة الواضحة . وتقول هند إن الوالدين كانا يحاولان اخفاء هذه التفرقة الواضحة ولكن تمييزهما للاخ الاكبر كان واضحا وملموسا .. ونلاحظه في تصرفاتهما وطريقتهما في التعامل معه بشكل مختلف عنا نحن البنات وعن اخوتنا الذكور الآخرين ، وظهر هذا التفضيل علينا بشكل واضح عندما مرض الاخ الاكبر وعندما تزوج فأنفق ابي الكثير على زواجه وخصه بعطايا كثيرة من دوننا .
إناث وميـــراث
أما فاطمة عبد الواحد(موظفة) .. فتحكي قصتها عن التفرقة التي تعرضت لها من أفراد اسرتها فتقول : « نشأت في اسرة تفضل الذكور على الاناث وتحرم الاناث من الميراث وتهمل تعليمهن ، ولولا توفيق الله ورعايته لما أكملت دراستي الجامعية» ، وتضيف : « كانت الاسرة تفرق بين الاخوة الذكور والاناث حتى في الطعام حيث يوزع الطعام أولا على الذكور ثم يوزع على الاناث ، وكان خطأ الذكر يغتفر أما خطأ الانثى فلا يغتفر بل يعتبر خطيئة وتحاسب عليه حسابا عسيرا في حين لا يجد الذكر من يحاسبه حين يخطئ بل يلتمس له الجميع العذر بأى حال من الاحوال .. وبأى طريقة على اعتبار انه رجل» ، وتستكمل فاطمة حكايتها وتقول : « لقد حرمني أبي من الميراث كما هو سائد في عائلته وبلدته ، ومع هذا فأنا الذي وقفت بجواره عندما مرض ، وانفقت عليه من مالي بينما تخلى عنه ابناؤه الذكور الذين كان يفضلهم علينا .
ظاهرة خطـيرة
أما المختصون عندما يتحدثون عن نتائج هذا التمييز في المعاملة بين الابناء فيؤكدون على خطورة هذه الظاهرة ونتائجها نفسيا وتربويا ، ويشيرون الى أن بعض الاسر تعطي الحرية الكاملة للابناء بينما تحرم الفتيات من كثير من حقوقها ويتم منعها من حقها من التعليم والعمل بالاضافة الى حرمانها من حقها في الارث وتمنحه للذكر فقط ، ويحذر المختصون من ان هذا التمييز في المعاملة بين الابناء يؤدي الى احساس بالظلم ينتج عنه عقدة نفسية ، وهو ما تؤكده الاخصائية النفسية التربوية رويده راضي قائلة : إن محبة طفل أكثر من الآخر أمر قد يقع فيه بعض الآباء وذلك مرجعه الى القلب .. ولكن يجب على الوالدين عدم إظهار هذا الميل لطفل دون آخر امام اشقائه الآخرين ، . وتشير رويده راضي الى بعض الحالات الخاصة التي تستدعي تعاطفا اكبر من جانب الآباء كأن يكون احد الابناء مريضا وهو ما يدفع الآباء للتعاطف مع الظروف الصحية لهذا الابن او ان يكون سريع البديهة او مطيعا لوالديه .. لكن رويده راضي تشدد على ضرورة التعامل بحرص بين الابناء وان يكون العدل هو الشعار الذي يرفعه الابوان في التعامل مع الابناء . وتنصح الآباء بالتعامل بحرص على المساواة بينهم من حيث العطاء والبذل ، وحتى في الكلمات والمشاعر حتى لا يشعر أي من الابناء بأنه منقوص الحق خاصة في المشاعر وهو ما يمكن ان يقع من الابوين بدون قصد . وتلفت رويده راضي الى التصرفات العفوية التي قد تصدر من بعض الآباء مثل الاحتضان والقبلات وهى تصرفات ينتبه لها الاطفال ، وتؤكد على ضرورة المساواة بين الابناء في توزيع القبلات واللمسات الدافئة ،
آثار نفسـية
وحول الآثار النفسية السلبية التي يتركها التمييز الزائد عن حده المعقول في نفس الأبناء، تقول راضي إن هذا التمييز « يترك عند الإخوة رواسب ألما يبقى حتى الكبر، وقد يصل الأمر لخلق مشاعر حقد وغيرة وكره بين الإخوة الى جانب الشعور بالكره تجاه الأب والأم اللذين لم يعدلا في محبتهما ». وتتابع أن الأمر قد يصل الى انحراف بعض الأبناء أو ارتكاب تصرفات مؤذية وسلبية لمجرد لفت الانتباه .. وقد يصبح الطفل الذي عانى من التمييز ابنا عاقا لأبويه. ولأن موضوع التمييز بين الأبناء قد يصل إلى حد الظلم الذي نهى الله عنه .. فإن الإسلام حرم هذا التمييز ، لأن فيه ظلما وخروجا عن قسمة الله .. وهذه القسمة وصية الله وأمره.
وتنوه إلى أن التربية الصحيحة تقتضي أحيانا مكافأة طفل على سلوك جيد أو تفوق دراسي .. وهذا أمر مباح شريطة ألا يكون بشكل استفزازي لإخوته، مع الحرص ، « على أن توزع المكافآت المعنوية على الجميع بشكل متساوٍ مثل القبل والأحضان وأن لا ترتبط هذه التصرفات بأي ثواب أو عقاب ».
أنواع التمييز
إيهاب حسين الأخصائي النفسي قال : لعل الأبناء قرة عين الآباء ومكمن راحتهم وبهجتهم، ومصدر رزق غير منتظر، تسعد بسعادتهم النفوس، إلا أن الجدير بالذكر ، هو أن كل الآباء لا يحسنون التصرف ولا المساواة بين أبنائهم فيصبحون مصدر نقمة من حيث هم مصدر نعمة، وبتصرفهم هذا يجعلونهم أعداءً لهم دون قصد أو تعمد، فالتمييز ألوان مختلفة وأنواع متعددة ومتنوعة، إلا أننا قد نجد الولد يعاني نوعا واحدا أو أكثر بحسب نوعية الآباء وطبيعتهم .. فمن الناحية المادية أي التمييز في النفقة والمأكل والملبس وواجبات المنزل ومن الضروري جدا تجاوز مثل هذا النوع من التمييز لما له من انعكاسات سلبية قد تؤثر على العلاقة بين الوالدين والأولاد مستقبلاً .. ومن الناحية المعنوية أو العاطفية فالوالدان من الواجب عليهما المساواة بين أبنائهم في الاهتمام والمداعبة والعطف والحنان بل حتى في القبل، فإعلان المحبة للأبناء دون تمييز هي ترجمة لحب وحنان الوالدين ومحاولة منهم للوصول إلى أعلى درجات المساواة، إن لم ينجحوا في ترجمتها وتجسيدها على أرض الواقع عبر التصرفات الفعلية التي تفضح ما قد يخفيه الأب والأم على حد سواء. ومن الملاحظ أنه قد يلجأ الآباء إلى التمييز حتى في التأديب، حيث تسلك وتتبع المراحل مع الابن المفضل فيتوقف التأديب عند الهجر في أصعب الحالات، في حين يتم خرق المراحل والبدء بالهجر مع الابن غير المفضل في أفضل الحالات . ويشير الأخصائي إلى أن المساواة من الناحية المادية دون المساواة المعنوية بين الأبناء تفضي إلى نفس نتيجة عدم المساواة في كلتا الناحيتين، لذا وجب المساواة في جميع الحالات حتى لا تأتي النتائج السلبية وغير المتوقعة وتسير الأمور في طريق غير مستقيم وواضح .
المعاملة المتوازنة تقرّب الابناء من بعضهم البعض
التفرقة تزرع الحقد في الأسرة
منتديات ال حبه العلمية والتقنية
العرض العادي
